الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

حرفيون يبهرون زوار «المغرب في أبوظبي»

حرفيون يبهرون زوار «المغرب في أبوظبي»
23 ابريل 2019 01:04

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

تشهد فعاليات «المغرب في أبوظبي» التي تنظمها وزارة شؤون الرئاسة، إقبالاً كبيراً من قبل المهتمين بثقافة المملكة المغربية الضاربة في أعماق التاريخ، سواء من المواطنين أو المقيمين على أرض الإمارات، وذلك من خلال المعرض الذي يقدم باقة واسعة من الفنون والحرف التقليدية التي تعكس مهارة الصانع المغربي وتبرز جانبا من حضارة المغرب التي تعود لآلاف السنين.
المعرض الذي يستمر حتى 30 من الشهر الجاري بمركز أبوظبي الوطني للمعارض، يرصد براعة وإبداعات الصانع التقليدي المغربي، من خلال عرض باقة من الحرف اليدوية التي يتميز بها التراث المغربي الأصيل الذي لا يزال يحافظ على صورته المضيئة على مر العصور، رغم الاندماج مع الفضاء العصري المفتوح، والذي يحظى بشهرة عالمية للصناعات المختلفة منها النحاسيات والجلود، وصياغة المجوهرات، الخياطة التقليدية كالقفطان المغربي، والفخار وزخرفة الخشب والخزف وغيرها من الحرف المتوارثة عن الأجداد، حيث إن التنوع في المنتوج الحرفي التقليدي الغني بالمملكة وفر للعالم مناخاً من الخبرات والذوق والأناقة، حاملاً نبراس التاريخ والحضارة والفنون التقليدية والفلكلور.

إرث إنساني
وتحتضن العاصمة أبوظبي، وللعام الرابع على التوالي، فعالية «المغرب في أبوظبي»، ضمن أجواء تراثية تترك لزوارها أثرا طيبا وتنعش ذاكرتهم وتثري خيالهم ومخزونهم المعرفي، خاصة أن أنشطتها تتنوع ما بين الثقافية والفنية والتاريخية، ومجموعة من التحف والآثار القديمة، وتعتبر جسر محبة وتواصل وتبادل حضاري وثقافي بين دولة الإمارات والمملكة المغربية، وتشهد الفعالية منصة للصناعات التقليدية التي تعتبر رافدا غنيا للتراث المغربي الأصيل، ومكونات الشخصية المغربية الإبداعية، والتي أنتجت موروثا حضاريا تتناقله الأجيال المتعاقبة، فالزائر لهذه الفعالية يشعر بحِنكة وعبقرية وإبداع الصانع المغربي في العديد من الحرف اليدوية والتقليدية التي تحاكي الإرث القديم والتراث العربي الإسلامي والتأثيرات الأمازيغية، ومن هذه الحرف الفخار، والزليج، والمجوهرات، والتطريز، والنقش على النحاس والفضة، والحناء، والخياطة، وصناعة السروج، والنقش على الخشب وصناعة الشربيل، وغيرها من الصناعات الحرفية التقليدية التي تعبر عن مهارة صناعها، وتتواءم مع العصر لتلبية جميع الأذواق.

المدينة العتيقة
عندما يتجاوز الزائر البوابة الضخمة لفعالية «المغرب في أبوظبي»، يجد نفسه وسط المدينة العتيقة التي تحتضن إبداعات الحرفيين، والمنتجات الأساسية التي تدخل في التجميل والمطبخ المغربي، لتتداخل الروائح، في تمازج يحاكي المدن المغربية العتيقة، كأسواق فاس ومراكش ومكناس والدار البيضاء والصويرة والراشدية وغيرها من مدن المغرب من طنجة إلى الكويرة، حيث تعتبر المدينة القديمة منجما وخزانا للحرف التقليدية اليدوية التي مازالت تشهد إقبالا محليا وعالميا كبيرين. ويقدم الحرفيون المشاركون في هذا الفضاء البديع، لمحة عن الصناعة التقليدية ليحظى زوار المعرض بمشاهدة هذا المتحف المفتوح الذي ينقل جانباً من الموروث التقليدي ويعكس التنوع الثقافي والتراثي للمملكة، حيث يضم الجناح أكثر من 12 صانعا تقليديا أغلبهم من فاس التي تعد عاصمة الحرف اليدوية التي يتميز بها التراث المغربي الأصيل.

