الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بدور القاسمي: الشارقة تميزت بالحكمة.. وتفوقت بالمعرفة

بدور القاسمي: الشارقة تميزت بالحكمة.. وتفوقت بالمعرفة
22 ابريل 2019 02:36

محمد عبدالسميع (الشارقة)

نتيجة لدعم مشاريع الثقافة والفكر والمعرفة والرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي في دعم الثقافة، وجهود الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي مؤسسة ورئيسة جمعية الناشرين الإماراتيين ورئيسة اللجنة المنظمة لملف الشارقة العاصمة العالمية للكتاب، نالت الشارقة لقب عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019، مترجمة بذلك «عاصمة الثقافة» مسار الإنجازات العظيمة والمشرّفة التي تشهدها الدولة، وفصلاً جديداً من فصول التقدير العالمي لدور الشارقة الفاعل في دعم الثقافة كقيمة إنسانية يمكن من خلالها مد جسور التواصل والحوار مع شتى الحضارات.
الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي من بين الذين يحملون على عاتقهم النهوض بالكتاب وتعتبر الإبداع في كافة المجالات هو المحرك الأساسي والحقيقي للنهضة في كافة القطاعات بما فيها القطاع الفني والثقافي، وتسعى دوماً إلى إيجاد البيئة المناسبة لاحتضانه والاستفادة من مخرجاته.
حول احتفالات الشارقة باللقب ومدلولاته والطموحات المستقبلية التقت «الاتحاد» مع الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس اللجنة العليا للشارقة عاصمة عالمية للكتاب.

* ما هي الاستراتيجية التي اتبعتموها للحصول على لقب العاصمة العالمية للكتاب؟
** في البداية يجب التأكيد أن لقب العاصمة العالمية للكتاب استحقاق للشارقة التي قامت بالحكمة وتفوقت بالمعرفة، هو ثمار جهد يمتد إلى ما يزيد على أربعة عقود من العمل المتواصل، تبنت فيها مؤسسات الشارقة رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، القائمة على اعتماد الكتاب والمعرفة سبيل نهضة، وأساس تحول، حتى بات يمكن القول إن التجربة الثقافية للإمارة هي تجربة مجتمع بقياداته ومؤسساته وليست تجربة نخب معينة.
أما بالنسبة للاستراتيجية التي اعتمدناها لتقديم الملف؛ فكما تعلمون العاصمة العالمية للكتاب مبادرة دولية تتبناها الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» مؤلفة من ممثلين عن «اليونسكو» والاتحاد الدولي للناشرين، والاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات.
وتهدف المبادرة إلى دعم الكتاب وصناعته وتشجيع مجتمعات العالم على القراءة، وتمنح «اليونسكو» اللقب للمدينة التي تقدم برنامجاً معرفياً متميزاً على مدار العام، وعلى هذا البرنامج أن يكون شاملاً في نتائجه وذا تأثير مستمر وطويل الأجل، وأن يهتم بتمكين كافة الفئات الاجتماعية بمختلف أعمارها وتخصصاتها ومستوياتها العلمية من الحصول على مصادر المعرفة الملائمة لها.
قدمنا برنامجاً «لليونسكو» يقوم على ستة محاور لضمان الفعالية والشراكة والتأثير الشامل، وهي: مجتمع واحد، وتعزيز ثقافة القراءة، وإحياء التراث، وتحفيز الأطفال والشباب على القراءة، والتوعية المجتمعية وأخيراً صناعة النشر. وحرصنا على أن تكون مخرجات هذه المحاور مستدامة، تستمر لما بعد عام اللقب لتبقى شاهداً على هذا الإنجاز الثقافي الأرفع من نوعه على مستوى العالم، ولتروي حكاية الحصول على اللقب للأجيال القادمة، وتلهمها وتشجعها على رعاية الثقافة والقراءة كمنهج للتطور الحقيقي.
على هذه الاستراتيجيات والبنى التنظيمية استندنا في العمل عند تقديم ملف اللقب، وحصولنا عليه هو إنجاز لكل من ساهم في إثراء تجربتنا مع الثقافة والكتاب، إنجاز للفرد وللمؤسسة وللأسرة، وهو استحقاق طويل الأمد أيضاً، يفتح الباب لعمل لا ينتهي.

