الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الشارقة.. حالة ثقافية لا تشبه إلا نفسها

الشارقة.. حالة ثقافية لا تشبه إلا نفسها
22 ابريل 2019 02:36

إبراهيم الملا ــ محمد عبد السميع
عصام أبو القاسم

أكد مثقفون وكتاب ومبدعون إماراتيون وعرب أن اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019 يتوج مسيرة نوعية، وطويلة من العمل الثقافي الذي انتهجته الشارقة، وأنه بمثابة اعتراف دولي بمكانتها الرفيعة، إقليمياً وعربياً وعالمياً.
ووصفوا في تصريحات لـ «الاتحاد» أن هذا الإنجاز إنجاز للإمارات، ولكل إماراتي ومقيم في الدولة، واعتبروه وساماً جديداً على صدر الإمارة الباسمة، مؤكدين أنه إنجاز مستحق، وتكليف عظيم يحث على العمل والمزيد من بذل الجهد، مستذكرين ألقاباً سابقة حصلت عليها الشارقة، لافتين إلى ما تزخر به من مبادرات ومشاريع ثقافية حصدت النجاح تلو النجاح.
يقول محمد إبراهيم القصير مدير الإدارة الثقافية بدائرة الثقافة بالشارقة:
لو تتبعنا الأسس التي بُني عليها هذا النجاح، والخطوات التي أدت إلى الوصول إلى هذا الإنجاز العالمي، لوجدنا أنها أسس كثيرة، لا يمكن للكلمات أن تخط حرفاً في سِفر إبداعها، ولعلنا نشير إلى بعضها، ففي مجال تشجيع الثقافة والإبداع الفكري، تستضيف الشارقة في كل عام أكثر من ألف وخمسمئة ناشر من مختلف أنحاء العالم ليقدموا منجزاتهم وعصارة أفكارهم على أرض معرض الشارقة الدولي للكتاب، والذي يشكل واسطة العقد على صدر الثقافة ليس العربية فحسب، بل الثقافة العالمية، فهو ثالث أكبر معرض للكتاب في العالم، ويحتضن ما يربو على مليوني زائر كل عام، كما نجد في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، أنموذجاً للرؤى المبدعة التي ترعى الثقافة وتعزّز الجانب القرائي والمعرفي لدى الأطفال، وذلك وفق أسس منهجية مبدعة، وأساليب ووسائل مبتكرة، وتكفي الإشارة إلى أن هذا المهرجان ينظم أكثر من ألفي فعالية، ويفتح أبوابه لأكثر من أربعمئة ألف زائر.
أما المكتبات ومنابر الثقافة والفكر، فقد حققت مبادرة: (ثقافة بلا حدود) نجاحات ثقافية لا حدود لها، إذ تم توزيع ما يزيد على أربعين ألف مكتبة على الأسر والعوائل الإماراتية، وكذلك استهداف الأمهات في أكثر من ستين مركزاً صحياً وطبياً على امتداد أرض الوطن بمبادرة رائدة من الشيخة بدور القاسمي، تحت مسمى: ( كتابي الأول)، والتي تقوم على توزيع نحو خمسة آلاف حقيبة كتب متنوعة على النساء اللواتي ينتظرن المولود الأول، لتكون الثقافة والقراءة زاداً للأمهات، يصقل ثقافتهن وينعكس على أبنائهن في المستقبل.
هي حروف وكلمات قليلة لا يمكنها بحال من الأحوال أن تعطي هذه الإمارة الخالدة وصفها الحقيقي، أو أن تفيها حقها، وإنّ لقب: عاصمة عالمية للكتاب، لقب تستحقه، ووسام فخر تتزين به بعد أربعين عاماً من مسيرة الإنجاز الفكري والثقافي والأدبي الحي في قلوبنا وضمائرنا، والمسيرة باقية ومستمرة نحو القمة في ظل رعاية سلطان الثقافة والفكر، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

