الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

حملة عالمية لتمويل ترميم كاتدرائية نوتردام

حملة عالمية لتمويل ترميم كاتدرائية نوتردام
17 ابريل 2019 03:41

دينا مصطفى، وكالات (أبوظبي، باريس)

تنفست باريس الصعداء، أمس، بعد إخماد الحريق الهائل الذي اندلع في كاتدرائية نوتردام، المعلم الحضاري الأبرز في قلب العاصمة الفرنسية. وأعلن مكتب المدعي العام في باريس بداية التحقيق في الحادث، وعقد وزير الثقافة لوران نونيز اجتماعاً مع خبراء ومهندسين معماريين فرنسيين لمحاولة تحديد مدى تماسك المبنى، وكيفية إعادة ترميمه. ودعت جهات مختلفة إلى البدء في حملة عالمية لترميم الكاتدرائية العريقة. وأكد خبراء لـ «الاتحاد» أن الخسارة لا يمكن تعويضها، ولكن يجب في البداية التأكد من أساسات الكاتدرائية، وأن البرجين الباقيين غير مهددين، كما رجحوا أن تبلغ التقديرات الأولية لتكلفة إعادة الإعمار أكثر من مليار يورو.
وكانت فرق الإطفاء قد سيطرت أمس على الحريق الضخم، في كاتدرائية نوتردام. ووعد الرئيس إيمانويل ماكرون بأنه ستتم إعادة بناء هذا الصرح التاريخي. وقال المتحدث باسم فرق الإطفاء، إنه تمت السيطرة بالكامل على الحريق، وشارك حوالي 400 إطفائي في مكافحة النيران، وتم إنقاذ برجي الكاتدرائية الأماميين. وصب رجال الإطفاء المياه على الأطلال المحترقة لكاتدرائية نوتردام، بينما يحاول المحققون معرفة سبب الحريق. وظل مئات من رجال الإطفاء يكافحون الحريق لمدة 12 ساعة قبل أن يصبح تحت السيطرة ويتمكنوا من إنقاذ برجي الجرس والجدران الخارجية للكاتدرائية، إلا أن السقف انهار، كما انهار برج الكاتدرائية الذي يعود تاريخه إلى ثمانية قرون.
وقال مكتب المدعي العام في باريس، إنه بدأ تحقيقاً بشأن الحريق، وإن المحققين يعملون على فرضية الحريق العرضي، وليس المتعمد في كارثة الحريق المدمر الذي اندلع في كاتدرائية نوتردام. وأعلن وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز أمس، أن خطر النيران قد أبعد، لكن التساؤلات الآن هي معرفة كيف يمكن لهذا البناء أن يصمد. وقال خلال مؤتمر صحفي «سيعقد بالتالي اجتماع مع خبراء ومهندسين معماريين من فرنسا لمحاولة تحديد ما إذا كان المبنى ثابتاً»، وقال «سنعيد بناء نوتردام التي تعتبر الصرح التاريخي الذي يستقطب أكبر عدد من الزوار في أوروبا، ويزورها ما بين 12 و14 مليون سائح كل سنة. كما أوضحت نيابة باريس أنه تم فتح تحقيق بتهمة تدمير غير متعمد عبر حريق. وأدى الحريق لانهيار السقف الخشبي للكاتدرائية الذي كان يشهد عمليات تجديد وترميم واسعة النطاق. وتجمع المئات على ضفتي نهر السين ليشاهدوا الحريق المستعر وسيطرت عليهم حالة من الذهول، وتلا البعض صلوات، وأنشد آخرون أناشيد دينية على نحو متناغم. وأفادت فرق الإطفاء بأنّ الحريق مرتبط على الأرجح بورشة الترميم التي تشهدها الكاتدرائية البالغ عمرها 850 عاماً والمدرجة على لائحة «اليونسكو» للتراث العالمي منذ عام 1991.
وأعلنت عمدة باريس آن هيدالجو عزمها عقد مؤتمر للمانحين لإعادة بناء الكاتدرائية بعدما بدأت مساعدات مليونية متعددة في التدفق لهذا الغرض. كما أطلقت مؤسسة «فونداسيون دو باتريموان» الخيرية المعنية بحماية التراث الفرنسي حملة عالمية لجمع تبرعات لإعادة بناء الكاتدرائية، حيث من المرجح أن يتكلف ذلك مئات الملايين من اليورو. وانطلقت حملات أخرى في الولايات المتحدة، وتعهد الكثيرون من جميع أنحاء العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتقديم تبرعات. وتعهد اثنان من أغنى رجال الأعمال في فرنسا بتقديم تبرعات. وقدم فرانسوا هنري بينو الرئيس التنفيذي لمجموعة كيرينج المالكة لعلامات تجارية عالمية تبرعاً بقيمة 100 مليون يورو (113 مليون دولار)، كما أعلن الملياردير برنار أرنو تبرعه بمبلغ 200 مليون يورو.
وقال الأسقف باتريك شوفيه كبير قساوسة كاتدرائية نوتردام، إنه تم إنقاذ إكليل الشوك المصنوع من القصب والذهب ورداء يعتقد أن الملك سان لويس ملك فرنسا في القرن الثالث عشر ارتداه، وأنه سيتم نقلهم إلى اللوفر لاحقاً.
