السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

السجائر الإلكترونية.. بداية طريق الإدمان

السجائر الإلكترونية.. بداية طريق الإدمان
9 ابريل 2019 01:51

منى الحمودي (أبوظبي)

حذر أطباء من انتشار ظاهرة تدخين المراهقين والشباب للسجائر الإلكترونية، حيث ساهمت خفة وزنها وشكلها الذي يشبه ذاكرة التخزين «ميموري فلاش» في سهولة اقتنائها دون اكتشافها. بالإضافة إلى عدم وجود دراسات تثبت جدواها في المساعدة على الإقلاع عن التدخين التقليدي، بينما اعتبرتها منظمة الصحة العالمية خطراً يقود للإدمان ويسبب الأمراض.
وقال الدكتور شريف بكير، استشاري أمراض القلب في مستشفى المفرق، «إن التدخين بكافة أنواعه غير محبذ عند الكبار، وعندما يتعلق الأمر بفئة المراهقين والشباب، فالأمر هنا يتطلب وقفة جادة». وأضاف «عندما تبدأ هذه الفئة العمرية بتدخين السجائر الإلكترونية، بكل تأكيد سوف ينتهي الأمر بهم لتدخين السجائر العادية والمدواخ والشيشة».
وأوضح أن بعض الأطباء يعتبرون أن السجائر الإلكترونية هي الحل الأخف ضرراً للراغبين في ترك التدخين العادي، وذلك بعد خضوعهم لجميع أنواع العلاجات مثل بديل النيكوتين (اللصقة) والأدوية. مشيراً إلى أن مشكلة تدخين السجائر هي العادة والإدمان، والأسهل التخلص من الإدمان بعكس العادة والتي يمكن أن تخفف السجائر الإلكترونية منها.
وأشار الدكتور شريف بكير إلى أن المواد التي تحتويها السجائر العادية معروفة والمشكلة الأساسية التي تأتي من السجائر العادية هي المواد المخلوطة التي تحتويها وليس النيكوتين لوحده، حيث يعتبر ضرر النيكوتين أقل بنسبة 95% من المواد الأخرى التي تحتويها السجائر. لكن المواد التي يحتويها السائل الذي يتم استخدامه في السجائر الإلكترونية مجهول المصدر وغير معروف المواد، عدا النيكوتين المعروف وجوده فيه، لافتاً إلى أن السجائر الإلكترونية بدأت في عام 2002 وهناك حاجة لمرور 30 سنة على الأقل لمعرفة أضرارها وإلى أين تصل؟، وحتى الآن لم تظهر لها أضرار تُذكر.
وقال «من يقوم بصنع السجائر الإلكترونية هم نفس الشركات التي تصنع السجائر العادية، وحتى الآن لا نعرف أهدافهم، كما هناك تجارة بينهم وبين الشركات الإلكترونية» مضيفا «أن شركات التدخين تصرف في السنة الواحدة 13 بليون دولار على الدعاية، مما يعني أنهم قادرون على تعويض تلك الأموال من خلال الأرباح التي تدرها عليهم بيع السجائر بكافة أنواعها».
وذكر أن بعض الأشخاص الذين يتم علاجهم باستخدام السجائر الإلكترونية يصل لمرحلة تدخين النوعين من السجائر؛ العادية والإلكترونية مما يجعل علاجهم من التدخين أصعب عن قبل. موضحاً الفرق بين السجائر العادية التي تعمل على حرق النيكوتين «أول أكسيد الكربون» والذي يعتبر مسببا أول لسرطان الرئة، فيما تعمل السجائر الإلكترونية على تسخين النيكوتين فقط دون حرقه.


وأكد الدكتور شريف بكير أهمية تقنين السجائر الإلكترونية والمواد التي تحتويها، باعتبارها وسيلة من وسائل الإقلاع عن التدخين، وهناك تسجيل لتجارب ناجحة لمدخنين استطاعوا ترك التدخين عن طريق السجائر الإلكترونية.
وشدد على أهمية توعية الأهالي حول أشكال وأنواع السجائر الإلكترونية والتي تأتي بأشكال لا يمكن الشك بأنها سجائر، وفي حالة اكتشاف إدمان أبنائهم عليها، فإن عليم التوجيه لعيادات الإقلاع عن التدخين فهي غير صحية ومن المؤكد لها تأثير صحي سوف يظهر مستقبلاً. مشيراً إلى أن سنوات المراهقة تعد بالغة الأهمية لنمو الدماغ، والذي يستمر حتى مرحلة البلوغ، والشباب الذين يستخدمون منتجات النيكوتين بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك السجائر الإلكترونية، معرضون للآثار الطويلة الأمد، نظرًا لأن النيكوتين يؤثر على تطور الدماغ، وخاصة أن استمرار استخدام السجائر الإلكترونية لا يمكن أن يؤدي فقط إلى إدمان النيكوتين، ولكنه يمكن أن يتطور الأمر لإدمان مواد أخرى تجلب المتعة لعقل المراهق. كما يؤثر النيكوتين على تطور دوائر الدماغ التي تتحكم في الانتباه والتعلم، تشمل المخاطر الأخرى اضطرابات المزاج والمشاكل في التحكم بالنبضات.

