الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تويتر «دبلوماسي» سلاح القرن الـ21

تويتر «دبلوماسي» سلاح القرن الـ21
13 يناير 2019 02:57

دينا مصطفى (أبوظبي)

يلعب موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» دوراً محورياً في تغيير وجه الدبلوماسية المعاصرة والاتصال السياسي بين قادة السياسة والرأي العام، إذ استطاع السياسيون حول العالم التعبير عن آرائهم ومخاطبة الرأي العام بكلمات قليلة بشكل مباشر وغير تقليدي والإعلان حتى عن قراراتهم المصيرية عبر هذه البوابة الجماهيرية.
ونقل هذا القالب غير المسبوق الدبلوماسية الدولية إلى مرحلة جديدة ليصبح نقطة تحول اتسمت بالحيوية والتفاعل النشط بين القادة والجماهير. فلم تعد هناك حواجز بين الجماهير وقادتهم حول العالم سوى «كبسة زر» لتصفح أحدث تصريحاتهم وتعليقاتهم والتعرف أيضاً على أكثر المواضيع نشاطاً والتي تصدرت اهتمام الجماهير. كما قفز «تويتر» بالخطاب السياسي من بيانات رسمية «باردة الملامح» أحياناً إلى تغريدات قصيرة بكلمات نابضة قوية ذات تأثير فوري، لتنافس وسائل الإعلام التقليدية، وتدفع كافة المختصين إلى متابعة ورصد هذه التغريدات لمعرفة أحدث الأخبار وتوجهات الجمهور.

«تويتر» لـ «الاتحاد»: إجراءات صارمة ضد أي مخالف
قال جورج سلامة، رئيس السياسات العامة والعلاقات الحكومية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تويتر في تصريح خاص لـ«الاتحاد»: «إنه في الوقت الذي نشجع فيه مستخدمينا على التعبير عن آرائهم بحرية عبر منصتنا، يتوجب على كل مستخدمي تويتر أن يلتزموا بقوانين تويتر. وإن تنبّهنا لأي سلوك يعارض قوانيننا، سنتخذ الإجراءات الصارمة وفقاً لسياساتنا».
وكان تويتر قد أعلن أنه لن يحجب حسابات زعماء العالم حتى لو كانت تصريحاتهم «مثيرة للجدل»، مشيراً إلى الحاجة لدعم «حوار عام» حول القضايا السياسية. وقال الموقع في رسالة إن «تويتر موجود لخدمة ومساعدة تقدم الحوار العام والعالمي». وأشار إلى أن «قادة العالم المنتخبين يلعبون دوراً حاسماً في هذا الحوار بسبب تأثيرهم الكبير على مجتمعنا».
وأضاف «حجب قائد عالمي من تويتر وإزالة تغريداته المثيرة للجدل سيحجب معلومات مهمة ينبغي على الناس معرفتها والنقاش حولها. كما أن الحجب لن يسكت هذا الزعيم أو ذاك، بل قد يعرقل بالتأكيد النقاشات الضرورية حول كلماتهم وتصرفاتهم».
وأشار إلى أنه «يتم مراجعة التغريدات بوساطة متخصصين في سياق سياسي وفقاً لقواعد محددة، وأنه يجري العمل بقوة من أجل عدم التحيز مع مراعاة المصلحة العامة».

تطور «تويبلوماسي»
بحسب مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة يُطلق مصطلح «تويبلوماسي» (Twiplomacy)، على السياسة عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، حيث انتشر هذا المفهوم اعتباراً من عام 2016، إثر استخدام الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على وجه الخصوص لموقع «تويتر» بشكل يتنافى مع التعاملات السياسية المعهودة، من خلال تغريداته التلقائية، التي استخدمها على الدوام في كافة التصريحات السياسية.
وساهم تويتر في تسريع تغيير النظام العالمي، من خلال كونه ساحة يتواجه فيها الحلفاء والأعداء بأساليب متشابهة عبر تغريدات «تيبلوماسية»، ومن هنا تأتي الحاجة لتناول أسباب ونتائج التحول من مضمار السياسة الطبيعية إلى السياسة عبر تويتر.

خبراء: «تويتر» الأداة الدبلوماسية الأولى بعد الثورة على الإعلام التقليدي
أجمع الخبراء على أن منصة «تويتر» أصبحت المصدر الأول والأسرع للأخبار في العالم، وأن الجمهور أصبح ينتظر تصريحات كبار القادة السياسيين وتفاعلهم مع القضايا الهامة، عبر التغريدات على «تويتر»، وليس على وسائل الإعلام التقليدية ولا الصحف.