بن جرش: سياسات ثقافية مبتكرة
الدكتور محمد حمدان بن جرش الأمين العام لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، يقول:
لقد وضعت الشارقة سياسات ثقافية مبتكرة ضمن خطط وبرامج لتوسيع ونشر الثقافة على امتداد العقود الأربعة الماضية، من خلال ترجمة رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، الحاكم المثقف والمثقف الحاكم، صاحبها إنشاء العديد من المؤسسات الثقافية والجوائز الأدبية والمهرجانات ومعارض الكتب ومدينة جامعية وتهيئة البنى التحتية فانعكس هذا التخطيط والجهد والمتابعة على آليات التنمية الثقافية ونشر قيم المعرفة في الشارقة التي تتمتع بخصوصية وتفرد جعلاها عاصمة ثقافية بجدارة، وعاصمة عالمية للكتاب.
وأضاف بن جرش: إن قراءة فاحصة للتنمية الثقافية في الشارقة، تؤكد أنها تشهد حراكا شديد الغنى والتطور والتجديد والتنوع، وأننا أمام مشروع ثقافي حقيقي قائم على استيعاب مفهوم «مأسسة الثقافة» وعلى التخطيط الاستراتيجي للثقافة والتقييم والابتكار وطموح ثقافي بلا حدود، وفق معايير عالمية تضع الشارقة عنوانا للثقافة وللكتاب: «اقرأ، أنت في الشارقة».

أبو الريش: تتويج لجهود طويلة
الكاتب والروائي علي أبو الريش يقول: نيل الشارقة لهذا اللقب الاستثنائي لم يأت من فراغ، وإنما استند إلى جهود حثيثة بذلتها الشارقة منذ وقت مبكر وقبل تأسيس دولة الاتحاد، فالشارقة قدمت الكثير للثقافة والمثقفين، وبالتالي فإن اللقب هو تتويج لهذه الجهود ويكرّس مكانة الشارقة كمنارة عالية ومضيئة في سماء الثقافة والإبداع والفنون.
إن هذا اللقب مفخرة لكل إنسان يعيش على أرض الإمارات المعطاء والزاخرة بالإنجازات، وفوز الشارقة به يضع قاعدة صلبة للجيل المبدع من الشباب الإماراتيين، ويدفعهم لمزيد من الحماس المعرفي والعملي، من أجل تقديم ما هو أفضل وأكثر تميزا على مستوى الإنتاج الثقافي النوعي الآن ومستقبلاً.
الشارقة دائما مشرقة بمبادراتها المتوهجة التي يرعاها ويواكبها ويدعمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي يعتبر الأب الروحي للمثقفين الإماراتيين، والداعم الأكبر للمشاريع الثقافية الطموحة التي دائما ما تلقي بظلالها الإيجابية على المتعطشين للمعرفة والجمال وتقدير القيمة الإنسانية للثقافة ولمخرجاتها المتصلة بمفهوم التنمية المستدامة والحوار الحضاري مع الشعوب والمرجعيات المختلفة حول العالم.

يوسف: استراتيجيات ناجحة
الفنان الدكتور محمد يوسف، أستاذ مساعد كلية الفنون الجميلة بجامعة الشارقة، يقول: هناك شواهد ودلالات كثيرة تؤكد استحقاق هذا اللقب، لعل أهمها وضع الاستراتيجيات الثقافية الناجحة التي دشنتها الشارقة منذ اهتمامها المبكر بتكوين البنية التحتية من خلال المكتبات العامة وتنويع مصادر الاهتمام بالكتاب وترويجه من خلال معارض الكتب المختلفة، وتسلسلها من الطفولة لليافعين إلى معرض الشارقة الدولي للكتاب، إضافة إلى مكملات روافد الكتاب مثل التأليف والبحوث واختتامها بالجوائز الكبيرة.
وهذه الخطوات الاستراتيجية تهدف أساسا إلى تنمية الوعي الثقافي المحلي، وتوفير البيئة المناسبة لتشجيع القراءة. ناهيك عن أن مشاركات الشارقة الثقافية على مستوى العالم أعطت بعدا خاصا للقيمة النوعية التي يمتلكها الكتاب المطبوع، رغم هيمنة الأجهزة الرقمية والتي قد تساعد على تواجد طرق أسهل للقراءة إلا أن الكتاب الورقي هو الأمثل لتحقيق متعة القراءة والاستئناس بها، بالإضافة إلى الحوافز التي تقدمها الشارقة لتشجيع صناعة الكتاب، والتي أثمرت عن نتائج إيجابية حول تعميم فعل القراءة بين قطاعات المجتمع وشرائحه المختلفة، كما أن تطوير آليات الطباعة والنشر في الشارقة أدت إلى جذب القراء ونمو صناعة الكتاب وتشجيع الأفراد على المطالعة الحرّة. هذه الإنجازات الثقافية الكبيرة هي نتاج الدعم اللامحدود من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، ونتاج متابعة مشروع الشارقة الثقافي الطموح من قبل الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، إضافة إلى مبادرات البرامج المبتكرة التي جعلت من الشارقة نموذجاً للتخطيط الثقافي البعيد المدى، وهو التخطيط الذي أهّلها بقوة لنيل هذا الشرف لتكون العاصمة العالمية للكتاب 2019 بلا منازع.