وسيلة غير فعالة
أشار الدكتور إياد حسن، أخصائي ممارسة التمريض في معهد التخصصات الطبية الدقيقة في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، إلى وجود العديد من أولياء الأمور الذين يصطحبون أبناءهم من فئة الصغار المراهقين لعيادة الإقلاع عن التدخين في كليفلاند كلينك أبوظبي، خوفاً من إدمان السجائر الإلكترونية، وتم تسجيل 5 حالات حتى الآن من هذا النوع، جميعهم تعلموا التدخين من زملائهم في المدرسة.
وقال «لا تعتبر السجائر الإلكترونية أفضل من السجائر العادية أو المدواخ والشيشة، فالناس أصبحوا يرونها مثل المشروبات الغازية «الدايت»، كون أن الترويج لها بأنها تحتوي على 400 مادة كيميائية بعكس السجائر العادية التي تحتوي على 4 آلاف مادة كيميائية».
وأضاف «السجائر الإلكترونية ليست من المساعدات التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ولا يوجد دليل علمي قاطع على فعالية السجائر الإلكترونية في الإقلاع عن التدخين على المدى الطويل».
وتابع «لم يتم تقييم السجائر الإلكترونية بشكل كامل في الدراسات العلمية، في الوقت الحالي، ولا توجد بيانات كافية عن سلامتها، ومقارنة الآثار الصحية لها بالسجائر التقليدية، وإذا كانت مفيدة للأشخاص الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين، فإن استخدام السجائر الإلكترونية يعرض الرئتين لمجموعة متنوعة من المواد الكيميائية، بما في ذلك المواد المضافة إلى السوائل التي تحتويها، والمواد الكيميائية الأخرى المنتجة أثناء عملية التبخير».


ولفت إلى أن الشركات المصنعة للسجائر الإلكترونية هي ذاتها الشركات المصنعة للسجائر العادية، ولديها خطة طويلة الأمد بالترويج لها بأنها أنظف وأخف، لجعل الأطفال يتعودون عليها ويكون الطفل قادرا على التدخين ومتمكناً وبالتالي يتعود على السيجارة العادية».
وأوضح أن الفئة العمرية للصغار من المراهقين في المدارس بطبيعتهم لا يحبون التدخين ولا يعرفون ماهيته، ولكن عندما تصل السجائر الإلكترونية للمدارس، يبدأ التقليد الأعمى بين الطلبة وحب التحدي وإثبات الذات، فترى الطالب يبدأ التدخين متحدياً زميله بالتدخين وكمية شفط الدخان وإخراجه وغيرها من التحديات. مبيناً أن النكهات التي يحتويها السائل للسجائر الإلكترونية تعتبر مشجعاً نوعاً لتدخينها، وهناك خوف من التعود عليها ويصبح عدد المدخنين أكبر.
وقال: «تريد الشركات المصنعة للسجائر الإلكترونية الترويج لها على إنها مختلفة وأخف ضررا، لكن علينا أن نراها مثل السجائر العادية وبذات الضرر، فالدراسات حولها ليس كافية، وهناك الحاجة للمزيد من الأبحاث والدراسات حولها وحول المواد التي يحتويها السائل فيها، بالإضافة لسن القوانين التي تنظم بيعها واستخدامها والمواد التي تحتويها».

