الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهرجانات التراثية.. أصالة وسياحة وتجارة

المهرجانات التراثية.. أصالة وسياحة وتجارة
6 ابريل 2017 19:20
أحمد السعداوي (أبوظبي) كثيرة هي الفعاليات والمهرجانات التراثية التي تشهدها الدولة على مدار العام، وتسلط الضوء على جوانب مهمة من تاريخ الإمارات الضارب في أعماق التاريخ وهو ما أثبتته بحوث علمية وكشوف أثرية متوالية، وتحمل المهرجانات التراثية أبعاداً أخرى إلى جانب هدفها الرئيس وهو الاهتمام بالتراث وتعزيز قيمته في النفوس، حيث تحمل أبعاداً اقتصادية للأفراد الذين يقومون بعرض منتجاتهم المختلفة، وكذلك تشجيع السياحة الداخلية عبر تسليط الضوء على بعض المدن والمناطق في الدولة، كما تمثل المهرجانات التراثية فرصة للمصورين والفنانين التشكيليين الذين يعبرون عن مواهبهم بأعمال فنية بديعة مرتبطة بشكل مباشر بالتراث وعالمه الساحر، فضلاً عن فتح أسواق لتبادل المنفعة بين العاملين في المجالات التراثية المختلفة ومنهم تجار الإبل أو «الحلال»، ومستلزمات الإبل والخيول والصقور، وغيرها من المكونات التراثية التي تزين المهرجانات التراثية، وتجعل منها ساحة مفتوحة لتلاق مدهش لأهل التراث وخاصته على مائدة الأصالة والعراقة. أهداف كثيرة حول جوهر المهرجانات التراثية، تقول الباحثة التراثية فاطمة عبيد المغني إنها تحمل الكثير من الأبعاد وتسعى إلى تحقيق عديد من الأهداف يدركها جيداً أهل التراث والعاملون فيه، إذ تعتبر ملتقى واسعاً للهواة والشغوفين بالتراث، كما أنها تعد وسيلة فعالة لتبادل الخبرات الاجتماعية والثقافية في المجتمع، ومن خلالها يتم تذكر الماضي الجميل والتعرف إلى حياة الأجداد التي تعطي الجميع دروساً نافعة يتعلمها الأبناء والأحفاد من الأجيال السابقة، وتعلم القيم والعادات والتقاليد وأساليب المعاملة في الحياة اليومية التي يغلفها الاحترام المتبادل بين الجميع صغاراً وكباراً. وتتابع أن هناك دوراً اجتماعياً بالغ الأهمية للمهرجانات التراثية، لدعم الأسر المنتجة التي تخصصت في التراث وإنتاج مشغولاته، إذ أصبحت هذه المهرجانات مصدر رزق للكثير من أعضاء الأسر الذين يعرضون المشغولات اليدوية المنزلية على أعداد كبيرة من الجماهير من رواد المهرجانات، وبالتالي تعتبر سوقاً ممتازة لطرح ما لديهم من منتجات تراثية أصيلة أبدعتها أياديهم، ويعد الإقبال على منتجات الأسواق الشعبية الملحقة دوما بالمهرجانات التراثية، أقوى حافز للأسر المنتجة على المضي قدماً في هذا الاتجاه، وتحقيق قدر أعلى من الإبداع والتميز فيما ينتجونه من أعمال مرتبطة بشكل متجذر بالهوية المحلية، لافتة إلى أن المهرجانات التراثية المقامة في الدولة يقبل عليها كثير من أبناء الدول الخليجية المجاورة وبالتالي تزداد لحمة أبناء الخليج ويتبادلون الأفكار والخبرات حول عناصر تراثية تتشابه في كثير من أوجهها، وهو بعد وطني عظيم القيمة لا يعرفه جيداً إلا من اعتاد المشاركة في المهرجانات التراثية سواء أكان عارضاً أو مشاهداً أو حتى متابعاً عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. مفردات الأقدمين لهجة الأقدمين، وأسماء سلالات الهجن، والمناسبات التي كانت تجري فيها الشارات (السباقات) وغيرها من المفردات العتيقة، يتم إحياؤها بقوة عبر هذه الفعاليات، كما تؤكد الخبيرة التراثية، التي توضح أنه لولا المهرجانات التراثية التي تعكس الماضي الجميل لضاعت الكثير من معالمه في زخم الحياة العصرية. وتتابع «كذلك الأكلات الشعبية، صار لها جمهور كبير وبدأ المقيمون في الدولة يتعرفون إلى أشهرها كاللقيمات وخبز الرقاق، ويسألون عنها ويحرصون على تناولها ومعرفة مكوناتها، وهو في حد ذاته هدف استطاعت المهرجانات تحقيقه