خزام: منظومة شاملة
الروائي والشاعر عادل خزام، يقول:
فوز الشارقة بلقب العاصمة العالمية للكتاب يعكس الحضور الثقافي الدولي الذي تحظى به، خصوصا وأنه أتى من جهة تضع معايير دقيقة وصارمة عند اختيارها للعواصم الثقافية، وهي منظمة اليونيسكو. إن ما نشهده اليوم من حراك على صعيد تذليل الصعوبات التي تواجه الكاتب والناشر والموزع، هو حراك يشير إلى أن الشارقة تسير في الاتجاه الصحيح، باعتبارها حاضنة لأكبر معارض الكتب في العالم، وهو معرض الشارقة الدولي للكتاب، وثانيا لكونها العاصمة الثقافية العربية والإسلامية في المنطقة، وثالثا لوجود الديناميكية الثقافية المرنة التي تتفاعل مع التطورات الحاصلة حول العالم، فيما يتعلق بآليات القراءة الجديدة ووسائل نشر وطباعة الكتب بأحدث التقنيات وأكثرها جذبا للقراء بمختلف أعمارهم وأذواقهم وتوجهاتهم.
إن اهتمام الشارقة لا يقتصر على الكتاب وحده، لأنها تقدم منظومة متكاملة من العمل الثقافي الذي يتضمن تنظيم المؤتمرات الثقافية الكبرى، والمهرجانات الموسيقية والمسرحية والتشكيلية والاهتمام بالتراث والتاريخ والآثار، وهي منظومة أشبه بدوائر متداخلة ترسم فسيفساء المشهد الثقافي في الشارقة، وتؤسس لوعي إنساني خلّاق ومتجاوز للأفكار المنغلقة والإقصائية، وتمنح أبناء الإمارات والمقيمين فيها مساحة خصبة للابتكار والتعاطي مع الحياة من جهتها الأكثر إنتاجية والأكثر توقيراً للفنون والعلوم والإبداعات المتنوعة.

سالم: رمز للتنوير
الفنان والمخرج المسرحي إبراهيم سالم، يقول:
نيل الشارقة للقب العاصمة العالمية للكتاب 2019، يؤكد القيمة الثقافية الرفيعة التي تتمتع بها الإمارة الباسمة التي تعمل على نشر قيم المحبة والتسامح والحوار والجدل الخلاق وسط فئات المجتمع المختلفة، والتي يتحول فيها الكتاب إلى رمز للتنوير وإعمال العقل والتعرف على الثقافات المختلفة والإنتاجات الأدبية والفكرية والفلسفية والفنية المتعددة.
وهو ما استشعرته شخصياً في تجربتي، فقد استفدت كمسرحي من هذه المكانة الثقافية الكبيرة التي تتمتع بها الشارقة استفادة قصوى لأنها أتاحت لي الاطلاع على التجارب المسرحية العالمية سواء الكلاسيكية أو المعاصرة، كما أن اهتمام الشارقة بطباعة ونشر وترجمة النصوص المسرحية صنعت مناخا تفاعليا مثمرا في أوساط الكتاب والمخرجين المسرحيين في الإمارات، ومنحتهم العدة المعرفية والتخيلية والتطبيقية التي أسهمت في تقديم أعمال نوعية على خشبة المسرح في الإمارات وفي مشاركات الفرق المسرحية في المهرجانات المسرحية الخليجية والعربية والعالمية.
إن البنية الثقافية في الشارقة بنية متماسكة وتسعى دائما لتجاوز نجاحاتها السابقة، وتطوير آليات عملها بما يواكب التطورات العالمية في مجال نشر وتوزيع وتأليف الكتب، ودعم الناشرين المحليين، وتخصيص جوائز للمبدعين في مجالات الكتابة المختلفة، وإنشاء مكتبات في المنازل، وتشجيع ودعم الأطفال المتميزين في مجال التأليف، وحثهم على الاطلاع والمعرفة، مضيفا: إن فوز الشارقة بهذا اللقب سوف يدفع المشهد الثقافي وبقوة باتجاه التميز والإبداع النوعي في حقول الفنون التعبيرية والنقدية والأدبية المختلفة.