وفي هذا الإطار، أكد دكتور محمد علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن منصة «تويتر» قد مرت بثلاث مراحل، الأولى، كان «تويتر» في البداية مجرد شبكة للتواصل الاجتماعي وموقع لتبادل الآراء بين الأصدقاء، ثم بعد عدة تغطيات إخبارية، من بينها سقوط طائرة في الولايات المتحدة والخبر الخاص بوفاة بن لادن، وغيرها من الأخبار تحول من مجرد شبكة اجتماعية ليصبح المصدر الأول والأسرع للأخبار في العالم.
وأكد الخبير الإعلامي في اتصال هاتفي من القاهرة أن «تويتر» سرق السبق من وسائل الإعلام التقليدية وحتى بعض التطبيقات الإخبارية ومنذ عام 2016 تطور ليتحول إلى أداة دبلوماسية رسمية بعد إعلان ترامب لثورته الرسمية على الصحف والقنوات التلفزيونية التقليدية، خاصة بعد أزماته مع «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» و«سي إن إن».
وشدد على أن منصة «تويتر» كانت أحد الأدوات في الانتخابات، وخاصة الأميركية للحشد وتحليل البيانات ولكن ما فعله ترامب هو توظيف «تويتر» في نقل آراء يومية وقضايا حيوية ومعرفة رد الفعل الجماهيري بشكل فوري، وبالتالي أُضيف هذا الدور الجديد، فبدلاً من وجود حساب تقليدي على «تويتر» يقوم فيه بنشر تغريدات رسمية، أصبح هذا الدور الحيوي كأداة مهمة للحوار والتفاعل والدبلوماسية الرسمية.
وأضاف علم الدين أن الجمهور أصبح ينتظر تصريحات كبار القادة السياسيين وتفاعلهم مع قضية ما ليس على وسائل الإعلام التقليدية ولا الصحف، بل عبر التغريدات على «تويتر» حتى باتت مصدراً رسمياً للأخبار في بعض الدول، مشيراً إلى أن المرحلة الثالثة التي تحول فيها «تويتر» كبديل للمكاتب الإعلامية والمتحدثين الرسميين كمصدر للأخبار وأداة من أدوات السياسة الخارجية لجميع الدول وهي الأخطر. لأنها ليست دبلوماسية تقليدية، بل هي عمليات التأثير تتم بعيداً عن الشكل الرسمي.
وقال: «إننا نتحدث عن توظيف جميع أدوات الاتصال من أجل تحقيق أهداف السياسة الخارجية لأي الدولة، وتهيئة الرأي العام، وصنع الأجندة، ووضع إطار لهذه القضية، ثم يسمح لبقية وسائل الإعلام استكمال دورها، وهو مختلف بطبيعة الحال لأنه يحصل على رد فعل الرأي العام بشكل مباشر حسب التداول وردود الفعل، ما يترك الأمر مطروحاً للتداول والتشاور، وهذا لم يكن موجوداً من قبل وهو بمثابة رأس حربة للأدوات الإعلامية الأكثر حرية ومباشرة».
ورأى أن ما يؤثر على تعاظم هذا الدور هو الحسابات الوهمية أو ما أسماه «السوشيال دوتس»، وهي الهويات المزيفة ويتم عملها بواسطة كائنات أو دول لتعطي رد فعل مزيفاً، وهذا ما يعرقل دورها الحيوي الكبير، فقد يحدث تأثير إيجابي لتغريدات عن طريق الحسابات الوهمية، وهذا يعد رد فعل مزيفاً قد يضر بسير العملية السياسية.
من جانبه، اعتبر صفوت العالم أستاذ الإعلام أن ما أحدثه «تويتر» في العملية السياسية يعد طفرة نوعية، وأرجع بداية التحول بعد تركيز الرئيس الأميركي ترامب لـ«تويتر» واستخدامه كآلية للتعبير عن رأيه الرسمي بعد إلغائه للمؤتمرات الصحفية، وهو ما يمثل تطوراً نوعياً في التعبير عن السياسة الخارجية للدول، وتبع ذلك استخدام العديد من السياسيين للمنصة لإبراز مواقف دولية، ما أحدث تطوراً حقيقياً لاستخدام التغريدات للتعبير عن المواقف الرسمية. وقال إن التغريدات الآن أصبحت تمثل موقفاً رسمياً لبعض الدول في مختلف القضايا.