من جهته، قال د خطار أبو دياب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس في تصريح خاص لـ«الاتحاد»، إن الحريق الهائل والمروع الذي ضرب كاتدرائية نوتردام لم يضرب فقط المعلم السياحي والديني والأثري، بل ضرب رمزاً من رموز التراث الحضاري في العالم؛ ولذا فالخسارة لا تعوض فبعد 12 ساعة من محاولات إخماد الحريق أخيراً تمكن رجال الإطفاء من وإنقاذ البنية والهيكل الأساسي للكاتدرائية وهكذا البرجين لحين التحقق لما تم إنقاذه من التحف واللوحات الموجودة داخل الكاتدرائية في مطلق الأحوال. وعبر أبو دياب عن مشاعر الأسى، مؤكداً أن أمس الأول كان يوماً حزيناً في فرنسا وفي أوروبا وأنحاء العالم كافة، فقد استفاقت باريس حزينة ولكن مع إعلان رجال الإطفاء عن الإخماد الكامل للحريق يمكن القول إن الأسوأ قد مر، وإن الحياة قد عادت إلى طبيعتها حول الكاتدرائية.
وقال أبو دياب، إن ماكرون أشرف بنفسه على كل خطوات إخماد الحريق، كما أعلنت جمعية التراث الوطني عن بدء جمع تبرعات، وكان أول المتبرعين المليونير الفرنسي فرانسوا بيدو بمائة مليون يورو، ولكنه أكد أن الوقت مازال مبكراً لتقدير حجم الأضرار للمبنى التاريخي فقد استغرق العمل على المبنى التاريخي من قبل ما بين القرنين الثالث عشر الرابع عشر، وهذا الحريق الناتج عن خطأ تقني أو بشري لا نعرف حتى الآن كم سيستغرق العمل فيه، ولكن هناك إرادة فرنسية لإعادة البناء. وأشار أن النائب العام في باريس يتحدث عن حريق غير متعمد ولم يتحدث أحد عن عمل إجرامي وعلى وجه الخصوص في قبة الكنيسة التي تعتمد على عشرات الأعمدة الخشبية، كما علمنا وحدث احتكاك كهربائي وشعلة كهربائية أدت إلى هذا الحريق الهائل الذي لم يكن من السهل أبداً لأن اتجاه الهواء لم يكن مع رجال الإطفاء، وتم إجلاء أكثر من 400 رجل إطفاء ما بين السهم والبرج حتى لا يصابوا في الداخل، وبالتالي كان حريقاً ضخماً وصعباً؛ لأن جهود الإطفاء التي تستخدم في الغابات كان من الصعب استخدامها في هذه الحالة خوفاً على أساسات الكنيسة من زعزعة أساساته. وسوف يتم الكشف عن سبب اشتعال الحريق.
وأضاف أبو دياب أن الخسائر فادحة وضخمة، ولكن هناك العديد من التقنيات التي يمكن استخدامها لإعادة إحياء الفنون والمعمار الرائع في الكنيسة، وكان هناك في السابق عدة فنون معمارية واستكمال للبناء تم في السابق وكل هذه التجهيزات، ولكن المهمة عسيرة بشكل عام وإن لم يكن في الإمكان إعادة كل شيء كما كان، ولكن يجب في البداية التأكد أن الأساسات سليمة، وأن البرجين الباقيين غير مهددين والآن بعد الإخماد الكامل للنيران، يتم التأكد من عدم اشتعال جيوب أخرى وقد أعلنت العديد من الهيئات من ضمنها «اليونسكو» لإنشاء ورشة كبيرة لجعل نوتر دام مكاناً دائماً لأنه ليس متصوراً وجود قلب باريس بلا نوتردام. ورجح أبو دياب أن التقديرات الأولى لتكاليف الترميم ضخمة جداً قد تصل أكثر من مليار يورو.
من جهته، أكد الصحفي محمد جميح المقيم بالعاصمة البريطانية لندن، وهي أقرب جيران فرنسا أن الشعب البريطاني المنشغل بالبريكست أصابه الذهول جراء الحريق وغطى الخبر ولو لفترة قصيرة على أخبار البريكست، حيث أولت وسائل الإعلام البريطانية اهتماماً كبيراً منذ الدقائق الأولى للحريق، فيما تدفقت التغريدات المتابعة للحريق أولاً بأول على مواقع التواصل الاجتماعي وجرى الحديث عن الخسارة التاريخية الفادحة للكنيسة كمعلم هام ليس في باريس وحدها ولكن في أوروبا والعالم ومدى أهميته كإرث للإنسانية كلها وكمعلم سياحي مهم.
وقال جميح، إن وسائل إعلام بريطانية تحدثت عن حملة فرنسية لجمع الأموال اللازمة لترميم الكاتدرائية. كما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بتقارير وتعليقات النشطاء البريطانيين وفيديوهات عن الحريق، وتحدثت الصحافة البريطانية اليوم وعلى رأسها الجارديان والإندبندنت والتايمز، وغيرها عن مئات الآلاف من اليورو التي تعهدت جهات عدة بالتبرع بها لإعادة ترميم الكنيسة.