تنوع وشمولية
* ذكرتم أنكم قدمتم «لليونسكو» برنامج عمل لعام كامل بهدف تشجيع القراءة ودعم الكتاب، ما هي رؤيتكم لتنفيذه؟
** أشاد جميع الشركاء الدوليين بالبرنامج الذي سننفذه على مدى السنة، حيث يعتمد برنامجنا على فكرة الوصول والتنوع والشمولية. بغض النظر عن هويتك أو عن خلفيتك الثقافية ستجد كتاباً أو نشاطاً يناسب اهتمامك، وهذا التنوع مهم جداً لنا لأنه يعكس التنوع الثقافي والمعرفي لإمارتنا ويعكس أيضاً مدى احترامنا لهذا التنوع.
سنعمل على أن تكون القراءة سمة مجتمع بأكمله من دون استثناء، ويستهدف البرنامج العائلات وطلبة المدارس والجامعات والموظفين في القطاعين الحكومي والخاص والعاملين في شتى القطاعات والزوار وبلغات مختلفة، حيث سيغطي البرنامج كافة المكونات الاجتماعية، وستقدم ورش عمل وندوات لتحفيز الأفراد على اكتساب عادة القراءة وتعريفهم بأهميتها في النجاح في نواحي حياتهم كافة.
نحن ننظر للقراءة كونها قاعدة للبناء والتنمية والتنافسية وتأهيل الكوادر البشرية وتعزيز العلاقات الاجتماعية، إلى جانب كونها عاملاً حاسماً في القضاء على المظاهر الفكرية السلبية ووسيلة لتأكيد لغة التفاهم بين الثقافات والشعوب المختلفة.

* كيف ينعكس لقب العاصمة العالمية للكتاب على فعاليات الشارقة الثقافية المعتادة؟
** ستحتفي الشارقة بعام اللقب من خلال العديد من الفعاليات الثقافية، تشارك فيها أكثر من 25 مؤسسة، وتنطلق الفعاليات بتاريخ 23 الجاري وتستمر حتى 22 أبريل 2020، ستكون انطلاقة الفعاليات بعرض «ألف ليلة وليلة: الفصل الأخير» وهو من إنتاج مسرح المجاز في إمارة الشارقة، وهو عمل خيالي ضخم مستوحى من الأدب الإنساني وسيكون الأول من نوعه على مستوى العالم وعلامة فارقة في مسيرة العواصم العالمية للكتاب.
ومن هنا ستنطلق فعاليات الاحتفال بعام اللقب التي ستحمل شعاره ورسالته وتترجم معاني أن تكون الشارقة أول مدينة خليجية وثالث مدينة عربية والتاسعة عشرة على مستوى العالم تحمل هذا اللقب الثقافي الرفيع، وحرصنا أن تكون كافة الفعاليات مميزة بمعانيها ومضامينها ومخرجاتها لتكون بمجملها علامة فارقة تروي حكاية اللقب والمجتمع الذي استحقه والجهود التي بذلت وتبذل للحفاظ على هذا الاستحقاق.

ثمار
* ما هي دلالات اللقب وثماره المرجوة على مستوى الاستثمار الثقافي والسياحي والاقتصادي استناداً لمعيار القوة الثقافية الناعمة في الدول الساعية للنمو السريع في ظل التطورات الإقليمية وخلق روابط فكرية وإنسانية مع الثقافات المختلفة؟
** نحن في الشارقة نعي أهمية القوة الناعمة للثقافة ونعرف جيداً أهمية النشاط الثقافي في بناء سمعة إيجابية للدول والمدن عبر العالم. ولذلك، فنحن من خلال تركيزنا على المجال الثقافي، نؤثر بطريقة مباشرة وإيجابية على التنمية الاقتصادية. وتتويجنا كعاصمة عالمية للكتاب محطة مهمة في تاريخنا وفي رحلتنا الشيقة لاستعادة الإشعاع الثقافي لمنطقتنا والذي كان يصل نوره إلى كل بقاع العالم حاملاً معه المعرفة بشتى أنواعها.
وهذا اللقب ما هو إلا بداية جديدة يحفزنا على الفوز بألقاب أخرى عالمية، وأهم من ذلك، يحفزنا أيضاً على تقديم المزيد في المستقبل وعلى تشجيع جميع المبادرات الثقافية والمعرفية في إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة. جمال الثقافة الذي يتجسد في أنماط حياة الناس وأخلاقهم وعلاقاتهم مع الآخرين وطريقة تعاملهم مع المختلف عنهم، أكثر أهميةً من أي جمال مادي آخر. الجمال المادي لا يجعلنا نتخذ قرارات طويلة الأجل بل يكفي أن نزوره مرةً واحدة فقط.
من ناحية ثانية، تقوم اقتصادات اليوم على المعرفة والثقافة والمهارات الفردية، فالشعوب التي تهتم بالقراءة والاطلاع تمتلك قدرات بشرية هائلة لتطوير ونمو الاقتصادات، لذا أعتبر أن الثقافة هي القاسم المشترك بين كل المنجزات التي يمكن أن يحققها البشر.

