الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المنافسة بين أميركا والصين تعيد عملاق اتصالات للساحة

المنافسة بين أميركا والصين تعيد عملاق اتصالات للساحة
5 مايو 2019 02:34

في الوقت الذي يشهد فيه العالم مواجهة بين الولايات المتحدة والصين من أجل التفوق التكنولوجي، تتطلع «نوكيا كورب»، رائدة الهواتف المحمولة في السابق، إلى الاستفادة من كلا الجانبين.
والشركة الفنلندية، التي كانت قد اختفت تقريباً، حولت نفسها إلى مصنع عالمي لمعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية، مثل معدات الهوائيات الخلوية، ومفاتيح الهواتف، وأجهزة التوجيه عبر الإنترنت، والمكونات الجديدة لأنظمة الجيل الخامس للاتصالات اللاسلكية، وهي الآن الشركة رقم 2 في العالم في هذا المجال بعد شركة «هواوي تكنولوجيز» الصينية.
وفي الولايات المتحدة، منعت الحكومة مبيعات هواوي، بسبب مخاوف من أن السلطات الصينية قد تسيطر على معدات هواوي لتعطيل الاتصالات الأميركية أو التجسس عليها، كما تدفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حلفاء مثل بريطانيا وألمانيا واليابان إلى أن تحذو حذوها.
وقد يساعد هذا التوجه الأميركي نوكيا في التسويق، خاصة أنه يأتي في الوقت الذي يستعد فيه العالم لترقية الأنظمة اللاسلكية إلى الجيل الخامس، وهي تقنية فائقة السرعة لن يمكن الاستغناء عنها لتشغيل السيارات من دون سائق والمصانع التي تعتمد أساساً على الإنترنت.
وبالفعل قدمت نوكيا نفسها كبديل لـ «هواوي» في الدول التي تتحفظ على التعامل مع الشركة الصينية استجابة لتصعيد الولايات المتحدة.
وقال راجيف سوري، الرئيس التنفيذي لنوكيا، في فبراير الماضي، إنه من دون أنظمة الجيل الخامس الآمنة، فإن «الأسرار التجارية الأساسية، مثل ابتكارات الطائرات، والتركيبات الدوائية، وتصاميم السيارات الكهربائية ستكون متاحة».
في الوقت نفسه، بينما تستفيد نوكيا من الحملة التي تشنها الولايات المتحدة ضد هواوي، تسعى الشركة الفنلندية إلى وضع قدم في السوق الصينية، وذلك من خلال مشروع مشترك مع شركة صينية مملوكة للدولة.
وتوظف نوكيا نحو 17 ألف شخص في منطقة الصين الكبرى، التي تضم أيضاً هونج كونج وتايوان، وهذا يساوي نحو ثلاثة أضعاف عدد موظفيها في فنلندا، كما تدير الشركة مصنعاً و6 منشآت بحثية في المنطقة.
وقال سوري خلال مقابلة في مقر «نوكيا» في إسبو بفنلندا «نريد أن نكون أصدقاء للصين». يذكر أن سوري يعمل في مجلس الرؤساء التنفيذيين في الخارج التابع لرئيس مجلس الدولة الصيني، والذي يقدم المشورة لحكومة بكين بشأن الأعمال التجارية، وقال سوري: إن هدفه هو أن «يكون أكبر مورد أجنبي للصين».
وفي العام الماضي، مثلت أعمال نوكيا في منطقة الصين نحو 10% من مبيعاتها، أو ما يعادل 2.4 مليار دولار.
في الوقت ذاته، أعلن ريستو سيلازما، رئيس مجلس إدارة نوكيا، الرئيس المشارك لاتحاد الأعمال الصيني الفنلندي المشترك، عن إنشاء وحدة تابعة لنوكيا، مخصصة لمساعدة شركات الإنترنت الصينية على التوسع في الخارج. وأضاف «أعتقد أن الثقة هي أساس العلاقة بين الصين وفنلندا».