تضامن عالمي واسع مع فرنسا لمواجهة كارثة «نوتردام»
توالت ردود الفعل من مختلف أنحاء العالم للتعبير عن الحزن إثر حريق كاتدرائية نوتردام التاريخية بوصفها «رمز فرنسا»، وتكثفت رسائل التضامن مع باريس. حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس أن حريق كاتدرائية نوتردام أمر مروع، مضيفاً أن أفكاره مع شعب فرنسا وحكومتها. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «إنّ الكاتدرائية هي رمز لفرنسا ولثقافتنا الأوروبية.. أفكارنا مع الأصدقاء الفرنسيين».
وأعربت الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا وزوجها الأمير فيليب عن حزنهما العميق إزاء حريق كاتدرائية نوتردام. وقالت في رسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون» الأمير فيليب وأنا نشعر بحزن عميق لرؤية مشاهد الحريق الذي شب في كاتدرائية نوتردام». وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ماي أن أفكارها تتجه إلى الشعب الفرنسي». وكتب رئيس بلدية لندن صادق خان في تغريدة «لندن حزينة مع باريس اليوم».
وأكّدت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي وقوف المنظمة إلى جانب فرنسا لحماية وترميم هذا التراث الذي لا يقدر بثمن. وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك على تويتر «نوتردام باريس هي نوتردام كل أوروبا. نحن جميعنا مع باريس»، وطالب جميع الدول الـ 28 الأعضاء بالمجلس الأوروبي بالمساعدة في إعادة بناء كاتدرائية نوتردام. وقال رئيس الحكومة الإيطالية جوسيبي كونتي «إنها ضربة في صميم الفرنسيين وكل الأوروبيين».
وقال رئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس في تغريدة «إنها ليست كارثة وطنية لفرنسا وحسب، وإنما أيضا لأوروبا والتراث العالمي. ايمانويل ماكرون نحن معك». وأعرب الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين عن تضامنه مع فرنسا بعد الحريق الذي شب في كاتدرائية نوتردام. وطالب جميع دول الاتحاد الأوروبي بالمساعدة في إعادة بناء الكاتدرائية. فيما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الحريق الذي التهم كاتدرائية نوتردام يخلف «ألما في قلوب الروس».
وفي العالم العربي قال شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيّب في تغريدة «أشعر بالحزن تجاه حريق كاتدرائية نوتردام، هذه التحفة المعمارية التاريخية. قلوبنا مع إخواننا في فرنسا، لهم منا كلّ الدعم». وقالت وزارة الخارجية المصرية إنّ القاهرة «تتابع ببالغ الأسى والألم حادث الحريق الذي شبّ في كاتدرائية نوتردام. وكتب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إنّ «الحزن يلفّ العالم لمشهد الحريق في كاتدرائية نوتردام في باريس. كارثة تراثية وإنسانية تفوق الوصف. كلّ التضامن من لبنان مع الشعب الفرنسي الصديق».
وأعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس في برقية أرسلها إلى ماكرون عن بالغ تأثره بخبر الحريق الذي دمر الكاتدرائية»، مؤكّداً أنّ «هذه الكارثة لا تمسّ فقط بواحد من المعالم التاريخية ذات الحمولة الرمزية الكبيرة لمدينة باريس، بل أيضاً مكاناً للعبادة لملايين الأشخاص عبر العالم». كما أعرب العراق الذي تعرض جزء كبير من تراثه للدمار بسبب الحروب المتكررة وهجمات إرهابيين حولت جزءاً كبيراً من مواقعه الأثرية إلى ركام عن تضامنه مع فرنسا لحريق كاتدرائية نوتردام كما أرسل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني برقية إلى الرئيس الفرنسي يعبر فيها عن «تضامنه مع الرئيس ماكرون والشعب الفرنسي الصديق، إثر حادث الحريق المأساوي الذي تعرضت له كاتدرائية نوتردام العريقة في باريس». كما عبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية عن أسفها «الشديد» للحريق الهائل في الكاتدرائية.