الهاشمي: بالكتاب يبقى الأثر
الناقدة د. مريم الهاشمي، تقول:
حين يأتي اختيار إمارة الشارقة كعاصمة عالمية للكتاب فلا نملك سوى أن نحتفي بكل زهو بعصور وحضارات وتاريخ بشري، ومراحل إنسانية تطورت وتطور معها الشعر والعلوم والفلسفة والتاريخ، بالكتاب يبقى الأثر وتتعمق جذور الحضارة وتخلُد وتبعث الروح في أسماء من يحمل شعلة الكتاب، في دولة الإمارات ، وتحديدا إمارة الشارقة نحتفل وتحتفل معنا - أكثر من مائتي جنسية متعايشة معنا وتشاركنا نفس الأرض والهواء والماء والعصر والتاريخ - بالعاصمة العالمية للكتاب.
هنا على هذه الأرض لا مكان للجمود والانغلاق، بل دعوة إلى معرفة الذات التي تعني الثقة بالنفس والوعي الحقيقي في سبيل خلق علاقات مع غيرها من الذوات، وهذا هو لب الاحتكاك الحضاري، وبذلك نحتفل جماعة لنقدم نسقا ومضمونا وفلسفة متزنة وحضارة إماراتية تتعلق بقيم احترام الآخر لنكمل فيها مسيرتنا الإنسانية، هنا باقة امتنان لكل الأقلام النيّرة التي تبني مجتمعات وتزرع قيماً، وتسهم في تكوين حضارات وأمم.

إدريس: أيقونة ثقافية
الكاتب الشاعر محمد إدريس، يقول:
اختيار الشارقة عاصمة للكتاب لعام 2019 من قبل اليونيسكو يؤشر إلى حيوية الشارقة وريادتها في مجال الثقافة وفي مجال الاطلاع، عدا عن الرؤية الثقافية التي تمتلكها الشارقة والتي تعتبر الطريق النموذجي لتحقيق أحلام وآمال صاحب السمو حاكم الشارقة.
أما أهم ما يميز الشارقة - برأيي - والذي جعل منها قبلة لكل ما يخص الثقافة والمثقفين فهي الرؤية القومية والإسلامية الحضارية التي تسير عليها، ففي ظل هذه الرؤية التقدمية والحضارية تزدهر الثقافة، وتزدهر صناعة الكتاب، وتزدهر القراءة.

تكليف عظيم
الكاتبة الروائية فتحية النمر، تقول:
تحية لشارقة الثقافة والفنون والآداب وألف مبارك لحاكمها الفذّ ولشعبها الطيبين عشاق الحكمة والنور الساعين إليهما سيرا مدروسا، وتحية أكبر لدولة الإمارات العربية المتحدة على التكريم الشارقي الذي لم يكن الوحيد بل هو تتويج لتكريمات سابقة: (الشارقة عاصمة الثقافة العربية والشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية واليوم عاصمة عالمية للكتاب وما أرفعه من وسام). هو الفخر والفخار لم يأتيا تكرما واعتباطا بل وفق خطة محكمة جاء ميلادها قبل أربعة عقود من الجهد والعطاء في ميدان الجمال بكل ما تشمله الكلمة السحرية والساحرة في الآن من مسارات ومسارب ودروب وقد اتخذ صاحب السمو حاكم الشارقة، بنظرته الثاقبة وببصيرته قراره الإنساني الأسمى بالإعلاء من قيمة الإنسان وحمايته على مر الأزمان.
حُق لنا أن نفرح وأن نسعد ونزهو وفي الوقت ألا ننسى بأن وراء التنصيب تكليفا عظيما ليس بالسهل مطلقا؛ فكوننا على القمة يعني فيما يعنيه أو من أهم ما يعنيه أن نمد حبل طموحنا إلى ذرى قمم تفوقها علوا ومكانة.

قنبس: استحقاق وبجدارة
الشاعر الاديب د. أكرم جميل قُنبس يقول:
تتربّعُ الشّارقةُ اليومَ على عَرشٍ ثقافيٍّ يمتدُّ امتداد دولة الإمارات العربيّة المتّحدة خاصّة، والوطن العربيّ عامّة، والعالَم كذلك، فهي تُرسخُ جذورها الثّقافيّة والمعرفيّة والعلميّة بشكل قويّ، وذلك برعاية صاحب السمو حاكم الشارقة، الّذي جعل الثّقافة والعلم والمعرفة هاجسه الأوّل، ولست متفاجئاً باختيار الشّارقة عاصمة عالميّة للكتاب؛ لأنها تستحق هذا الامتياز بجدارة يُدركها القاصي والدّاني، ولاشكّ في أن هذا يُشكّل رصيداً إضافيّاً إلى الشّارقة ليؤكّد مكانتها العلميّة والمعرفيّة والثّقافية على الخارطة العربيّة والعالميّة، ويرسّخ منهجيّتها في التعامل مع الكتاب، فهي بحرٌ يتدفّق من الجهات الأربع كُتباً ومعرفة وتعايُشاً، إنسانيّاً وتسامحاً إابداعاً يتألّق يوماً بعد يوم.