ولمحاولة الاستفادة من وجود خلاف بين الولايات المتحدة والصين، تتبع نوكيا استراتيجية استخدمتها فنلندا خلال الحرب الباردة، حيث كانت الدولة المتحالفة مع دول أوروبا الغربية، في حين كانت تتبع سياسة التهدئة مع جارتها الشرقية، كتلة الاتحاد السوفييتي.
ويبدو أن استراتيجية نوكيا تسير قدماً، ففي يوليو، وقعت الشركة الفنلندية صفقة بقيمة 1.1 مليار دولار لتوفير معدات وخدمات لشركة «تشاينا موبايل» الصينية، أكبر شركة للهواتف المحمولة في العالم من حيث عدد المشتركين.
وبعد 3 أسابيع، حصلت على صفقة بقيمة 3.5 مليار دولار لبيع معدات وخدمات الجيل الخامس للاتصالات اللاسلكية لشركة «تي موبايل» في الولايات المتحدة.
رغم ذلك، فإن أمام نوكيا طريق طويل للحاق بشركة هواوي، التي بدأت في التوسع إلى ما وراء الصين قبل عقدين.
وحققت هواوي أول خطوة خارجية لها قبل أعوام عديدة، عندما فازت بأول عقد لها في دولة نامية يقضي بمد شركة اتصالات بمعدات رخيصة السعر وذات كفاءة عالية، أما في الصيف الماضي، فقد أقامت شركة اتصالات لاسلكية فنلندية شبكة لأنظمة الجيل الخامس واختارت هواوي لتوصيل خدمة الواي فاي عالية السرعة مباشرة إلى المنازل.
وقالت فيلي ماتي ماتيلا، الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات الفنلندية، إليسا، التي تستخدم معدات الشبكات من هواوي ونوكيا وإريكسون، إن «هواوي هي الشركة الوحيدة التي يمكنها تحقيق أهدافنا».
وقال سوري، الرئيس التنفيذي لشركة نوكيا، «يمكن أن يجذبك منتج واحد أو اثنين من المنتجات التي نقدمها. لكننا نواجه منافسة بشكل عام».
وعبر التاريخ طورت نوكيا من نشاطها التجاري، ففي عام 1865 بدأت كشركة للأخشاب، واشتق اسمها من اسم نهر نوكيانفيرتا في فنلندا. وعلى مدار قرن من الزمن، تنوعت نشاطات نوكيا لتشمل إنتاج المطاط والإلكترونيات، وصنع الأحذية وإطارات السيارات وأقنعة الغاز وأجهزة الكمبيوتر.
وفي الثمانينيات، كانت نوكيا رائدة في مجال الهواتف وكذلك الهواتف المحمولة. وبيعت أجهزتها الشهيرة، بما في ذلك نوكيا 3310 في كل مكان. وبلغت حصة الشركة من سوق الهواتف المحمولة العالمي فوق 30% خلال عام 2000، وفقاً لشركة أبحاث جارتنر. وفي عام 2008، استحوذت نوكيا على ما يقرب من 40% من السوق.
وبمرور الوقت، تطورت الهواتف الذكية بسرعة، وبشكل شامل لتبدأ حقبة سيطرت عليها أجهزة «آي فون» من «آبل» وكذلك الأجهزة التي تستخدم برنامج آندرويد من «جوجل».
وعندما حاولت نوكيا اللحاق بالتطور العالمي في عالم الهواتف المحمولة، وصلت متأخرة لتقدم هواتف ذكية وجد العملاء صعوبة في استخدامها.
وباعت نوكيا حق تصنيع هاتفها الذكي في عام 2013 لشركة مايكروسوفت مقابل 7 مليارات دولار. وبحلول ذلك الوقت، كانت حصتها في السوق نحو 14%.
ثم توسعت الشركة وقامت بشراء منافستها الفرنسية «الكاتيل لوسنت» مقابل 17 مليار دولار في عام 2015.
وحولت عملية الاستحواذ تلك نوكيا إلى بائع رئيس لأجهزة التوجيه والبنية التحتية الأخرى لمزودي الكابلات والإنترنت، ما دفع الشركة إلى تجاوز منافستها السويدية إريكسون لتصبح اللاعب الثاني في هذه الصناعة على مستوى العالم خلف هواوي.