وقال إنه على الرغم من شعبية حساب الرئيس الأميركي السابق أوباما، إلا أنه لم يكن له موقف رسمي لمدة 8 سنوات، بل إنه استخدم تويتر للبيانات الرسمية ولكن ترامب هو من استخدم التغريدات ليصل بشكل مباشر إلي الجمهور بعد انتقاده لوسائل الإعلام، كما صارت هذه التغريدات مصدراً للتعليق للتوافق، أو غير ذلك على هذه التغريدات التي تعبر عن وجهة النظر الرسمية، مشيراً إلى أن هذا تحول نوعي، وليست كل الدول فاعلة في التواصل الاجتماعي، وليست كل التصريحات الرسمية تصدر ضجة، وينتظرها الجمهور.
وفي الإطار نفسه، قال مازن الرمضاني، أستاذ السياسة الدولية والدراسات المستقبلية، إن استخدام تويتر سياسياً حديث نسبياً، لأن صناع القرار يتطلعون إلى مخاطبة الرأي العام، وإيصال رأيهم بشكل مباشر، وبالتالي يستخدمون هذه الوسيلة التي لا تفرض قيوداً على المستخدمين، ولا يمكن إنكار أن ترامب يعد الرئيس الأول الذي استخدم بكثافة هذه الوسيلة دعماً لرؤيته، وعلينا أن نتفق جميعا أن هذه الأداة مهمة جداً، ويمكن بها دراسة صانع القرار الذي يستخدم هذه الوسيلة، وما هو نظامه السياسي ما يساعد المراقبين للتعرف أكثر على صانع القرار، وهو يتعامل مع العالم.
وأكد أن الجمهور يتفاعل مع صانع القرار الذي يريد هذا التفاعل دائماً، مشيراً إلى أنه بالرغم من أن ترامب الأكثر استخداماً في تويتر، فإن حساب باراك أوباما بحسب إحصاءات رسمية هو الأكثر شعبية، وبالرغم من هذا إلا أن «شعبوية» ترامب تجد استقبالاً أوسع من شعبية أوباما في الرأي العام الأميركي.
وأكد «نعيش في عالم يتغير وعملية التغيير هي غير مسبوقة، فلم تعد الوظيفة الدبلوماسية تقتصر على وزير الخارجية ووزارة الخارجية، فصار يتحكم بها العديد من الدوائر، وهنا العديد من صناع القرار، سواء رئيس الدولة أو الوزراء، وبالتالي فإن قنوات رسمية كثيرة تشارك في صنع وتنفيذ السياسة، فهؤلاء يستخدمون وسائل متعددة لإيصال قراراتهم وآرائهم إلي الشرائح الداعمة.
وأكد أنه من الصعب جداً السيطرة على مستخدمي مواقع التواصل الذين قد يتأثرون بتصريح ما لزعيم سياسي، ويتفاعلون معه إيجاباً أو سلباً وهو اتجاه جماهيري لا يمكن السيطرة عليه، وهو من أهم معالم الألفية الثالثة التي شهدت تطوراً كبيراً في التفاعل الجماهيري على مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهته، أكد رئيس وحدة التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إيهاب خليفة أن مواقع التواصل الاجتماعي غيرت كثيراً من أشكال التواصل بين الأفراد، سواء على المستوى الشخصي أو المؤسسي أو الرسمي، كما أنها أعادت هيكلة أنماط التفاعل اليومي بين المستخدمين، وغيرت من مصادر الحصول على المعلومات والأخبار، فأصبحت أحد مصادر المعرفة لكثير من الناس، وبما تمتلكه من أعداد كبيرة من المستخدمين، تجاوز الـ«ملياري» مستخدم نشط لموقع الفيسبوك، و800 مليون مستخدم نشط لموقع انستغرام، و390 مليون مستخدم نشط لجوجل بلس، و300 مليون مستخدم نشط لتويتر، وأصبح الجمهور الحقيقي موجوداً على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ولذلك كان ضرورياً على من يريد مخاطبة هذا الجمهور أن يذهب إليه على هذه المنصات باختلاف أنواعها.