السروج
هشام سقاط، الذي ينتمي إلى عائلة فاسية، توارثت صناعة سروج الخيول التقليدية منذ عام 1896، يشغل ركناً بارزاً بالمدينة العتيقة، ويعرض مجموعة واسعة من سروج الخيول ذات الجودة العالية، للحفاظ على هذا الموروث التراثي والثقافي المهم في المغرب، وتتباهى الفرق على مر العصور في تطريز وتجهيز أجمل السروج المصنوعة بمهارة من خيوط الفضة والذهب، موضحاً أن صناعة السرج دقيقة وصعبة، فالسرج الواحد يتكون من 34 قطعة، ويتعاون في صناعته مجموعة حرفيين ينتهي عملهم بعملية التطريز التي تقوم بها النساء، ويستغرق العمل على سرج واحد من 6 أشهر إلى سنتين، ويصل ثمنه إلى 5 آلاف دولار، مشيراً إلى أن السرج الفخم والذي يجهز خصيصاً لمناسبات الفروسية الكبيرة، كمهرجان الفرس بالجديدة الذي يحظى بحضور كبير من جميع أنحاء العالم، يتم العمل على تطريزه من طرف سيدة واحدة للحفاظ على روح واحدة في العمل ويحتاج إلى دقة متناهية، مؤكداً أن صناعة السروج بالمغرب بدأت تنتعش وتحظى باهتمام بالغ في المغرب لما لها من حضور في الذاكرة الجمعية للمغاربة.
ويشار إلى أن حرفة صناعة السروج بدأت في المغرب منذ القرون الوسطى في مدينة فاس، وتقتضي هذه الحرفة تضافر مجموعة من الحرف كالنجارة والحدادة والصفارة والدباغة والتطريز وعمليات فتل الخيوط.

الخزف
تزخر المملكة المغربية بأنواع كثيرة من الخزف، حيث تحتل صناعة الفخار ومنتجاته المتميزة بالجمال مكانة عريقة بين الحرف التراثية المغربية، وتعتمد هذه الصناعة على الطين كمادة أولية أساسية، وتختلف هذه الصناعة من مدينة فاس عنه في مدينة آسفي أو مراكش وغيرها من المناطق المغربية، إلى ذلك قال صانع الفخار مشرف نور الدين إن صناعة الخزف لا تدخل فقط في صناعة الأواني المنزلية وإنما في الديكور، مشيرا إلى أن الخزف الفاسي يعتبر من أجود الأنواع، نظرا لجودة الطين، ويصنع الفخار بعد تنقية الطين من الأحجار والمواد الكلسية العالقة به، ثم يوضع في صهاريج مائية لمدة طويلة، ويتعرض لأشعة الشمس حتى يجف، بعدها يتم عجنه وتطويعه على لولب خاص يقوم الصانع بإدارته بواسطة القدمين، فيما يشكل العجين بيديه مستعينا بالماء، ليعود مرة ثانية تحت أشعة الشمس ليجف، ويدخل إلى أفران بدرجة حرارة عالية بين 900 و1200 درجة.

الحلي
حافظت صناعة الحلي على تراثها واستمرارها، وتطورت من حيث التقنيات والمواد وأدوات الصناعة، وهي من أهم الحرف المهنية، وعادة ما تكون المجوهرات الحضرية مصنوعة من الذهب المحفور بدقة، زخارف معظمها من الزهور، معززة بالأحجار الكريمة، أما المجوهرات الريفية أو الأمازيغية في الجنوب، وأغلبها من الفضة، فهي باذخة وذات نبل عظيم، وتتميز بنقاء الخطوط، وبالتصاميم الهندسية وأحياناً مع بعض الزخارف النباتية، وفي هذا الإطار أكد حبالي محمد من مدينة الصويرة، أن جميع المجوهرات مصنوعة يدويا، وهي تقليدية تواكب خطوط الموضة دون أن تفقد جوهرها التقليدي، مؤكدا أن مدينة الصويرة تشتهر بصياغة الحلي الذهبية والفضية من أطقم وأحزمة، مشيرا إلى أنه شارك في المعرض بمجموعة حلي خاصة بالعروس، إلى جانب مجموعة من الحلي المصنوعة من الأحجار الكريمة.

التطريز
ارتبط فن التطريز بالمرأة المغربية منذ القدم، وهو إرث وفن مارسته النساء في مختلف المدن المغربية، منذ عصور وتناقلته الأجيال، ويتميز بسحره وجماليته ودقة صنعه وطابعه المميز الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويتطلب عناية فائقة ومهارة وصبر، وتشتهر عدد من مدن المغرب بنوع معين من التطريز، ففي الرباط تشتغل المرأة بالغرزة المسطحة، في حين تبنت فاس ومكناس وسلا غرزة تشبه الغرزة المتقاطعة، كما أتقنت المرأة المغربية أيضاً أشكالاً عصرية من التطريز واستخدمته في تزيين الأقمشة والملابس وجهاز العروس وتزيين مفروشات البيوت والستائر وجلسات الشاي، إلى ذلك قالت سليمة كديرة من الرباط، إن التطريز في المغرب يحظى بأهمية بالغة ويربط بالذاكرة الجمعية المغربية، فهو فن من الفنون التي برعت النساء في إتقانه منذ القدم، وتتوفر المتاحف المغربية على قطع مطرزة يرجع تاريخها إلى مئات السنين، ويدخل التطريز في الديكور، ويضفي رونقا على سروج الخيل والشربيل، وتتنوع هذه التطريزات من مدينة لأخرى، حيث يختلف الرباطي عن الفاسي والمكناسي والأمازيغي.

