الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمود محيي الدين لـ «الاتحاد»: بعد «كورونا» العالم يتبنى توطين التنمية

محمود محيي الدين لـ «الاتحاد»: بعد «كورونا» العالم يتبنى توطين التنمية
6 ابريل 2020 01:18

شريف عادل (واشنطن)

في صباح يوم ربيعي في واشنطن، وبينما تقفز عداد حالات الإصابة بفيروس كورونا، أجاب الاقتصادي المصري محمود محيي الدين عن سؤال «هل كان اعتماد العالم الكبير على الصين خطأ؟ هل كانت العولمة خطأ؟» بقوله «رغم أن الصين هي الدولة الأنشط تجارياً على مستوى العالم، لم يكن هناك اعتماد كامل عليها، وإنما كانت جزءاً من سلاسل الإمداد، فرضته اعتبارات التكلفة».
وأضاف الاقتصادي المصري الذي شغل من قبل منصب النائب الأول لرئيس البنك الدولي، في مقابلة مع «الاتحاد» أن هناك مراحل متعددة في منظومة الإنتاج، ربما تتم مراجعتها مستقبلاً بعد انتهاء الأزمة، «وقد يكون هناك اتجاه أكبر مستقبلاً نحو توطين التنمية والتصنيع والاستثمار، وإن خالف ذلك مفهوم المزايا النسبية الذي تقوم عليه التجارة الدولية». وأكد أنه يعلم أن «هناك شركات ومطورين يبحثون ذلك حالياً، وباستثمارات كثيفة في التكنولوجيا، من أمثلته الطباعة ثلاثية الأبعاد التي ستقلل تكلفة المنتجات، ما يسمح بالإنتاج قرب أسواق المستهلكين»، مضيفاً أن «هذا الأمر كان سيحدث على أية حال، وإن كانت الأزمة سرعته». أما العولمة، فيرى محيي الدين أنها تتكون من 4 مسارات، التجارة، والاستثمار، وحركة العمالة، وانتقال المعلومات والمعارف. ويقول «خلال الأزمة الحالية، تراجعت حركة التجارة بصورة كبيرة، وفي هذه الأجواء، لا يوجد استثمار مباشر، وإنما حركة للأموال الساخنة التي ترتفع وتهبط بعملات الدول وتضارب على أسعار السلع الأساسية، قبل الهروب إلى الملاذات الآمنة، محققةً أقل القليل من الفائدة للاقتصاد الحقيقي، أما حركة العمالة فهناك ما يزيد على ربع مليار مهاجر للعمل في العالم، وتشير التوقعات إلى أنهم سيواجهون صعوبات مع تدقيق الحكومات في اختيار العمالة المهاجرة إليها في المستقبل القريب، بعد تراجع اقتصادات الدول المستقبلة لتلك العمالة». وأشار محيي الدين إلى أن المسار الرابع لا يمكن تعطيله، وهو الخاص بالتواصل ونقل المعارف والتكنولوجيا، قائلاً إنه ألقى محاضرة قبل يومين لـ 1800 طالب لإحدى الجامعات المصرية أثناء وجوده في واشنطن.
وحول المخاوف من تحول الأزمة الحالية إلى أزمة ديون على غرار 2008، قال الاقتصادي المصري «هناك 3 مراحل ينبغي أن نمر بها، الأولى هي الأزمة والتعامل معها، ثم مرحلة التعافي وردود الفعل، ولا بد أن تشمل الكثير من المراجعات للمؤسسات والنظم الاقتصادية والسياسية، ثم المرحلة الأخيرة الخاصة بتشكيل واقع جديد، لا يمكن التنبؤ بالكثير مما فيه الآن».
وقارن محيي الدين ما يحدث حالياً بما حدث يوم الاثنين الأسود في أكتوبر 1987، وأزمة الأسواق الناشئة في 1997، ثم الأزمة المالية العالمية في 2008، مؤكداً أن تلك الأزمات، تتقزم جميعها أمام الأزمة التي يمر بها العالم الآن.
ويرى محيي الدين أن «المطلوب حالياً ألا تؤثر الأزمة في الاقتصاد، وألا يؤثر التراجع الاقتصادي في حياة الناس وسلوكهم». وأشار إلى ضرورة المحافظة حالياً على أنظمة الدفع حول العالم، مؤكداً أن هذا هو الدور الأول للبنوك المركزية. وقال النائب الأول السابق لرئيس البنك الدولي: «إن الجهات المقرضة ستواجه بالتأكيد مشكلات عديدة مع الأفراد والشركات المقترضين منها، لذا فعليها أن تبادر بتقديم مبادرات لتيسير الأمر على المدينين، من خلال تأخير سداد بعض الفوائد والأقساط، والإعفاء من غرامات تأخر السداد، أو تخفيض معدلات الفائدة على القروض، قبل أن تفاجأ بموجات من التعثر»، مشيراً إلى أن هذا الأمر واجب من باب التراحم، إضافة للمزايا الاقتصادية على الفرد والمجتمع، وقد أيدت مجموعة الـ20 تخفيف أعباء الديون خلال اجتماعها يوم الخميس. ولكن، ألا تؤثر حزم الإنفاق الضخمة، ومبادرات تأخير السداد أو إلغاء جزء من الديون على ميزانيات الدول؟ رد الدكتور محيي الدين بإعادة مقولة ماريو داراجي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، التي قال فيها: «نحن في حالة حرب»، مضيفاً: «هذا ظرف قهري شامل، يتطلب الحرص والمرونة وتجنب أثر الخطر المعنوي الذي قد يؤدي إلى فوضى في هذه الظروف»، مؤكداً أن «هناك متربحين دائماً من الأزمات، وأن جماعات المصالح تلعب دوراً كبيراً في تحديد المستفيدين من القرارات الحكومية».
وأضاف محيي الدين: «لذا لا بد من توفير تعليم جيد ورعاية صحية ومواصلات مجاناً لكل المواطنين في كل الدول، ويمكن لمفهوم الدخل الشامل أن يساهم في تحقيق ذلك»، مؤكداً أن «أغلب الدول العربية يمكنها تفعيله، بشرط التزام المواطنين بدفع الضرائب، وترتيب أولويات الإنفاق العام، وللعلم، هذه الأموال المنفقة تساهم في تحريك الاقتصاد في أوقات الكساد أو الركود».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©