الجمعة 3 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الجزائر: اعتقال شقيق بوتفليقة ورئيسين سابقين للمخابرات

الجزائر: اعتقال شقيق بوتفليقة ورئيسين سابقين للمخابرات
5 مايو 2019 02:31

محمد إبراهيم (الجزائر)

أوقفت السلطات الجزائرية، أمس، كل من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، المستشار السابق للرئيس الجزائري، والجنرال محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الجزائرية، والجنرال بشير طرطاق الرئيس الأسبق للمخابرات. وبحسب وسائل إعلام جزائرية، فإن توقيف السعيد وتوفيق وطرطاق سببه تآمرهم على الحراك الشعبي الذي انطلق يوم 22 فبراير الماضي وأطاح ببوتفليقة بعد 20 عاماً قضاها في الحكم، ومحاولة دفعه إلى مسار دموي، وبناء على وجود أدلة قاطعة بتورطهم في محاولة إجهاض الحراك الشعبي، وتآمرهم عليه، بالتحالف مع أطراف أجنبية. وأشارت وسائل الإعلام إلى أنه من المقرر إحالة الجنرالين توفيق وطرطاق إلى المحكمة العسكرية اليوم الأحد. ولم يصدر بيان رسمي عن السلطات الجزائرية حول اعتقال الأشخاص الثلاثة.
وشهد الأسبوعان الماضيان حركة إقالات في مواقع عدة في الدولة لمسؤولين مقربين من بوتفليقة، كما تم تقديم عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين للقضاء باتهامات تتعلق بالفساد المالي. وكان الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري، قد حذر أكثر من مرة من أسماهم بـ«العصابة» في إشارة للمحيطين ببوتفليقة، وخص بالذكر الجنرال توفيق في أحد خطاباته ووجه له ما قال إنه «إنذار أخير».
واتهم الفريق قايد صالح مرتين أطرافاً داخلية، لم يسمها، بالتآمر على الدولة وتفضيل مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد ومحاولة تعكير صفو سلمية التظاهرات التي تشهدها البلاد للأسبوع الحادي عشر على التوالي. ويرى الجزائريون أن السعيد بوتفليقة كان يدير البلاد في السنوات الأخيرة عقب اعتلال صحة أخيه الذي أصيب بجلطة دماغية في 2013 أقعدته عن الحركة والكلام، حيث شغل السعيد منصب مستشار الرئيس الجزائري لأكثر من 10 سنوات، بينما يعتقد أن الجنرال توفيق الذي يطلق عليه البعض «رب الجزائر» حاول أكثر من مرة الدفع بمسيرات الحراك الشعبي نحو العنف وإثارة النعرات الانفصالية خاصة في منطقة القبائل. وأقيل طرطاق من منصبه بعد استقالة بوتفليقة في مطلع أبريل الماضي، على خلفية مشاركته في اجتماع مشبوه يوم 30 مارس الماضي كشف عنه الفريق قايد صالح في إحدى خطاباته، بهدف إقالة الأخير من منصبه على رأس الجيش الجزائري بعد انحيازه لصف الحراك الشعبي.
ومع دخول الحراك الشعبي في الجزائر أسبوعه الحادي عشر، تزداد الهوة بين مطالب الحراك وبين قصر المرادية الرئاسة الذي يسكنه الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح. ويرى نشطاء في الحراك أن سبب هذه الهوة هو عدم الاستجابة لمطالبه بالإطاحة برموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من المشهد السياسي واللجوء للحل السياسي، فيما ترى السلطة في الجزائر أن مطالب الحراك تبدو غير منطقية، فيما تصر على تطبيق الحل الدستوري.
ويطالب الحراك الشعبي بحل سياسي يشمل مرحلة انتقالية تمتد من 8-12 شهراً لإتاحة الفرصة للأحزاب السياسية والحراك خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما يرى النظام الجزائري أن الحل الدستوري المعتمد على تطبيق المادة 102 من الدستور هو المخرج الآمن للفترة الحالية، وبدأ تنفيذه بالفعل.
وتنص المادة 102 من الدستور الجزائري على أنه «في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويُثبِت الشّغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة، وتُبلّغ فوراً شهادة التّصريح بالشّغور النّهائيّ إلى البرلمان الّذي يجتمع وجوباً. ويتولّى رئيس مجلس الأمّة مهام رئيس الدّولة لمدّة أقصاها 09 يوماً، تنظّم خلالها انتخابات رئاسيّة. ولا يَحِقّ لرئيس الدّولة المعيّن بهذه الطّريقة أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة».