«العالمي للتسامح» يتضامن مع فرنسا
أعرب أحمد بن محمد الجروان رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام عن أسفه للحريق الذي لحق بكاتدرائية نوتردام التاريخية في العاصمة الفرنسية باريس. وقال في بيان للمجلس العالمي للتسامح والسلام إن العالم يتألم لهذا الحادث المروع الذي أصاب أحد أهم المعالم الحضارية والدينية التاريخية في العالم، مبدياً تضامن المجلس مع حكومة وشعب فرنسا جراء هذا الحادث المؤسف. وأضاف أن المجلس يولي أهمية قصوى للحفاظ على مثل هذه المعالم الدينية التاريخية لما لها من رمزية حضارية وثقافية كبيرة ليس فقط لدى الشعب الفرنسي بل للعالم أجمع. وأكد أن المجلس العالمي للتسامح والسلام يثمن جهود السلطات الفرنسية في السيطرة على الحريق، متمنياً إعادة ترميم ما أفسده الحريق حفاظاً على هذا المعلم التاريخي.

الفاتيكان حزين
أعرب الفاتيكان عن حزنه لاحتراق الكاتدرائية، وقال البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية «إنه قريب من فرنسا ويصلي من أجل الكاثوليك في فرنسا وسكان باريس». وأضاف أنه يشاطر الشعب الفرنسي حزنه بعد الحريق الذي دمر كاتدرائية نوتردام. وعبر عن أمله في أن يجري ترميمها لتظل رمزاً لإيمان أسلافهم. وقال البابا في رسالة لأسقف باريس ميشيل أوبتيه «أشاطركم أحزانكم، سكان باريس وجميع الفرنسيين».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©