لكون أساليب الطهي جزءاً رئيساً من المكون المحلي لأي شعب، ما يجعل المهرجانات التراثية، مناسبة سعيدة يجتمع فيها الكل على حب الإمارات وتعزيز كل ما يرمز إليها في نفوس الجميع». ولا يمكن إغفال جانب الترويج السياحي لكثير من المناطق في الدولة التي صار الجمهور يعرفها لارتباطها بإقامة فعاليات تراثية في سائر أرجاء الإمارات، مثل مهرجان الشيخ زايد التراثي بالوثبة في أبوظبي، ومهرجان سلطان بن زايد التراثي في سويحان، ومهرجان عوافي برأس الخيمة، والشندغة في دبي، وغيرها من الفعاليات التراثية المهمة التي سلطت الضوء على أماكن مختلفة في الدولة وأصبحت مقصداً سياحياً مهماً يخطط الناس لزيارته ضمن برامجهم السياحية، بفعل إقامة مهرجانات تراثية مصحوبة بزخم إعلامي كبير على الصعيدين المحلي والعالمي. وتدعو المغني إلى استمرار المهرجانات على مدار العام وألا تكون موسمية، لما تحمله من جوانب مهمة تتعاظم قيمتها ومردودها الإيجابي على كل قطاعات المجتمع بالاستمرارية، ما يتيح للعاملين في المجال التراثي مزيداً من التخطيط لإبراز منتجاتهم. الفن التشكيلي حول تأثرها بالمهرجانات التراثية، تقول الفنانة التشكيلية هدى الريامي «عملي بالفن يجعلني أستمد أفكاري من التاريخ والتراث وتقاليد الدول والشعوب، وأقوم بالاطلاع على المدارس الفنية ومنهجيتها من خلال الوسائل المتاحة والإمكانات التي تسمح بالتعرف إلى الأنواع المختلفة من الفنون والتعمق فيها بهدف تشرب ما فيها من نواحٍ جمالية وبالتالي ينعكس على الأعمال التي أنجزها». وتوضح أن إبراز الهوية عبر المشاركة في الفعاليات التراثية يمثل لها الكثير، من خلال الجمع بين خصوصية التعبير الفني ونشر الوعي بحضارة هذه الأمة وتأكيد معاني الانتماء والأصالة بإمكانيات حديثة ووسائل متطورة، مشيرة إلى أن بدايتها في عالم الفن التشكيلي اتسمت بالتأثر الكبير بالبيئة الإماراتية ومظاهر الحياة فيها دونما إغراق في متاهات وأساليب الفن الحديث، ولا زلت أسير على هذا النهج في الاعتزاز بكل ما يتعلق بالبيئة الإماراتية والحرص على إبرازه في إطار جماليات الفن التشكيلي، الذي يجد له جمهوراً كبيراً يجمع بين عشق التراث الحسن والفن الراقي، ممن يترددون على المهرجانات التراثية المختلفة في الدولة، ما يجعل أي فنان تشكيلي عاشقاً للتراث يسعى إلى الوجود المستمر في هذه الأحدث التراثية الكبرى التي تشهدها الإمارات باستمرار، لكون هذه المشاركة تضيف له الكثير في مسيرته الفنية وتفتح له مجالاً للتلاقي المباشر مع أعداد كبيرة من الجماهير تفوق تلك التي نراها في قاعات العرض الفنون التشكيلية. سوق «الحلال» يحرص سالم عبيد الجابري على زيارة المهرجانات التراثية، مشيداً بالاهتمام الكبير الذي يوليه أولي الأمر في الدولة بها كونهم يدركون أن لها أبعاداً لا تقل أهمية عن قيمة التراث والعمل على صونه. ويشير إلى أن هذه المهرجانات تعد سوقاً مفتوحة يتعارف فيه ملاك ومربو الإبل على بعضهم، ويتبادلون الخبرات، وتعقد بينهم صفقات تجارية، كما إن هذه المهرجانات فرصة لعرض أنواع مختلفة من عتاد الإبل ومستلزمات الخيل وأدوات الصيد بالصقور، والتي يصنع معظمها يدويا، إذ ينتظر عشاق الهوايات البدوية إقامة المهرجانات التراثية ليجدوا فيها ما يريدونه من بضائع خاصة بهواياتهم أو تجارتهم المرتبطة بشكل قوي بالتراث ومكوناته. ويرى أن المهرجانات التراثية ليست مجرد وسيلة لعرض نماذج من تاريخ الأقدمين، بل إنها تشمل منافع تهم قطاعات كثيرة في المجتمع، يسعدون بإقامة هذه الأحداث التراثية التي تحمل لهم الخير الكثير، خاصة أنها تقام بتنظيم عالي المستوى يشجع الجميع على زيارته والجمع بين المتعة والفائدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©