السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القارة العجوز تعاني من الاعتماد على الغاز الروسي

القارة العجوز تعاني من الاعتماد على الغاز الروسي
25 يوليو 2009 00:08
بعد أن عانى مئات الألوف من المواطنين في أوروبا الشرقية من قسوة الشتاء بسبب النزاع الحاد الذي نشب بين روسيا وأوكرانيا بشأن إمدادات الغاز الطبيعي فإن المسؤولين في الاتحاد الأوروبي ما زالوا فيما يبدو يبحثون عن التطمينات بشأن استدامة تدفق هذه الواردات. وحتى إذا ما عمدت شركة جاز بروم الاحتكارية الروسية لتصدير الغاز الى إغلاق الصنابير مرة أخرى فسوف تجد أوروبا أن لديها كميات كافية من الغاز الطبيعي بسبب التخطيط المستقبلي الذي تم تنفيذه حتى الآن كما يقول أندرياس بيبالجاز مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي في مؤتمر صحفي. وينطبق هذا الأمر أيضاً على أكثر الدول تعرضاً لهذه الانقطاعات في الإمدادات في خارج الاتحاد الأوروبي مثل دول منطقة البلقان كما ذكر المسؤولون في الاتحاد الأوروبي. ولكن المحللين أشاروا من جانبهم الى أن هنالك العديد من الأسئلة المتعلقة بالمسألة والتي سوف تبقى قائمة حتى بعد انقضاء موسم الشتاء بشأن عما إذا كانت أوروبا سوف تتمكن من ضمان تدفقات إمدادات كافية ومستقرة من الغاز الطبيعي من روسي الدولة المزودة الأكبر لهذه الإمدادات. وبرغم وجود العديد من المبادرات التي تمضي قيد التنفيذ فإن المسؤولين متفقون فيما يبدو على أن هذه المقترحات والمشاريع ما زالت تحتاج الى سنوات حتى تصبح على أرض الواقع بينما يعتقد المحللون بأن بعض هذه المشاريع ربما لن تتحقق أصلاً بسبب الحساسيات السياسية بين دول القارة العجوز، فيما يتعلق بالسيطرة على إمدادات الطاقة. ولكن وحتى بيبالجاز نفسه أقر بأنه لا يضمن استمرار تدفق الإمدادات وبخاصة في حال انهيار المحادثات المزمع عقدها في بروكسل في هذا الصيف بين روسيا وأوكرانيا من أجل حل النزاع المطول بشأن الدفات المالية. وفي الحقيقة وحتى وقت قريب فإن الغاز الطبيعي لا يزال متوفراً نسبياً في القارة الأوروبية، إلا أن الإمدادات من بحر الشمال أصبحت تشهد التراجع بوتيرة متسارعة. الحصة الروسية وفي الوقت الذي توفر فيه النرويج 15 في المائة من احتياجات الاتحاد الأوروبي فإن روسيا لا تزال تزود القارة بحوالي 25 في المائة من متطلباتها، بينما بات من المتوقع أن تشهد هذه الحصة في السوق الأوروبية ارتفاعاً دراماتيكياً في المستقبل القريب، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعمق من اعتمادية القارة العجوز على الطاقة من روسيا - الدولة العظمى السابقة الأشد حساسية تجاه الانتقادات والتي لم تخف رغبتها في استخدام الطاقة كسلاح سياسي. وبرغم هذه المخاطر والتحديات الماثلة فإن بعض الحكومات وشركات الغاز الأوروبية لا تزال مترددة في كسر الحواجز التي تفصل ما بين أسواقها الوطنية للطاقة عبر بناء المزيد من الارتباط بشبكات الغاز في الدول الأخرى على سبيل المثال. وبصرف النظر عن التكاليف العالية بهذا الارتباط فإن كبريات شركات خدمات الغاز في بعض الدول الأوروبية ما تزال متخوفة من أن يؤدي هذا الارتباط الى زيادة التنافسية وبشكل يسفر عن انكماش هوامش أرباحها، بل إن هذه الشركات انتهجت سلوكاً معادياً وغير مرحب بمشاريع مثل خط أنابيب نابوكو الذي سوف يجلب الغاز الروسي الى أوروبا بسبب التخوف من إثارة العداوات مع شركة جاز بروم. وقال سيمون برياني كبير الباحثين في مركز معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة في بريطانيا «لا يجب أن يتذكر واضعو السياسات في الاتحاد الأوروبي أن شركات الطاقة الأوروبية لديها علاقات طويلة وراسخة مع جاز بروم بحيث لا يرغبون في التخلي عنها كما أن العديد من هذه الشركات ما زالت تعتبر العلاقة مع روسيا تأتي في صدارة الأولويات». خط نابكو لكن خط أنابيب نابكو المقترح سوف ينقل إمدادات الغاز أيضاً من مصادر غير روسية