الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بلسم الفقراء يخفض الكوليسترول ويحارب السرطان

بلسم الفقراء يخفض الكوليسترول ويحارب السرطان
10 يوليو 2005

دبي - متوكل مبارك:
في اكتشاف علمي فريد قد يجعل من الثوم أفضل صديق للصحة وعدو قوي للمرض، توصل علماء في روسيا إلى أن هذا النبات يحفز آلية إعادة ترميم وإصلاح الحمض النووي (دي إن إيه) الحامل للمادة الوراثية، ويحمي خلايا الإنسان من الجينات المتطفرة أو الشاذة والمولدة للتغيرات والتحولات السرطانية الخبيثة·
ووجد الباحثون في أكاديمية العلوم الروسية أن للثوم قدرات جينية فريدة، إلى جانب خصاله المفيدة الأخرى في حماية القلب والدورة الدموية والتصدي لبعض الأورام السرطانية، فهو فعال في إصلاح التلف والخلل الذي يصيب وحدات المادة الوراثية والأحماض النووية الحاملة لها، ومنع حدوث الطفرات المسببة لشذوذ الجينات واختلالها والمؤدية إلى الأمراض المزمنة والخبيثة·
وقام العلماء في معهد الدراسات الجينية بموسكو باختبار تأثير خلاصة الثوم في مستنبتات الخلايا الليفية، بعد أن تم تحفيزها بمواد تكوين الجينات المتطفرة مثل أشعة (جاما) و(كلوريد الكادميوم)، ثم إضافة خلاصة الثوم إلى وسط استنبات الخلايا، وفحص تكسرات الحمض النووي (دي إن إيه) ورصد التأثير الواقي للثوم على الخلايا المعرضة للمواد المحفزة للجينات المتطفرة·
حماية
ووجد الباحثون أن قدرة الثوم على الحماية من الطفرات الجينية كانت مختلفة من مادة إلى أخرى، وكانت أعلى ما يمكن في منع تكسر الحمض النووي الوراثي في الخلايا التي تعرضت للأشعة، موضحين أن التفاعل في المستنبتات التي استخدمت فيها الأشعة وأملاح الكادميوم معا هي سبب تحرر الشوارد الأكسجينية التي أدت بدورها إلى حدوث نشاط تحولي تطفري للخلايا، ولكن خلاصة الثوم ساعدت على تقليل انطلاق هذه الجزيئات الضارة وحمت المادة الوراثية في الخلايا من التلف وساعدت في ترميم التالف منها بسرعة·
وخلص الباحثون إلى أن الثوم يحمي الإنسان من الجينات المختلة والمتطفرة، كما يسرّع عملية إعادة ترميم الحمض النووي المصاب في خلايا الجسم، مؤكدين ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث حول هذا الدور الجديد لنبات الثوم الرخيص والمتوفر في كل مكان، كعامل واق من التشوهات الجينية والوراثية·
وشهدت السنوات الماضية عودة قوية إلى هيبة الثوم، بعدما أيّدت الدراسات العلمية المختلفة الكثير من الروايات القديمة عن فوائده، واعترافاً بقدراته أقامت بريطانيا مركزاً لأبحاث الثوم هدفه اكتشاف المزيد عن هذه النبتة التي تنحدر من عائلة البصيلات·
وتحتوي حبة الثوم الواحدة على خليط عجيب من المواد الفعّالة، ففيها 33 مادة كبريتية و17 من الأحماض الأمينية وعدد من مضادات التأكسد والمعادن·
