الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

رؤية هيئة الأوراق المالية والسلع في توظيف تقنيات الـ«بلوكشين» لخدمة المستثمرين

رؤية هيئة الأوراق المالية والسلع في توظيف تقنيات الـ«بلوكشين» لخدمة المستثمرين
13 يناير 2019 02:58

شكلت مشاركتي بفعالية مؤتمر «عالم سلسلة كتل البيانات» رسالة مهمة أردت من خلالها تأكيد حرص هيئة الأوراق المالية والسلع على تطوير منتجات وخدمات السوق المالي بالدولة بالاستفادة من هذه التقنيات المتقدمة، وذلك في مرحلة يتوقع أن يكون فيها لهذه التقنية الحديثة تأثير بالغ على المؤسسات والاقتصادات وأصبح من الضروري على المسؤولين ورواد الأعمال أن ينتهزوا هذه الفرصة السانحة لتعظيم الفوائد التي تقدمها «سلسلة كتل البيانات». ومن هذا المنطلق وجدت لزاماً عليّ -بصفتي ممثل هيئة الأوراق المالية والسلع في هذه الفعالية- أن أعرض للمبادرات التي تبنتها الهيئة من أجل تطوير المنتجات والخدمات وفقاً للاستراتيجية التكنولوجية التي تبنتها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وضَمَنَّتْها خطتها الاستراتيجية مستهدفة تحويل 50 بالمائة من المعاملات الحكومية إلى منصة Blockchain بحلول العام 2021، وهو أمر من شأنه تحقيق وفرٍ يقدر بنحو 11 مليار درهم في المعاملات والمعالجة النمطية للوثائق، فضلاً عن تخفيض المساحات المطلوبة لتخزين الوثائق وحفظها، وتقليل تكلفة عمليات الطبع والانتقال بالسيارات والحافلات للمكاتب الحكومية لإنجاز المعاملات الأمر الذي ينعكس إيجاباً على تحسين البيئة، وتوفير ملايين ساعات العمل.
يندرج في سياق هذه الرؤية ما أعلنته حكومة دبي عبر إطلاقها «استراتيجية بلوكشين دبي» والتي تعهدت فيها بأن تصبح أول حكومة تعمل بمنصة «بلوكشين»، بما يمكنها من التخلي عن الاستخدام الورقي في إنجاز المعاملات نهائياً بحلول العام 2020.
ووفقاً للاستراتيجية المعلنة، فإن عمليات التوثيق (على سبيل المثال طلبات التأشيرات وسداد الفواتير وتجديد التراخيص)، والتي تم تقديرها بأنها تزيد عن 100 مليون وثيقة سنوياً، سيتم من خلال الوسائط الرقمية.
وتدعم هذه الرؤية أيضاً التقديرات الصادرة عن بعض الجهات الفنية والقانونية من أن استخدام تقنية «بلوكشين» يمكن أن يسهم في توفير ما مجموعه 114 مليون طن مكعب من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، من خلال تقليص رحلات التوجه إلى تلك المكاتب، وإعادة توزيع ما يصل إلى 25.1 مليون ساعة من الإنتاجية الاقتصادية من وقت معالجة الوثائق.
تعمل تكنولوجيا «بلوكشين» على دفع الاقتصاد نحو مجتمع بلا حدود.
ومن هنا فإنه يجب على الجهات التنظيمية تبنيها مع تحديث مهارات العاملين لديها في الوقت نفسه من أجل إنجاز المهمة الأساسية المنوطة بها المتمثلة في حماية مصالح المستثمرين.
والحقيقة أن تقنية الـ Blockchain تمثل منصة للعملات الرقمية فيما تبرهن الطروحات الأولية للأصول الرقمية على ملاءمتها لتحقيق هدف توفير الأموال لتمويل المشروعات الجديدة، وخاصة المشروعات متناهية الصغر.
ومن أجل إدراك الاستفادة المثلى من هذه العلاقة أصدر مجلس إدارة الهيئة «الضوابط التنظيمية للتكنولوجيا المالية»، وذلك في ضوء تسارع تطور سوق الأصول الرقمية وتجاوب الهيئات الرقابية في عدد من دول العالم في تنظيمها، وتم تصميم مجموعة متطورة من القواعد واللوائح تشمل شروط الإفصاح واستثمارات الحد الأدنى وتصنيف المستثمر والأعمال التجارية.
ولأمد غير قصير، ظلت هيئة الأوراق المالية والسلع عاكفة على دراسة تنظيم التكنولوجيا المالية وتنظيم إصدارات الأصول الرقمية من خلال تقنية الـ Blockchain؛ ووضعت ذلك في صدارة أولوياتها ضمن استراتيجية (2017– 2021). ومن أجل تحقيق هذه الغاية طرحت الهيئة مبادرة المختبر التجريبي، الذي يتضمن إطاراً تنظيمياً يسمح للكيانات باختبار المنتجات والخدمات والبرامج ونماذج العمل التجاري المبتكرة في بيئة رقابية تجريبية مبسطة، ولكن ضمن نطاق ومدة زمنية محددة ومقيدة، بما يشجع على الابتكار من أجل تجربة الأفكار الجديدة باستخدام تقنية «بلوكشين» والتقنيات الوليدة الأخرى التي تثبت قدرتها على تحقيق فوائد مهمة للأسواق ومستخدمي المنتجات والخدمات المالية.