وأضاف خليفة، الخبير في الإعلام الرقمي «من هنا اتجه العديد من الرؤساء والقادة إلى إنشاء حسابات رسمية لهم على منصات التواصل الاجتماعي، وقد استحوذ موقع تويتر على النسبة الأكبر من زعماء العالم، فهناك 186 دولة، من أصل 193 أعضاء في الأمم المتحدة، لديهم حسابات على موقع تويتر، وهذا لا يعني أن موقع الفيسبوك لا يحظى بنسبة كبيرة أيضاً، فهناك 179 رئيس وزراء ووزير خارجية لديهم حسابات على الفيسبوك، ويستحوذ موقع انستغرام على المرتبة الثالثة بعدد حكومات وصل إلى 156 تقوم بنشر قصصها على موقع الصور الأشهر، ويعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأكثر تأثيراً بعدد متابعين تجاوز 52 مليون متابع».
ورجح خليفة أن انتشار مصطلح «تويتر- دبلوماسي» ساهم في خلق قناة تواصل مباشرة بين المسؤول والجمهور، فلا حاجه إلى وسيط لنقل الرسالة الإعلامية، وهو ما أعطى الرسالة كثير من المصداقية وأخرجها من صبغتها التقليدية المملة التي تظهر عبر وسائل الإعلام، وأصبحت عملية التفاعل بين المسؤول والجمهور مزدوجة وليس في اتجاه واحد رأسي، وذلك عبر التفاعل مع التغريدة ومشاركتها والتعليق عليها، ومع هذا القدر الكبير من المصداقية، إلا أن الميزة الرئيسة في دبلوماسية التغريد أنها لحظية، تصل من المصدر إلى الجمهور في وقتها الحقيقي وبسرعة فائقة، وفي نفس الوقت أصبح حساب التواصل الاجتماعي في هذه الحالة مصدراً موثوقاً منه لكافة وسائل الإعلام التقليدية، تأخذ منه المعلومة وتعيد تقديمها في قوالب إعلامية مختلفة مستخدمة أيضاً حساباتها المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال خليفة إن هناك جانباً آخر لهذا النوع من الدبلوماسية، فقد تتسبب تغريدات بعض المسؤولين في جدل جماهيري واسع، سواء بين المواطنين داخل نفس الدولة، أو بينهم ومواطني دول أخرى، فتظهر حروب الهاشتاجات بدلاً من دبلوماسية الهاشتاجات، حيث يقوم المغردون في كلا الطرفين بإطلاق الهاشتاجات المسيئة للطرف الآخر، وقد يتعدى الأمر مجرد الانتقاد إلى توجيه الإساءات والشتائم إلى زعماء ورموز الطرف الآخر، فيتحول الجدل إلى فتنة صعبة الاحتواء فقط بسبب تغريدة.
وأشار إلى أن هذا هو الواقع الجديد الذي تعيشه الدبلوماسية، والذي يدفع للتساؤل حول أهمية بعض الوظائف، مثل منصب المتحدث الرسمي، هل ما زال هذا المنصب مهماً؟ بل هل ستتواجد السفارات أصلاً في المستقبل أم أنها سوف تختفي وتزول مهامها تدريجياً بفعل التطور التكنولوجي، أم ستصبح مهامها شكلية وبروتوكولية فقط لا تتعدى كونها رمزاً للتعاون بين الدول ومساعداً في تنظيم اللقاءات الرسمية بين الزعماء؟!
واتفقت خبيرة الإعلام الإلكتروني راوية عبدالقادر مع المتخصصين أن الدبلوماسية الرقمية من أنجح وسائل التواصل التي تسمح للحكومات بإيصال رؤيتها إلى جمهورها المحلي والأجنبي. وقالت «دولة الإمارات مثال رائع لتواصل الحكومات مع مواطنيها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، مع عدد هو الأعلى حول العالم لمتابعي قادتها عبر المواقع هذه. وأفضل ما في الأمر هو أن مواقع التواصل الاجتماعي ليست قنوات من جهة واحدة، بل هي تتيح للناس التواصل مع القادة والهيئات الحكومية المختلفة، ما يسعد الناس أكثر وبالتالي يسهم في إسعاد الأمّة ككل أكثر. ومع ارتفاع عدد مستخدمي الأجهزة المحمولة واختلاف أنواع المحتوى المنشور، مثل الفيديو والواقع المعزز AR والواقع الافتراضي VR، سوف نرى حتماً حكومات أكثر تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل، ما سيؤدّي إلى تحويل العالم الذي نعيش فيه بشكل جذري».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©