أمّا المادة الأكثر فعالية في الثوم والمسؤولة في الوقت نفسه عن رائحته فهي الـ أليسين . والغريب أن هذه المادة لا تتكوّن في الثوم إلا عندما يخدش أو يهرس أو يقطع، وعندما تنتج تبدأ في الاختفاء بسرعة مخلفة وراءها مركبات السلفا المفيدة للجسم وعددها أكثر من مئتي مركب·
ويعتبر الثوم مطهراً فعّالاً يحارب الإلتهابات ويقتل البكتيريا الضارة دون أن يؤذي الجيدة منها، كما أنه علاج فعّال للرشوحات المختلفة والإنفلونزا ونزلات البرد ويستعمل في حالات التهاب المفاصل، وهو مضاد قوي للسموم التي يتعرّض لها الإنسان·
ويحمي الثوم الجسم من أضرار أشعة (إكس) ذات الطاقة العالية التي تستعمل في تشخيص بعض الحالات المرضية، وتؤكّد بعض الدراسات قدرته في علاج السعال والربو وبعض الأمراض الصدرية، أما في منطقة البطن فهو يساعد على محاربة الإمساك ويطرد الغازات ويطهر الأمعاء، كما يحمي خلايا الكبد من الضمور·
ضارب في القدم
والثوم نبات عشبي موطنه الأصلي البلدان الواقعة على شواطىء البحر الأبيض المتوسط ومنها انتشر إلى بقية العالم، ويعتبر الثوم من أقدم النباتات التي عرفت في مصر حيث وجد منقوشا على جدران معابد الفراعنة، ويزرع على فترتين من العام الأولى من منتصف شهر سبتمبر إلى أواخر أكتوبر والثانية من أكتوبر وحتى نهاية نوفمبر·
وتقول قصص مصرية باللغة الهيروغليفية أن الثوم يقدم للعمال بناة الأهرام لتقويتهم والمحافظة على صحتهم، أما الرياضيون الإغريق في اليونان القديمة فكانوا يأكلون الثوم قبل الاشتراك في المسابقات، ويتناوله الجنود الرومان قبل خوضهم المعارك الحربية·
العشبة العجيبة
وعلى الرغم من أن للثوم أكثر من ميزة، فقد ينفر البعض من رائحته النفاذة وطعمه اللاذع، فمكوناته الكبريتية هي ما تعطيه هذه الرائحة وهذا الطعم وهي المسؤولة كذلك عن الكثير من الفوائد الصحية، ويعتبر الثوم عشباً وليس نباتاً وله مكونات أخرى تلعب دوراً صحياً·
ويستعمل الثوم عامة في المطبخ الشرقي ويستخدمه العرب أيضاً بشكل واسع· ويعتقد الأطباء أن هذا يسهم في تحسين صحة الإنسان في هذه المناطق، فالأطباء ينظرون إليه من وجهة نظر طبية بعيداً عن استعمالاته المطبخية·
ويقول الباحثون عن فوائد واستعمالات الثوم الصحية أنها تعود إلى الحقبة المصرية واليونانية، حيث استعمله (أبقراط) لعلاج آلام الأسنان والجزام وآلام الصدر، واستعمل في القرن التاسع عشر لعلاج السل وخلال الحرب العالمية الثانية لتطهير جروح الجنود·
أصنافه وتركيبته
وتوجد أصناف كثيرة من الثوم، وتحمل بعض الأصناف أسماء الدول التي يزرع فيها· ويحتوي الثوم على البروتين والماء والنشويات والألياف وعناصر من مركبات الكبريت مع زيت طيار وزيت الغارليك والاليستين وفيتامينات، إضافة إلى أملاح معدنية وخمائر ومواد مضادة للعفونة ومخفضة لضغط الدم ومواد مدرة لإفراز الصفراء·
و يتكون الثوم من فصوص مغلفة بأوراق شفافة لتحفظها من الجفاف، ويؤكل طازجا مدقوقا أو صحيحا مع الأكل لتحسين الطعم أو مطبوخا مع الأطعمة·