طموحنا بوصلتنا
* يبدو أن الطموح لتحقيق النجاح وحيازة موقع مهم في المستقبل هو طموح متواصل ولا يتوقف بالنسبة للقائمين على الشأن الثقافي في الشارقة، كيف ترى الشيخة بدور أفق ومسارات هذا الطموح بعد نيل لقب العاصمة العالمية للكتاب؟
** طموحنا يتلخص في أن تكون الشارقة مركزاً ثقافياً عالمياً يؤثر إيجاباً في نسيج العلاقات بين الشعوب والثقافات المختلفة، ويقدم الثقافة العربية إلى العالم بصورتها الحقيقية ويسلط الضوء على موروثها الغني وجذورها التي تلتقي مع جذور أهم الحضارات في العالم. ونحن ذاهبون بهذا الاتجاه بقوة وفق رؤية واضحة يرعاها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وتتفق عليها كافة المؤسسات والفعاليات في الإمارة.
هذا الطموح يمثل بوصلة عملنا على كافة المحاور، ويشكل المحور الذي نستند إليه في تصميم برامجنا ومبادراتنا ومشاريعنا المتعلقة بالقراءة ودورها في بناء جيل متسلح بالقيم النبيلة الراسخة.

* كيف تنظرون لأصداء هذا اللقب ونتائجه بالنسبة لمستقبل الكتاب في الشارقة، وخصوصاً ما يتعلق بآليات النشر والتوزيع والاهتمام بكتب اليافعين؟
مستقبل الكتاب هو في الشارقة، ومستقبلنا في الكتاب. كل الحضارات الإنسانية العظمى بُنِيت على الكتاب والمعرفة والنشر. ومن هذا المنطلق، فإن مهمتنا في دعم قطاع النشر والناشرين بدأت منذ سنوات طويلة وستستمر من دون توقف لأن هذا القطاع بات اليوم رافداً حيوياً، بل شرط للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في كل بلد، وعامل أساسي في تحقيق التقارب والتعايش الحقيقي بين الشعوب بثقافاتها المختلفة. الكتاب مدخلنا نحو الآخر ووسيلة نفهم بها واقعه وطموحاته ويتيح لنا فرص التعاون معه.
لا شك في أن تتويج الشارقة بلقب العاصمة العالمية للكتاب سيشكل قوة دافعة وملهمة لمزيد من العمل على دعم الكتاب وتطوير قطاع النشر، ونحن ننظر للقب بمثابة استحقاق كبير وواسع يجب أن يتحقق من خلال نمو نوعي على مسيرة عملنا وبرامجنا وآلياتنا.
نحن نسعى وبالشراكة مع كافة مؤسسات الإمارة والدولة وأصدقائنا في العالم إلى بلورة تصور مشترك لتطوير قطاع النشر في الدولة والمحيط العربي، يلبي احتياجات الناشرين ويوفر الحلول للتحديات التي تواجه القطاع لتكون الشارقة خلال سنوات قليلة مركزاً للنشر العربي.
وهذا يتطلب المزيد من العمل المشترك لتحديد الأولويات التجارية والتنظيمية لقطاع النشر وتمثيلها، وتعزيز حقوق الناشرين والدفاع عنها وحقوق النشر والتأليف والتوزيع، إلى جانب تطوير مهارات الصناعات الإبداعية ورعاية المواهب الفنية، والإبداع في مجال النشر من حيث المحتوى والأسلوب والإدارة والتوزيع، سيشكل فارقاً كبيراً في مسيرة النشر العربية وسيحمي هذه الصناعة من الضعف.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©