السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مفكر أميركي: قطر على حافة الانهيار

مفكر أميركي: قطر على حافة الانهيار
15 ابريل 2019 00:06

دينا محمود (لندن)

حذر المفكر الأميركي البارز، توماس ألبرت هوارد، من أن قطر تعيش حالةً من التناقضات تجعلها طوال الوقت على «الحافة»، مؤكداً أن المظهر البراق الذي يحاول النظام الحاكم في الدوحة إضفاءه على دويلته المعزولة، يخفي تحته العديد من المشكلات الخطيرة المتجذرة في بنية هذا البلد، والتي تمثل «تهديداً وجودياً» لها.
وعقب زيارةٍ قام بها إلى قطر استمرت عدة أيام، شدد هوارد على أن هناك قدراً كبيراً من «الارتباك والقلق والاضطراب» يكمن تحت «الصخب البادي على السطح» في قطر، مُشيراً في هذا الصدد إلى أن السلطة والنفوذ هناك لا يزالان يتركزان - على سبيل المثال - في يد العديد من القبائل النافذة، وذلك تحت قيادة أسرة آل ثاني.

وأبرز هوارد - وهو أستاذٌ مرموقٌ في جامعة فالباريسو بولاية إنديانا الأميركية - حقيقة أن عملية صنع القرار في الدويلة المعزولة لا تزال «محاطةً بالسرية والدسائس والمكائد»، وتهكم على تعمد قناة «الجزيرة» المملوكة للنظام القطري، تجاهل ما تقترفه أسرة آل ثاني، قائلاً إن «حرية التعبير تمثل بوجهٍ عام؛ سلعةً (قطريةً) للتصدير إلى الخارج، وليس للاستهلاك المحلي».
وفي مقالٍ تحليليٍ نشرته مجلة «كومون ويل» الأميركية التي تصدر في مدينة نيويورك، تطرق البروفيسور المخضرم إلى السياسة الخارجية «غريبة الأطوار» التي تنتهجها قطر، والتي تقوم على إقامة «علاقات صداقةٍ (مزعومةٍ) مع الجميع.. وهو ما يعود في بعض الأحيان بالوبال» على الدوحة، مُشيراً في هذا الشأن إلى أن تلك «الإمارة صغيرة المساحة.. تستضيف أكبر القواعد العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، حتى مع سماحها لحركة طالبان بأن تُبقي في الوقت نفسه على مكاتب لها في الدوحة».
بجانب ذلك، تعتبر قطر - كما يقول الكاتب - كلاً من إيران وتركيا «صديقتين لها، وتقدم الدعم لجماعاتٍ إسلاميةٍ متنوعة، من بينها جماعة الإخوان (الإرهابية) وحركة حماس». وأكد هوارد أن هذا الدعم المشبوه لتنظيماتٍ تسعى لزعزعة الاستقرار في باقي دول الخليج، بالإضافة إلى تسخير قناة «الجزيرة» لأداء المهمة نفسها، هو ما أدى إلى العزلة الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية المفروضة حالياً على النظام القطري، إلى حد أنه بات من الأيسر على الأميركيين «أن يتوجهوا من الولايات المتحدة جواً إلى الكثير من دول الشرق الأوسط، بدلاً من أن يقوموا بالرحلة نفسها انطلاقاً من الدوحة».
ومن بين الأساليب المثيرة للجدل التي تتبعها الدويلة المعزولة في سياساتها الخارجية كذلك، محاولاتها الدائبة للتأثير في الأوساط الأكاديمية في الولايات المتحدة، عبر «إغوائها» جامعاتٍ أميركيةٍ مرموقةٍ مثل «جورج تاون» و«نورث ويسترن» و«تكساس آيه آند إم» و«كورنيل»، لإقامة فروعٍ لها في المنطقة المعروفة باسم «المدينة التعليمية» في الدوحة، وهي البقعة التي أكدت وسائل إعلام بارزة في الولايات المتحدة أنها شهدت الكثير من الوقائع الموثقة لانتهاك حقوق العمال الأجانب.