وتطبيقاً لذلك، قامت هيئة الأوراق المالية والسلع مؤخراً بتوقيع مذكرة تفاهم مع أحد أكبر المزودين العالميين المتخصصين في برمجيات الشركات لتنفيذ أنشطة ابتكارية مشتركة من أجل تطوير نموذج للاستخدام المبدئي (يتضمن إدارة دورات لتصميم التفكير المبتكر ودعم أولويات الاستخدام وإجراء المناقشات من خلال هذه المنصة والممارسات الأفضل لتكنولوجيا بلوكشين). وكخطوة إضافية نحو تبني تقنية «بلوكشين»، قامت الهيئة بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة متخصصة من أجل تطوير نموذج استكشافي لعرض البيانات والتقارير الإحصائية.
لقد تناولت دراسة حديثة أجرتها البوابة الإلكترونية «يوربيان داتا بورتال» طريقة عمل تقنية «بلوكشين» على البيانات المفتوحة والجهود التي تبذلها الاقتصادات العالمية جاهدة من أجل التخلص من المركزية.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن هيئة الأوراق المالية والسلع تعمل من جانبها على تطوير منصة وطنية للبيانات المفتوحة؛ بما يجعل المعلومات والبيانات متاحة للعامة بحيث يسهل لكل شخص الوصول لها أو إعادة استخدامها وإعادة توزيعها من دون أي قيود مالية أو قانونية، وبما يمكن مسؤولي الهيئة من الوصول للبيانات بخطوة بسيطة.
إن التقنيات من نوع تقنية الـ«بلوكشين» تتعزز وتنتشر من خلال كافة مبادرات ومشروعات هيئة الأوراق المالية والسلع، التي تسعى إلى إدخال تعديلات على الطريقة التي يتم من خلالها مزاولة المشاريع والأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وحري بنا في هذا المقام أن ننوه أيضاً إلى مبادرة التمويل الإسلامي التي تعد في مقدمة أولويات الهيئة، حيث تعمل هيئة الأوراق المالية والسلع جاهدة لتصبح دولة الإمارات محوراً عالمياً للاقتصاد الإسلامي وتحقيق الريادة على صعيد أسواق رأس المال الإسلامية، وذلك من خلال تشجيع أسواق رأس المال الإسلامية على تبني تقنية الـ«بلوكشين» والتقنيات الداعمة لها.
وهناك مشروع آخر جدير بالذكر ويتمثل في مبادرة هيئة الأوراق المالية والسلع للعمل على إزالة المعوقات بما يتيح مساعدة الشركات الناشئة في الحصول على التمويل؛ من خلال تطوير خريطة طريق لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر تقييم والمفاضلة بين مصادر التمويل الأخرى من قبيل منصات التمويل الجماعي وحلول التمويل المستدام (على غرار التمويل الصديق للبيئة)، وما زال العمل جارياً على تطوير هذا الطرح في هيئة الأوراق المالية والسلع.
إن رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة لتقنية الـ«بلوكشين» ليست عبارة عن عزف منفرد ولكنها تتطلب تعاون وتكاتف كافة الأطراف ذات الصلة سواء فيما يخص ترقية نظامها أو إجراءاتها وقبل كل ذلك تغيير ما لديها من رؤى ثابتة تجاه التكنولوجيا.
وقد حقق كل من سوق أبوظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي تقدماً جديراً بالإشادة في هذا المضمار بعدما شرع كل منهما في تطبيق تقنية الـ«بلوكشين»، بما أسهم في تمكين المساهمين من المشاركة بمستويات شفافية أعلى عبر استخدام تقنيات للتصويت الإلكتروني ليتبوأ السوقان معاً المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمرتبة الثالثة عالمياً على صعيد تبني هذه التقنية.
وقد تم توظيف هذه التقنية لتحقيق الغاية المستهدفة في توفير عملية تصويت أكثر يسراً وفعالية وشفافية فيما كانت تتم في السابق بطريقة يدوية بطيئة.
وفي الواقع، فإنه لا يزال أمام أسواق المال في الدولة طريق طويل للوصول إلى نسبة 100% من تطبيق تقنية الـ«بلوكشين»، وحتى تصبح من الأفضل في العالم.
ومن أجل دخول هذه الحقبة الجديدة، فإنه يتعين أن تتغلغل تقنية الـ«بلوكشين» في كافة مجالات أنشطة أسواق رأس المال وينبغي على الجميع أن يتبنى هذه التكنولوجيا لا أن يشعر بالقلق تجاهها.
أخيراً؛ فقد تلخص هدفي من هذا الطرح في إطلاق حوار ونقاش متبادل مع ذوي الاختصاص وكافة المهتمين بمستقبل الأسواق المالية، وأتمنى أن أتلقى إسهامات وطروحات مقابلة تكشف المزيد من الأبعاد بخصوص هذا الموضوع الذي أحسبه على جانب كبير من الأهمية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©