مواصفات قياسية
اعتمدت دولة الإمارات في فبراير الماضي مواصفة قياسية إلزامية رقم» UAE.S 5030: « الخاصة بمنتجات النيكوتين الإلكترونية، من خلال هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس «مواصفات». وذلك في إطار منع انتشار السيجارة الإلكترونية والمنتجات النظيرة بشكل غير مقنن في أسواق ومنافذ البيع في الدولة، ودعم الجهود للحد من التدخين ومكافحة الأمراض الناتجة عنه.
وتعتبر المواصفة القياسية الإماراتية بشأن السجائر الإلكترونية إلزامية على جميع الشركات والمنتجين والمصنعين قبل توريد هذه المنتجات إلى الأسواق. وتأتي استناداً إلى أفضل الممارسات العالمية في هذا الإطار، على غرار الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ، والتشريع الأوروبي، والمواصفة البريطانية في هذا الشأن، فضلاً عن القانون الاتحادي الإماراتي رقم 15 لسنة 2009 بشأن مكافحة التبغ.
وتهدف المواصفة لوقف التداول العشوائي لهذه المنتجات دون قيود أو ضوابط، كذلك تلافي عدم معرفة المكونات المستخدمة في المنتج أحياناً نتيجة وجود إمكانية لخلط بعض المواد المضافة المحظورة مما يشكل خطراً على الصحة العامة في المجتمع.
وتتضمن المواصفة بنوداً تتعلق بمجال التطبيق الذي يشمل منتجات النيكوتين الإلكترونية التي تستخدم كبدائل للسجائر التقليدية، والتي تتضمن المنتجات التي لا تحتوي على تبغ مثل السجائر الإلكترونية أو الشيشة الإلكترونية وعبوات التزويد المخصصة لإعادة تعبئتها مثل عبوات السائل الالكتروني، كذلك تشمل المنتجات التي يستخدم فيها التبغ المصنع حيث يتم وضعه في جهاز إلكتروني يقوم بتسخين لفافة التبغ وتدخينها بواسطة الجهاز دون حدوث عملية احتراق للتبغ.
وتحتوي المواصفة القياسية الإماراتية على متطلبات واشتراطات فنية ينبغي توفرها في المنتج، واشتراطات أخرى تتعلق بالاستيراد والتصنيع والتعبئة والعرض والتداول والأوزان، كذلك البيانات الإحصائية الواجب توفرها على بطاقة بيان المنتج متضمنة التحذيرات الصحية الخاصة به.
ويأتي إصدار المواصفة لتلافي عدم معرفة المكونات المستخدمة في المنتج أحياناً نتيجة وجود إمكانية لخلط بعض المواد المضافة المحظورة، ما يشكل خطراً على الصحة العامة، والتأكد من خلو عبوات المنتج من بطاقات البيان التحذيرية الصحية، واستخدامه من قبل صغار السن بشكل شائع وخطير وما شكله من مخاطر على هذه الفئات، علاوة على إخضاع المنتج لشروط الرقابة وتقييم مطابقته للمواصفات القياسية ذات العلاقة أسوة بمنتجات التبغ الأخرى.

ما السجائر الإلكترونية ؟
بحسب المعاهد الصحية الوطنية الأميركية، فإن السجائر الإلكترونية هي أنظمة توصيل النيكوتين الإلكترونية، عبر أجهزة تعمل بالبطاريات تحتوي عادةً على النيكوتين والنكهات والمواد الكيميائية الأخرى. يمكن أن تشبه سجائر التبغ التقليدية، الأنابيب، أو حتى الأقلام أو وحدات التخزين “USB». وتحتوي على خزانات قابلة للتعبئة المختلفة، بغض النظر عن تصميمها وظهورها. يوجد في السوق حالياً أكثر من 460 علامة تجارية مختلفة من السجائر الإلكترونية.
ووجدت دراسة أجريت على المدخنين البالغين في أوروبا أن الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية كانوا أقل رغبة في التوقف عن التدخين من أولئك الذين لم يستخدموها. وإن الذي يستخدمون السجائر الإلكترونية يدخنون أيضًا سجائر أكثر من أولئك الذين لم يدخنوا. وفي دراسة أخرى شملت أكثر من 800 شخص قالوا إنهم يستخدمون السجائر الإلكترونية لمساعدتهم على الإقلاع عن التدخين التقليدي للسجائر، وأفاد 9% فقط أنهم توقفوا عن التدخين بعد مرور عام. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم ما إذا كانت تجربة السجائر الإلكترونية تؤدي إلى الاستخدام المنتظم للتبغ العادي أو الإقلاع عنه.
وبموجب قوانين إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لا يمكن للقاصرين شراء السجائر الإلكترونية في المتاجر أو عبر الإنترنت، بقانون التنظيم الحكومي للسجائر الإلكترونية، وتنظم الإدارة تصنيع السجائر الإلكترونية واستيرادها وتعبئتها ووضع العلامات والإعلان عنها والترويج لها وبيعها وتوزيعها، وهذا يشمل مكونات وأجزاء من السجائر الإلكترونية.
وأكدت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها أن الادعاءات المتعلقة بسلامة السجائر الإلكترونية وفعاليتها في الإقلاع عن التدخين لا أساس لها من الصحة في الأدلة العلمية. فالسجائر الإلكترونية تحتوي على النيكوتين، وهو عنصر ضار ويسبب الإدمان، ويؤثر على نمو الدماغ لدى الشباب. وترتبط السجائر الإلكترونية أيضاً بالإصابات والأمراض، والأمراض المعدية للحلق والفم، والسعال، والغثيان، والقيء.
وأوضحت المنظمة أن نظام إيصال النيكوتين إلكترونياً، التي تعتبر السجائر الالكترونية من نماذجه الأكثر شيوعاً، هي عبارة عن أدوات لا تحرق أوراق التبغ، بل تقوم بتبخير محلول معين ومن ثم يستنشقه مستعملها. والمكونات الرئيسية للمحلول، علاوة على النيكوتين ، هي البروبيلين غلايكول المخلوط بالغليسيرين والنكهات المطعمة أو بدونها، كما تحتوي محاليل نظم إيصال النيكوتين إلكترونياً وانبعاثاتها على مواد كيميائية أخرى، وبعضها يُعتبر من المواد السامة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©