وفي مقاله الذي حمل عنوان «على الحافة: هل تستطيع قطر تجاوز تناقضاتها؟»، حذر ألبرت هوارد من أن مستقبل قطر يكتنفه الغموض، في ظل كل هذه التناقضات التي تمارسها داخلياً وخارجياً، متسائلاً بالقول: «هل يمكن لدولةٍ أن تتعايش مع تحديثٍ متهورٍ وهياكل قبليةٍ سياسيةٍ ومعتقداتٍ دينيةٍ متشددةٍ؟».
وأردف بالقول: إنه على الرغم من أن «صنابير الغاز الطبيعي (المتدفقة بالأموال) يبدو أنها تجعل كل الأشياء ممكنةً في الوقت الراهن، فإن الصدوع تظهر هنا وهناك. فالتعليم الغربي.. جعل الشبان القطريين يدركون أن تعليمهم الأوليّ (القطري) لم يُكسبهم سوى توجهاتٍ سلبيةٍ بشدة حيال معتنقي الديانات الأخرى» على سبيل المثال.
كما يشعر هؤلاء الشبان - بحسب المقال - بأنهم «يعيشون في عالمٍ خياليٍ تغمره النقود، يخضع لوصايةٍ أبوية»، فيما تعاني النساء القطريات من الخضوع لـ «تفسيراتٍ شديدة التشدد» للدين، فيما يتعلق بممارستهن لدورهن في المجتمع.
وأبرز الكاتب الأميركي، كذلك، المفارقة المتمثلة في دعم قطر للجماعات المتطرفة، مُعتبراً أن إقامة ما يُعرف بـ «مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان»، منذ نحو عقدٍ من الزمان، لا يعني على الإطلاق حرص نظام تميم على ترسيخ مفاهيم التسامح والتعايش بين الأديان، بين المواطنين والمقيمين على أراضي البلاد.
وأكد الكاتب المخضرم أن مما يفضح الأكاذيب القطرية في هذا الشأن، حرص الدوحة على أن تفرض حظراً غير معلن على زيارة القطريين لمركزٍ أطلقت عليه اسم «مجمع الأديان»؛ تسمح فيه للمسيحيين بممارسة شعائرهم.
ونقل عن علماء اجتماعٍ غربيين قولهم إن السلطات الحاكمة في الدويلة المعزولة حرصت على أن تختار موقع هذا المجمع وتصميمه على نحوٍ يجعله «بعيداً عن أنظار القطريين، وأذهانهم كذلك»، وهو ما يضيف معاناةً أخرى تُلقى على كاهل العمال الوافدين الذين يعتنقون أدياناً شتى، ويكابدون في الوقت نفسه أوضاعاً معيشيةً مزرية وغير صحية بكل معنى الكلمة.
وأبرز الكاتب حقيقة أن هؤلاء العمال يقيمون في أماكن مكتظةٍ بعيدةٍ عن المناطق الراقية في الدوحة، وتفتقر في الوقت نفسه للخدمات الأساسية، كما أنهم يعملون في «ظروفٍ قاسيةٍ، وفي ظل درجات حرارةٍ مرتفعةٍ بشدة»، ما دفع المنظمات الحقوقية الدولية، لإصدار تقارير تسلط الضوء على هذه المشكلات» والجرائم الإنسانية.
ولم يغفل البروفيسور الأميركي الإشارة إلى الرِشى التي دفعها النظام القطري لـ «شراء» حق تنظيم بطولة كأس العالم المقبلة لكرة القدم، في التصويت الذي أُجري في هذا الشأن أواخر عام 2010 بين أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي «الفيفا».
واعتبر هوارد ذلك بمثابة «محاولةٍ (أخرى من قطر) لتجاوز قدراتها» ولعب دورٍ أكبر من إمكانياتها على الساحة الدولية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©