الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

المفكر السوداني حيدر إبراهيم لـ«الاتحاد»: ضربة قاصمة للإسلام السياسي في السودان .. وبناء الدولة المدنية الحديثة أولوية

المفكر السوداني حيدر إبراهيم لـ«الاتحاد»: ضربة قاصمة للإسلام السياسي في السودان .. وبناء الدولة المدنية الحديثة أولوية
29 ابريل 2019 03:27

أسماء الحسيني (القاهرة)

أكد المفكر السوداني الدكتور حيدر إبراهيم رئيس مركز الدراسات السودانية أن الإسلام السياسي تلقى هزيمة حقيقية وضربة قاصمة في السودان الذي كان يعول عليه أنصار ذلك التيار في المنطقة، نظراً لموقع السودان الاستراتيجي في المنطقة العربية والقارة الأفريقية. وقد كانت سيطرتهم على السودان تمثل قاعدة لانطلاقهم في القارة الأفريقية والمنطقة العربية. وقال إبراهيم إن بناء الدولة المدنية الحديثة في السودان الآن أولوية قصوى.
وأضاف إبراهيم أن الثورة السودانية تميزت بميزات لم تتميز بها الثورات السابقة، أهمها مشاركة العنصر الشبابي والعنصر النسائي، بما يعني أن القوى التقليدية لم تقد هذا الحراك، وبالطبع ليس مطلوباً عزلها، لكن ما أود قوله، إن المعارضة التقليدية لنظام الإنقاذ ظلت 30 عاماً غير قادرة على الوصول لأدوات لإسقاط هذا النظام، وقد تشكل التجمع الوطني الديمقراطي منذ وقت مبكر بعد انقلاب 1989، لكنه لم يصل لطريقة فعالة لإسقاط نظام الجبهة الإسلامية، وربما كانت أكبر مشكلاته أنه يعمل من خارج السودان، بخلاف هذه الأجيال الجديدة الشابة، التي لديها أدوات جديدة، فهم أبناء العولمة، وليس لديهم مصالح في السلطة والثروة، وقد شكل هذا العامل فارقاً حقيقياً، وساهم في نجاح ثورة الشعب السوداني.
وحول مدى تفاؤله بنجاح التغيير في السودان حتى النهاية، قال المفكر السوداني: أنا لست متفائلاً فحسب، بل متيقن أن هؤلاء الشباب سينجحون في النهاية. ولكنه يرى أن أكبر الصعوبات التي تواجه التغيير في السودان هي أن النظام الشمولي السابق استطاع عبر التمكين جعل الدولة كلها دولة عقائدية، وهو ما ينبغي الآن التعامل معه بحيطة وحذر.
وقال: إن الأيام القادمة ستثبت إلى أي مدى سيكون انحياز الجيش إلى الشعب انحيازاً حقيقياً، وأعرب عن أمله أن تقوم شراكة حقيقية بين القوات المسلحة السودانية وقوى إعلان الحرية والتغيير، بعد أن أبدى المجلس العسكري الانتقالي الرغبة في التعاون مع قوى المعارضة، ليقوموا معاً بتفكيك دولة النظام القديم بجدية شديدة، وأوضح أن هناك الكثير من التباطؤ في هذا الأمر، حيث لم تعقد حتى الآن أي محاكمات للمتورطين في قضايا الفساد أو عناصر الأمن المتورطة في قتل المتظاهرين.
وشدد إبراهيم على ضرورة أن يقوم المجلس العسكري بإعادة الثقة مع الجماهير، واتخاذ إجراءات حازمة ضد النظام القديم، ليعلن القطيعة معه، حيث إن هناك شكوكاً كبيرة بشأن وجود عناصر من الطابور الخامس في المجلس، تعمل على عرقلة كل الخطوات من أجل التغيير، وهذه هي العقبة الرئيسية.
وأوضح أن هناك مطالب شعبية شرعية لم يستجب لها المجلس العسكري حتى الآن، وهناك لجنة مشتركة أعلن عن تشكيلها لحل المعوقات ومن بينها قضية المجلس السيادي المختلف عليها، فلماذا يتسرع الناطق باسم المجلس ليعلن أن المجلس لن يتخلى عن تكوين مجلس السيادة من العسكريين، لابد من حسن نية، وطالما هناك لجنة مشتركة لماذا يتسرع بالتصريح، ويضيف: يبدو أن هناك عناصر تسعى لعرقلة أي تقارب بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وهذه العناصر لابد من إبعادها. وأكد أنه يفترض الاتفاق على مجلس مشترك مختلط من العسكريين والمدنيين هو الحل، وقال إنه في حال الاتفاق على تشكيل حكومة قومية سيتراجع خطر الثورة المضادة.
وأعرب عن اعتقاده أن السودان لن يكون عرضة للفوضى، لأن السودانيين أصروا على سلمية احتجاجاتهم منذ اليوم الأول، ولم يضربوا عربة أو يكسروا زجاجة، لكنه أردف أن هناك حاجة للتوصل إلى اتفاق سلام سريع مع الحركات المسلحة. وأوضح: هناك فرصة الآن لبناء وحدة السودان على أسس سليمة، ووجود المناطق والشعوب المهمشة داخل المعادلة شرط أساسي لتحقيق السلام في السودان. وقال: إن السودان في عهده الجديد ينبغي أن ينتهج سياسة خارجية مستقلة.
وحول كيفية خروج السودان من أزمته الاقتصادية الراهنة، قال إبراهيم: إن السودان ما زال يتمتع بموارد طبيعية هائلة لم تستغل، ويمكن أن ينهض نهضة حقيقية، إذا ابتعد عن الفساد، وتحول الشعب إلى شعب منتج، وليس مستهلكاً فقط، وأضاف: أن السودان يمكن أن يصبح سلة غذاء للمنطقة كلها، وهي الفكرة المطروحة منذ فترة طويلة دون تنفيذ، فالمياه والأراضي الخصبة متوافرتان لديه.
وأشار إلى أن هناك عنصراً آخر إيجابياً، متمثلاً في الأعداد الكبيرة من السودانيين في الخارج، وقال: إن هؤلاء يمكن أن يساهموا بشكل إيجابي، إذا وجدوا حكومة جديدة تريد أن تبني نهضة حقيقية، ومتى انتفى الفساد.
وطالب إبراهيم السودانيين بالوحدة، وبناء دولة سودانية موحدة وحديثة ومدنية، وقال: إن هذه هي الأولوية القصوى في الوقت الراهن، وحذرهم في الوقت ذاته من عودة النظام القديم بأشكال مختلفة.
وعن الموقف الإقليمي والدولي من انتفاضة السودانيين، قال: لقد ترك الشعب السوداني وحيداً في مواجهة نظام الجبهة الإسلامية، ولابد من إعادة النظر في ذلك، فالتعامل لا ينبغي أن يكون مع الحكومات فقط، وإنما لابد من مد جسور التعاون مع الشعب السوداني، وأن يعلم المجتمع الدولي أن السودانيين العاديين لا صلة لهم بالإرهاب، وأن يتم رفع اسم السودان فوراً من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©