ولم تشهد نوكيا عاماً مربحاً منذ عام 2015، فقد مرت منذ ذلك الحين بعمليات لتسريح عمال ومديرين تنفيذيين. وفي العام الماضي، سجلت نوكيا إيرادات بلغت 22.6 مليار يورو (25.5 مليار دولار) إلا أنها حققت خسائر تقدر بـ 335 مليون يورو. وفي يناير الماضي، أعلنت مزيداً من تسريح العمال، بما في ذلك 280 في فنلندا و408 في فرنسا.
وقد انتهزت نوكيا فرصة حظر الكونجرس لشركة هواوي لأسباب تتعلق بالأمن القومي في عام 2012، لتحاول تحقيق تقدم في الولايات المتحدة.
وقال سيلازما رئيس مجلس إدارة نوكيا في مقابلة أجريت معه مؤخراً «لقد رأينا أن تلك فرصة مواتية لنكون واحدة من الشركتين الوحيدتين اللتين تقدمان الخدمات اللاسلكية بصورة كاملة».
وقد ساعد استحواذ نوكيا على العملاقين الأميركيين السابقين موتورولا ولوسنت في الحصول على مباركة من واشنطن.
فقد استعرضت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، وهي لجنة للأمن القومي، شراء «الكاتيل لوسنت» في عام 2015 لأن الصفقة شملت معامل «بيل»، وهو مركز أبحاث شهير في نيوجيرسي وذو تاريخ طويل من العمل الحكومي الحساس، وبعد البحث أعطت اللجنة موافقتها على الصفقة.
وبينما استعرضت واشنطن التهديد المحتمل لتقنية هواوي، طلب المسؤولون الأميركيون في ذات الوقت مساعدة نوكيا، وقالت مصادر مطلعة: إن المسؤولين التنفيذيين في الشركة الفنلندية التقوا بمسؤولين من لجان المخابرات بالكونجرس ووكالة الأمن القومي.
وتحصل نوكيا بالفعل على المساعدة في الداخل والخارج. فقد توصلت وكالة تمويل الصادرات الفنلندية إلى اتفاق جديد في عام 2017 مع نظيرتها في كندا لضمان شراء شركة فيريزون كوميونيكيشنز الكندية للاتصالات لمعدات وخدمات نوكيا، بقيمة لا تقل عن 1.5 مليار دولار.
وفي مثل هذا النوع من الصفقات، عادة ما يقوم بنك البلد المصدر بتمويل مثل هذه الصفقات. إلا أن جوسي هاراسيلتا نائب الرئيس التنفيذي لوكالة تمويل الصادرات الفنلندية قالت: إن الوكالة تبحث توقيع شراكة مع بنك التصدير والاستيراد في الولايات المتحدة حول التمويل المشترك لمبيعات أجهزة نوكيا في الدول الأخرى.
وقال مسؤول في بنك التصدير والاستيراد الأميركي: إن واشنطن تبحث مع هلسنكي طرقاً لتقديم «حزمة تمويل من مكان واحد» للمشترين الأجانب لمعدات الاتصالات من شركات غير صينية، مثل نوكيا.
إضافة إلى ذلك، يقول المسؤولون الأميركيون: إن قانون البناء، الذي وقعه الرئيس ترامب في أكتوبر الماضي، يمكن أن ينشئ شركة تمويل جديدة، يمكنها أن تساعد شركات مثل نوكيا وإريكسون.
وقال أحد المسؤولين: إنه سيكون أكثر حرية «لضمان توافق معاملاتها مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة».
ورغم الحملة التي قادتها الولايات المتحدة ضد هواوي، قامت الشركة الصينية بتوسيع قيادتها في سوق معدات الاتصالات العالمية في عام 2018 بنسبة 28.6 % من العائدات، مقارنة مع نوكيا بنسبة 17% وإريكسون بنسبة 13.4%، وفقاً لمجموعة الأبحاث ديل أورو جروب.

بقلم: ستو ووه

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©