عقيلي: تكريم للثقافة العربية
الناقد الدكتور أحمد عقيلي، يقول:
لا شك أن هذا المنجز التاريخي، وهذا الاختيار ليس اعترافاً بمكانة الشارقة الثقافية والفكرية، وليس تكريماً لها فحسب، بل إنه تكريم للثقافة العربية، تكريم يعتز به كل عربي، وكل محبّ للثقافة العربية، ولم يتحقق هذا المنجز الحضاري في ليلة وضحاها، بل إنه نتيجة لجهود حثيثة وجبارة، رسم خطوطها ووجه آلياتها ووضع أسسها، صاحب السمو حاكم الشارقة، حيث أصبح الفكر، وأصبحت الثقافة محوراً أساسياً يرتقي بالذات ويهذب النفوس، ويسمو بالإنسان.

الهاشمي: اعتراف دولي
الكاتبة مريم أحمد الهاشمي، تقول:
إن اللقب الذي نالته الشارقة «عاصمة عالمية للكتاب» يأتي بمثابة اعتراف دولي بالمكانة الثقافية لدولة الإمارات على مستوى المنطقة والعالم، وتتويجاً لمنجزات المسيرة الثقافية لإمارة الشارقة على امتداد 40 عاماً ماضية، وتكريماً للرؤية التي أسس لها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تشكل المعرفة محورها وركيزة نجاحها، كما أن الشارقة هي مدينة الثقافة والفن والأدب، هي مدينة الإبداع الثقافي بشكل عام، هي كذلك بشكل تلقائي وبهدوء ومن دون مبالغات إعلامية، وهذه التلقائية الثقافية كانت من أهم سماتها علاوة على الجدية والمثابرة والاستمرارية والروح العالية من أجل أهداف ثقافية كبيرة هي في النهاية في مصلحة الشعب العربي الكبير.

الدرباس: الفعل الثقافي النوعي
الشاعر والأديب د. عبد الرّزاق الدّرباس، يقول:
تستمر الشارقة في ترسيخ نفسها على الخارطة الثقافية في محيطها المحلي والعربي والدولي، حيث يحتل معرض الشارقة الدولي للكتاب مكانة فريدة في قائمة معارض الكتاب، إضافة للنشاط الثقافي المتواصل على مدى العام.
وفي مجال الكتاب كان لهيئة الشارقة للكتاب رغم حداثة وجودها الدور المؤثّر، ومشروع مدينة الشارقة للنشر حيث ستغدو صناعة الكتاب أسلوباً حضارياً متخصصاً واحترافياً في إنجازه ونشره، من خلال منصات ورقية ورقمية تواكب التطور المطّرد في النشر والتوزيع.
وهكذا تكون الشارقة هي الوجه الأنقى للتطور الثقافي، حيث كان الرهان ناجحاً على الثقافة في تغيير الإنسان وتطوير تفكيره للتنوير والحضارة والتسامح والبناء والتمسّك بالموروث الناصع، ونبذ الانغلاق والكراهية والظلام من خلال الفعل الثقافي النوعي الذي يرتقي بإنسانية البشر، خاصة في هذا التوقيت الذي تلبّدت فيه سماء منطقتنا العربية بغبار الحرب والاضطرابات العاصفة.
فخورون نحن باختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب، كيف لا ونحن الذين في قلب الحدث الثقافي، ونحن الذين ننظر لمشروع الشارقة الثقافي على أنه مكسب لكل عربيّ ومسلم ومفخرة لكل مثقف يريد الخير لمجتمعه وأمته.
وقال الروائي الجزائري أمين الزاوي، الذي كان يشغل موقع مدير عام المكتبة الوطنية في بلده: «عملت الشارقة منذ وقت ليس قصير حتى تصل إلى هذا المقام الثقافي، واختيارها عاصمة عالمية للكتاب يبرز المشوار الطويل الذي قطعته دعماً لمشروعها الثقافي». وأضاف: «الاشتغال على الثقافة ليس ضرباً من العبث، بل هو إنماء وتطوير لا غنى عنه في أي مجتمع يتطلع إلى التقدم والازدهار».
وذكر الزاوي أن «الحدث لو تم تدبيره بالشكل الجيد سيكون فرصة ثمينة للثقافة العربية إجمالاً، وسيضع الكتّاب العرب في تجربة تواصل وتعارف مهمة مع الكتاب العالميين، كما سيضع الناشر العربي في تجربة احتكاك هو في أمسّ الحاجة إليها مع نظرائه في العالم».
وتمنى الكاتب الجزائري أن تشمل احتفالات الشارقة ثلاثة محاور، أولها الترجمة، وقالك «أتمنى أن تدفع المناسبة باتجاه ترجمة رموز الثقافة الإنسانية إلى القارئ العربية، ولكن بعيداً عن المحاصصات والحسابات الأيديولوجية، كما آمل أن تتم ترجمة الكتابات العربية إلى اللغات الأخرى»، أما المحور الثاني فيتمثل في الاهتمام بالكتاب الإلكتروني « من المهم ترسيخ ثقافة التعاطي مع الثورة الرقمية في مجال صناعة الكتاب، فنحن نعيش لحظة مفصلية يتحول فيها الكتاب من الورق إلى الوسائط الرقمية، وهذا هو توجه الاستثمار الثقافي الأوروبي حالياً»، كما دعا الزاوي، ثالثاً، إلى خلق مراكز أو حلقات ثقافية للكتاب الإلكتروني في البلدان العربية، مشيراً إلى أن من المهم «إعادة النظر في ما يعرف بالمكتبات الوطنية، وتحويلها إلى متاحف ثقافية، ويلزم بناء مكتبات جديدة تستلهم التكنولوجيات الجديدة في صناعة وتصفح وتوزيع الكتاب».