وبدأ تطبيق هذه المادة بالفعل بعد استقالة بوتفليقة طلع أبريل الماضي، حيث اجتماع البرلمان الجزائري بغرفتيه (مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني) وقرر تعيين عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة رئيساً مؤقتاً. وغداة تعيينه، أعلن بن صالح الدعوة للانتخابات الرئاسية يوم 4 يوليو المقبل، وتم فتح باب الترشح لها، وتقدم لها حتى مساء الخميس الماضي 61 مرشحاً محتملاً، فيما انتهت في 23 أبريل الماضي عملية مراجعة وتنقية القوائم الانتخابية.
ورغم أن الحل الدستوري بدأ تطبيقه بالفعل، إلا أن الحراك الشعبي لم يتوقف وطالب قياداته بحل سياسي يستند للمادتين 7 و8 من الدستور اللتين تنصان على أن «الشّعب مصدر كلّ سلطة».
و«السّيادة الوطنيّة ملك للشّعب وحده»، و«السّلطة التّأسيسيّة ملك للشّعب. يمارس الشّعب سيادته بوساطة المؤسّسات الدّستوريّة الّتي يختارها. يمارس الشّعب هذه السّيادة أيضا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثّليه المنتخَبين. لرئيس الجمهوريّة أن يلتجئ إلى إرادة الشّعب مباشرة». إلا أن الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري، أعلن أكثر من مرة دعم الجيش للمرحلة الانتقالية الحالية، ولتطبيق المسار الدستوري، واصفاً بعض المطالب في الشارع بأنها «تعجيزية». ولجأت الدولة الجزائرية إلى عدة إجراءات من شأنها تهدئة الشارع مثل حملة إقالات في صفوف رجال بوتفليقة في كافة المجالات، إضافة إلى تقديم مسؤولين حاليين وسابقين ورجال أعمال مقربين من بوتفليقة إلى القضاء بتهم الفساد المالي». واستخدم الفريق قايد صالح مصطلح «العصابة» في أكثر من خطاب له، في إشارة إلى الدائرة المقربة من بوتفليقة من المحيطين به.
وعكست تظاهرات الجمعة الماضية، إصرار الحراك الشعبي على تحقيق مطالبه، معتبراً أن أي محاولات من السلطة هي التفاف على مطالبه، خاصة فيما يتعلق بتنحي رموز نظام بوتفليقة. ويرى إبراهيم شريف أستاذ القانون بجامعة الجزائر أن الحل الدستوري هو الطريق الذي اختاره الجيش وبدأ تنفيذه وصولا إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد. ويقول شريف لـ«الاتحاد» إنه «لا شك أن الاعتماد على الدستور هو أمر حميد، ولكن كان يجب إقناع الشارع بهذا الحل»، مضيفاً أن الدستور حدد آليات انتقال السلطة في حالات شغور منصب الرئاسة للعجز الصحي أو الوفاة أو الاستقالة، ولم يكن هناك مجال لتجاهل النص الدستوري. ويضيف أن المطالبة بتطبيق الحل السياسي تعني تعطيل العمل بالدستور، وهو أمر لا يحمد عقباه في أي دولة، لذلك كان من الأسلم تطبيق الحل الدستوري، وصولا إلى انتخاب رئيس جديد. ومنذ توليه منصبه، يجرى بن صالح مشاورات مع قوى سياسية مختلفة رغبة منه في تشكيل هيئة وطنية مستقلة تتولى التحضير والإشراف على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما دعا له في خطابه الأول والوحيد للشعب الجزائري منذ توليه منصبه. ورغم تعدد المشاورات وامتدادها لأكثر من أسبوعين فإنها لم تفض إلى نتيجة، ومازالت الهيئة في علم الغيب، رغم أن موعد غلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية سيكون في 25 مايو الجاري.
ودعا بن صالح أكثر من 100 حزب وشخصية سياسية إلى لقاء تشاوري قبل أسبوعين قاطعته أغلب الأحزاب، وهو ما عكس عمق الهوة بين الجانبين، مما دفع الفريق قايد صالح إلى اتهام بعض الأطراف، لم يسمها، بعرقلة الحوار. المحلل السياسي الجزائري علي داسة، يتفق مع دعوة الفريق قايد صالح بأن الحوار هو الحل للخروج من حالة الانسداد السياسي الحالية. ويقول داسة لـ«الاتحاد» إن «يجب الإسراع في عقد جلسة تشاورية للأحزاب، خاصة أن الكثير منها أبدى تجاوباً مع دعوة الجيش للحوار، مع تحديد جدول زمني وآلية وأجندة واضحة للحوار». واعتبر أن استمرار الوضع الحالي يضر بالاقتصاد الوطني، وقال «الفريق قايد صالح كشف مرتين عن مؤامرات تم ضبط مسلحين فيها، يجب السيطرة على الأوضاع قبل أن تتدهور». وأضاف «الكل مطالب بتقديم تنازلات حتى تسير السفينة، ومن يتقاعس عن ذلك فليتحمل المسؤولية».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©