الزليج
المغرب عريق في صناعة الزليج، فالحرفيون في المغرب يصنعون الزليج من مواد أولية بسيطة كالطين باستخدام آليات متواضعة، ويبدعون في تحويلها إلى أشكال فنية تعبيرية، فطرق التقطيع والنقش والوضع هي ما يميز فن الزليج ويضفي عليه خصوصيته، فبعد تجميع وتنسيق قطع الزليج تغطى الأدراج والأرصفة والبلاطات والجدران بها لتشكل مجتمعةً لوحة فنية ساحرة ذات ألوان وأشكال متعددة.

الرافية
علي الشرادي يجلس خلف طاولة صغيرة واضعا أمامه أحذية بألوان مختلفة، وهي تظهر للزائر منذ الوهلة الأولى أنها مصنوعة من القش بحنكة عالية، ويؤكد أن المادة الخام التي تصنع منها الأحذية والصنادل والأحزمة والحقائب وغيرها، هي مادة طبيعية صحية يطلق عليها اسم «الرافية» ويتم استيرادها من مدغشقر، وهي معروفة في أوروبا، وتشهد المنتجات التقليدية المصنوعة منها إقبالاً كبيراً، وبدأت تعرف مؤخراً رواجاً في الخليج والشرق الأوسط، ويوضح الشرادي أنه توارث هذه الحرفة اليدوية أباً عن جد، مؤكداً أنه يستمتع بعمله ليصل به إلى درجة عالية من الإتقان، لأنها تنبع من أعماق الفن الأصيل، وتشتهر مدينة فاس وسلا بهذه الحرفة البديعة.

النقش على النحاس والفضة
رابح إدريس ينقش بدقة متناهية على النحاس، وهي الحرفة التي تعلمها عن أحد المزخرفين بفاس منذ نعومة أظفاره، حيث برع في صنع أوان وديكورات نحاسية متقنة، كالمطرقة والمسامير، ما يضفي على كل قطعة تميزاً كبيراً، ليبهر الزوار بجلب أدوات أبدع في زخرفتها، بما يتناسب مع العصر الحالي مع الحفاظ على أصالتها، لتناسب الديكور العصري وخطوط الموضة، ومن الأواني التي يزخرفها بالطريقة التقليدية أدوات الشاي، وأطباق الخبز وصواني التقديم، وغيرها الكثير، وتحتل المنتوجات النحاسية والفضية مكانة مهمة لدى أهل المغرب، وتستخدم في ديكور المنازل وجهاز العروس والمطبخ وأماكن استقبال الضيوف، كما تظهر في المناسبات الاجتماعية كهدايا.
وقال إدريس: إن لصناعة النحاس والفضة والنقش عليها أسواقاً وأحياء خاصة في المدن العريقة كفاس ومكناس والرباط ومراكش، وتازة التي تعد أكبر المراكز المصدرة للمنتجات النحاسية والفضية داخل المغرب وخارجها. في حين، تحظى الزخرفة على الخشب بشهرة واسعة في المغرب، حيث تزين المساجد والقصور والبيوت المغربية، فهي حرفة تقليدية قديمة تتوارثها الأجيال منذ آلاف السنين، وهي تواكب خطوط الموضة بإدخال بعض التحديثات دون المساس بجوهرها.

الشربيل
«الشربيل» أو «البلغة»، هو النعل النسائي التقليدي في المغرب، ويختلف في الألوان والتطريزات عن «البلغة» الرجالية، حيث إنه أكثر زخرفة ورونقا ليتلاءم مع باقي الألبسة النسائية المغربية، حيث يقول عبدالرحيم الزريفي، الذي يجلس محاطا بأجمل الأنواع بألوانها وتطريزاتها المختلفة، إن صناعة الشربيل تختلف من مدينة إلى أخرى، وهي صناعة تحظى بشعبية كبيرة، لأنها تلائم الألبسة التقليدية المغربية التي تحضر بقوة في جميع المناسبات الدينية والوطنية، ويزيد الإقبال عليها في رمضان، مؤكدا أن الشربيل تدخل فيه تطريزات مع ألوان عدة، ويصنع من جلد الثعبان وسمك البحر وجلد الماعز وجلد البقر، والغنة.
وأكد الزريفي، الأستاذ بمعهد التكوين المهني بفاس، أن هذه الصناعة عريقة جدا بالمغرب وتعرف ازدهارا كبيرا كونها مرتبطة بالأزياء التقليدية، وتدخل فيها خامات عالية الجودة من مخمل وأكسسوارات، حسب المناسبة، فما ترتديه العروس يختلف عن ما يتم ارتداؤه بشكل يومي.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©