نقطة ضوء
من جانبه، قال الشاعر والكاتب المصري شريف الشافعي، إن «اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب يجيء منسجماً مع حضورها وتحققها الثقافي كمركز إشعاعي يتبادل الصلات الوثيقة والأدوار والمبادرات، مع المنارات العربية الراسخة المضاءة في القاهرة وبغداد وبيروت والمغرب العربي».
وتابع الشافعي: «لم تتقدم الشارقة صوب انتخابها عاصمة عالمية للكتاب مصادفة أو بقفزة فجائية استثنائية، إنما جراء خطوات واثقة وبفعل جهود متراكمة تخطيطية وتنظيرية وإبداعية، على سائر الأصعدة، فثمة اهتمام ملموس من رأس الهرم المؤسسي إلى قاعدته بالفكر والثقافة والإبداع، وبالكلمة مكتوبة ومقروءة ومسموعة ومؤدّاة، وهناك حالة سيولة لافتة، وحراك حر لا يخطئه مراقب».
ولفت الشاعر المصري إلى المكانة العليا التي بات يشغلها معرض الشارقة الدولي للكتاب، إضافة إلى مهرجان الشارقة القرائي للطفل وغيرها من فعاليات أطلقتها الشارقة في إطار رعايتها واهتمامها بالكتاب والقراءة، واختتم الشافعي: «الشارقة نقطة ضوء في الخريطة الخليجية والعربية، هذا أمر لا جدال فيه، وهي باختيارها عاصمة عالمية للكتاب تتحسس مكانًا لائقًا على الصعيد الدولي، وهو استحقاق يجب الالتفات إليه بالتحية والتقدير، كما أنه يوسّع حجم المسؤولية الملقاة على الإمارة».

استحقاق
وقالت الكاتبة البحرينية زهراء منصور، إن اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب هو «استحقاق لما بذلته الإمارة ممثلة في صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من جهد معروف ومسموع وأصيل في مجال الثقافة بكل مجالاتها». وتوقعت أن «يتفنن القائمون على هذه الاحتفالية الكبرى في تنظيم نشاط متنوع نشهد جزءاً منه في معرض الشارقة الدولي للكتاب».

تفعيل ثقافي
وذكر الروائي السوداني منصور الصويم أن الاختيار «يأتي في وقته تماماً، متلاحماً مع لحظة تفعيل ثقافي كبرى تنطلق من هذه الإمارة المشعة ثقافيا ومعرفيا، وفي رأيي أن المكاسب التي ستحقق من هذا الاختيار ستكون ذات قيمة ممتدة بلا حدود، تتعدى في ذلك اللحظة الاحتفالية والاحتفائية العابرة لتحفر عميقا في المنجز المعرفي والثقافي الإنساني». وأضاف: «أتوقع أن تخرج عن المألوف في مثل هذه الاحتفالات، أقول هذا وفي بالي حالة الحراك المدهشة فيما يتعلق بالكتاب والقراءة على مستوى دولة الإمارات، وما تجده هذه المشاريع من اهتمام على مستوى القيادة، وأيضاً أبني ذلك على ما شاهدته وأتابعه من نشاط ثقافي غير عادي تحركه دائرة الثقافة بإمارة الشارقة، سواء تعلق الأمر بأنشطة القراءة أو النشر وطباعة الكتاب وتوزيعه بشكل ميسر وشبه مجاني، والتدقيق المنهجي في اختيار العناوين وعدم تضييقها في مجال واحد، هذا إضافة إلى الانفتاح العالمي المتوقع تحاوراً وترجمة واستضافة، وبالطبع أتوقع حضوراً لافتاً للتقنية وما باتت تلعبه من دور متعاظم في نشر الكتاب - الإلكتروني - وتيسير وتسهيل سبل القراءة لملايين القراء حول العالم».