حول بحر قزوين كما يتمتع بميزة تجاوزه للأراضي الأوكرانية، علماً بأن الاتفاقية التي تمت المصادقة عليها في الأسبوع الماضي من قبل تركيا وأربع دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي سوف تسمح لخط الأنابيب البالغ طوله 3.200 كيلومتر بعبور هذه الدول الأوروبية. إلا أن العديد من الأسئلة ما زالت تدور حول كيفية تمويل المشروع الذي تبلغ قيمته 7.9 مليار يورو (11.2 مليار دولار) وعما إذا كان باستطاعته تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي بأي مقدار ولو قليل. وكذلك عما إذا كانت الإمدادات البديلة من دول مثل العراق وتركمانستان سوف تصبح كافية لتعويض الإمدادات الروسية. ولعل هذا ما دعا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لأن يقول ثناء اجتماعه في الأسبوع الماضي في ميونيخ مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «حتى الآن لا يوجد أحد باستطاعته أن يشير الى المكان الذي سوف يأتي منه الغاز البديل»، وفي هذه الأثناء فإن «نورد ستريم» خط الأنابيب الآخر الذي سوف يمتد من روسيا عبر بحر الشمال الى ألمانيا قد اقترب من المضي قدماً في التنفيذ. بيد أن الانقطاع الذي حدث في إمدادات الغاز في يناير الماضي كشف عن فجوات ملحوظة نظام الطاقة للاتحاد الأوروبي مثل الارتباط الضعيف مع الدول الأكثر تعرضاً لتوقف الإمدادات وبخاصة في منطقة البلقان. آليات جديدة وفي ظل مخاوفه من إمكانية حدوث أزمة مستقبلية فقد طالب بيبالجاز مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي بوجود آليات جديدة تطالب الدول بالاستعداد قبل حدوث انقطاع آخر إمدادات الغاز الطبيعي. وهذه القوانين الجديدة المقترحة سوف تمنح المفوضية سلطة وضع خطة قومية استراتيجية حال فقدان أي من الدول أكبر مصدر لتزويدها بالغاز وسوف تلزم الاتفاقية جميع الدول باعتماد خيارات تتعلق بالتخزين وإجبارها على دفع أموال لشركات الخدمة في الدول المجاورة مقابل تخزين الغاز لصالح هذه الدول. وفي خطوة تهدف الى تهدئة المخاوف والحساسيات الوطنية فيما يتعلق بالطريقة التي تعمل بها أسواق الغاز فقد دعمت بنداً يطالب بحق إبلاغ الدول بالوقت الذي يتم فيه الإفراج عن الاحتياطيات الاستراتيجية. وبالإضافة لذلك فإن بيبالجاز يعكف على دراسة طموح تتمكن من خلالها المفوضية من إصدار أوامرها للسلطات الوطنية وشركات الغاز الطبيعي بمساعدة الدول الأخرى التي تواجه أحوالاً طارئة في فترة لا تتعدى ثلاثة أيام. ولكن وبحسب العديد من المحللين والدبلوماسيين فإن جميع هذه المبادرات سوف تنطوي على العديد من المشاكل المستعصية. إذ يقول كريستيان شالكة البحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في مكتب بروكسل «لا أرى أية فرصة في قبول الحكومات بهذه المطالب». ويبدو أن ألمانيا سوف تصبح ضمن الدول التي من المرجح أن ترفض هذه المبادرات بسبب ما تعتبره فقدان السيادة على قطاع الطاقة الهام، كما يقول شالكه. ويبقى أن أكثر ما يؤرق أوروبا الآن الكيفية التي تضمن من خلالها أن أوكرانيا لديها الأموال اللازمة للاستمرار في دفع فواتير الغاز المطلوب لملء المستودعات المقترحة وبخاصة في أشهر الصيف بحيث يمكن استخدامها بسلاسة في فترة ذروة الطلب في فصل الشتاء. علماً بأن 80 في المائة من الغاز الروسي المتجه الى أوروبا يمر عبر الأراضي الأوكرانية. لذا فإن الاتحاد الأوروبي يعكف حالياً على دراسة إمكانية توفير قرض بمليارات اليورو من أجل مساعدة أوكرانيا على الاستمرار في دفع فاتورة الغاز وحتى الآن فإن الدول الأوروبية ظلت غير راغبة في تمويل القرض مخافة إهدار هذه الأموال، كما أن المانحين الدوليين مثل بنك الاستثمار الأوروبي وصندوق النقد الدولي ما زالوا بانتظار ضمانات من أوكرانيا بجعل قطاع الطاقة في الدولة يخضع للمزيد من الانفتاح والشفافية. عن «انترناشونال هيرالد تريبيون»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©