نهج احترافي
وقال الكاتب والناقد السعودي سامي الجمعان: «أن تكون الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019م، فذلك - وإن كان يدعو للاعتزاز - هو غير مستغرب بالنسبة لي، ومتوقع أيضاً عطفاً على النهج الاحترافي الذي سلكته هذه المدينة في العناية بالكتاب خاصة، والثقافة عامة، ليأتي التتويج منصفاً وموضوعياً في الآن نفسه»، وأوضح: أقول موضوعياً تبعاً للبرنامج الثقافي المبتكر الذي قدمته للمثقف فجاء لافتاً لنظر العالم أجمع، خاصة المنظمة التي تمثله في هذا الجانب، أعني «اليونيسكو»، التي تَتَوقع بدورها من «الشارقة» بوصفها عاصمة عالمية للكتاب مبادرات ثقافية متفردة طوال العام، وأن تتواصل مسيرة خدمة الكتاب فيها عبر مناشط وبرامج لافتة للانتباه، وذكر الجمعان: «إن تتويج هذه المدينة بمثل هذا المهمة ينطلق من كونها وضعت نصب عينيها استراتيجية خدمة المثقف وتسهيل مهمته في زمن انصرفت فيه المدينة الحديثة نحو الاستهلاك المجاني لكل شيء، بينما بقيت الشارقة حريصة على أصالة الثقافة ورونقها».

رفيقة بن رجب: تكريم رؤية
الدكتورة رفيقة بن رجب ـ الجامعة الأهلية في البحرين، تقول:
بهذا اللقب تنتصر الشارقة مرة أخرى وتبرهن للعالم من حولها أنها سوف تظل ضمن نسق قرائي بات يخضع لأيدلوجيات تتناسب مع العصر وتتقاطع أمامها كل الطاقات الإبداعية تحت شعار: «افتح كتابا تفتح أذهاناً». والحصول على هذا اللقب ليس سهلاً أو يسيراً على الإطلاق؛ نعم، كان اللقب، وبرغم حجمه متوقعاً، وحصول الشارقة على هذا المركز جاء نتيجة لسلسلة من المشاريع التي تعزز لمحور الثقافة المتماهي مع جوهر المعرفة.
أخيراً، أقول وبكل فخر، علينا جميعا إعادة ترتيب القراءات الواعية لنسجل حضورا فاعلا تتضح فيه مشاعر التواشج والحب لتلمس قيمة الكتاب لأن وصول الشارقة إلى هذا اللقب السامق هو جزء من الخطاب النقدي المتوج بأدبيات البنية العميقة التي يمتلك صاحب السمو حاكم الشارقة، حزمة من المشاعر المتولدة دائما من سياق الموقف دون قطيعة معرفية كما عودنا في كل مشاريعه.
تحية من الأعماق مرة أخرى لهذا الجبل الشامخ دائماً.. وهنيئا لك أيتها الشارقة.

عبد الله العويس: الكتاب هو «المدماك» الأول في البناء الحضاري
أكّد رئيس دائرة الثقافة في الشارقة عبدالله العويس أنّ اختيار الشارقة عاصمةً عالميّةً للكتاب من خلال منظمة اليونسكو، هو جزءٌ من استحقاقها، نظراً لإسهامها الكبير في مجال الكتاب والنشر، بتوجيه من صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فضلاً عن المبادرات المستمرة والمهمّة التي تمثّل رؤية سموّه واهتمامه الكبير بدور الكتاب في تنمية المجتمعات وتأكيد وعيها وتفكيرها الحضاريّ الذي ينعكس حتماً على سلوكهم الاجتماعي، ويحفز لديهم طاقاتهم الإبداعية بوجه عام.
وتنفيذاً لهذه الرؤية الحكيمة في تقدير الكتاب ونشره، قال العويس إنّ دائرة الثقافة في الشارقة أخذت على عاتقها أن تستمر في إصداراتها المتنوعة لتحقيق الهدف الذي تصدر من أجله، في مجالات الإبداع والفنون والمعرفة، وفي حقول الشعر والقصة والرواية والترجمة وكتب النقد والسينما والمسرح والموسيقى والتشكيل، عبر مكتبة غنّاء بكلّ احتياجات القرّاء الثقافيّة.
وأضاف العويس: تعتبر إصدارات الدائرة ومجلاتها، وحتى توثيق المهرجانات الفنيّة والأدبيّة والفكريّة، مصدراً ليلبي رغبة القرّاء والمهتمين، وإذا ما أضفنا لهذا كلّه معرض الشارقة الدولي السنوي للكتاب بما يستضيفه من دور نشر كثيرة قويّة وذات باع طويل وبمقاييس نوعيّة في جودة الكتاب ومعايير النشر، وكذلك مدينة النشر التي أرادها صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاضنةً حقيقيّة وميسّرة ومبتكرة للعناية بالكتاب والنشر.. فإنّ الشارقة لأجل ذلك كلّه تستحق وعن جدارة أن تكون عاصمةً عالميّةً للكتاب.
وللوفاء بهذا الاستحقاق تقوم الشارقة ببذل كل جهود النشر وانتظام الأنشطة الثقافية على شكل برنامج فاعل ومميّز منذ بداية عام الاحتفاليّة حتى نهايته، وتستند الشارقة في ذلك إلى خبرتها في تنظيم الفعاليات والاحتفال اللائق بمثل هكذا مناسبات كبيرة ومهمة على الصعيد العالمي.
وأكّد العويس أننا إذا ما اعتبرنا الكتاب هو عتبة الحضارة والمعرفة وهو «المدماك» الأوّل في البناء المعرفي والإبداعيّ، فإنّ الشارقة استطاعت أن تجعل من مدارسها وجامعاتها ومنتدياتها وهيئاتها وروابطها وجمعياتها واتحاداتها الثقافية محطات إشعاع فكري نحو المساحة المجتمعية الأوسع، في الإمارات والخليج والوطن العربي والعالم.

أحمد بن ركاض: تجربة الشارقة الثقافية درس للمدن والأفراد
أوضح رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري، أن تتويج الشارقة بلقب العاصمة العالمية للكتاب، هو تتويج للثقافة العربية، ولمسيرة أربعين عاماً من العمل المعرفي الذي قاده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي اختار مبكراً أن يكون الكتاب سبيل نهضة، ومحرك تغيير، وآمن بأنه لا يمكن تحقيق أي مشروع حضاري من دون الاستناد إلى الإرث المعرفي للثقافة الإنسانية، والاستثمار به لتتحول خلاصاته المكتوبة إلى منجزات قائمة على أرض الواقع، وقال العامري: «نلمس اليوم نتائج هذا الجهد المعرفي والتطبيقي في بنية المجتمع المحلي الإماراتي والعربي، وستحصد ثمارها مستقبلاً الأجيال الواعدة، والقادرة على تحقيق تطلعات مشروع الدولة ورؤيتها».
وأضاف العامري: «يشكل اختيار الشارقة لهذا اللقب الذي يعد الأرفع من نوعه عالمياً فرصة ثمينة أمام المثقف الإماراتي والعربي لتقديم الصورة الحقيقية والجوهرية التي يستند عليها الفعل الإبداعي والمعرفي العربي، إذ ستكون الشارقة خلال عام اللقب مركز النشاط الثقافي العالمي، والوجهة التي يلتقي فيها مثقفو وكتّاب وإعلاميو العالم، الأمر الذي يدفع بنا كمؤسسات وأفراد إلى تعزيز أفق الحوار والتواصل الثقافي مع مختلف مراكز صناعة الكتاب والمعرفة في العالم، إلى جانب العمل على توسيع رؤى وأهداف المشاريع الثقافية التي تقودها مؤسسات الإمارة الثقافية».
وأشار العامري إلى أن تجربة الشارقة الثقافية تقدم درساً ونموذجاً فريداً ليس للمدن النظيرة لها عربياً وعالمياً وحسب، وإنما تقدم منهجاً محكماً للمؤسسات والأفراد في الإمارة والدولة، مؤكداً أن ما قادته الإمارة من جهود وما تعمل عليه يتلخص في حقيقتين، الأولى هي الإيمان بأثر المعرفة وقدرتها على إحداث تحوّل نوعي، والثانية هي قدرة التراكم والإصرار والعمل الدؤوب على الوصول إلى كل ما نطمح له من أهداف وما نسعى له من تطلعات، وهو ما يمكن تنفيذها على المستوى المؤسسي والفردي للمضي في الدرب الذي رسمه صاحب السمو حاكم الشارقة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©