والثوم من أفضل ما وهبته صيدلية الطبيعة للبشرية، حيث له دور فعال في علاج التهاب القصبات المزمن والتهاب الغشاء القصبي النزلي والزكام المتكرر والأنفلونزا، وذلك نتيجة لطرح نسبة كبيرة من زيت (الغارليك) عن طريق جهاز التنفس، وله أيضا دور فعال في قتل البكتيريا ومقاومة السموم التي تفرزها·
وتمتد فوائد الثوم إلى مجال الأورام الخبيثة، ففي حالة طحنه ينتج مادة تعرف باسم (دياليل) التي تؤدي إذا ما حقن بها المصاب إلى تقليل حجم الأورام السرطانية إلى النصف، إضافة إلى مواد أخرى تؤدي إلى توقف التصاق المواد المسببة للسرطان بخلايا الثدي·
ويفيد الثوم في حالات السعال والربو والجمرة الخبيثة وقرحة المعدة والغازات والتهاب المفاصل، ويساعد في تخفيض ضغط الدم والحيض بالنسبة للمرأة، ويزيد مناعة الجسم ضد الأمراض ويكسبه نشاطا وحيوية ويزيد حرارته، كما يفيد في حالات الأمراض المعوية ويطهر الأمعاء خصوصا عند الأطفال، ويفيد مرضى البول السكرى كثيرا في وقايتهم من مضاعفات المرض، ويمكن عمل (لبخة) من الثوم للإصبع المدوحس، كما أنه طارد للسموم وخاصة سموم الأفاعي والعقارب بشكل ضمادات من مسحوقه·
وأثبتت دراسات موثقة أهمية الثوم في خفض نسبة الكوليسترول في الدم، ومن هذه الدراسات دراسة ألمانية أكدت أن استخدام الثوم لمدة 12 أسبوعا يؤدي لخفض نسبة الكوليسترول في الدم بنسبة 12% والدهون الثلاثية إلى 17%· ولم تقتصر فوائد الثوم التي أكدتها الدراسات على هذا فقط، فقد ثبت دوره الفعال في تقليل احتمالات حدوث تسمم الحمل الناتج عن ضغط الدم، فضلا عن أنه يساعد على زيادة أوزان المواليد·
ويستعمل الثوم كمنبه عصبي جيد ويفيد في معالجة تساقط الشعر وفي الإلتهابات الناتجة بعد الولادة (النفاسية)، ويساعد على طرد الديدان والطفيليات من الجهاز الهضمي، ويعتقد بعض العلماء أن للثوم نفس التأثيرات الواقية من السرطان على الإنسان وخصوصا سرطانات المعدة والقولون وذلك نتيجة وجود مادة تدعى (أليوم)·
مضار الاستخدام
ورغم الفوائد العديدة المعروفة عن الثوم، فمن الممكن أن يشكل خطرا على صحة مرضى الإيدز وحياتهم بسبب تأثيره السلبي وتعطيله للعلاجات المخصصة لهذا المرض، رغم الفوائد العديدة المعروفة عن الثوم·
وفي الثوم مادة غنية جدا إلا أنها تسبب عسر هضم أحيانا، وتهيجا معويا، لذا يحبذ تحاشي الإكثار منه أو تناوله من قبل المصابين باضطرابات معوية مثل كسل المعدة وضعفها أو القصور الكلوي·
والإكثار من أكل الثوم يولد الحكة والبواسير ويفسد الهضم ويسبب حرقان في المعدة والأمعاء والمريء، وإذا جاوز تخزينه سنه لا يؤكل وتزداد حدته ورائحته، كما يجب التوقف عن أكل الثوم قبل إجراء العمليات الجراحية لتجنب النزيف الشديد لأن تناوله يزيد من سيولة الدم·
؟ علاج الإنسان الأول:
واستخدم الثوم علاجًا للأمراض عبر آلاف السنين، ولهذا فإنه من الخطأ ألا نستخدمه اليوم بحجة قوته ونفاذ رائحته، لأن رائحة الفم تدوم حوالي 24 ساعة على الأقل، فخلال النهار ونحن نقوم بنشاطاتنا الاعتيادية نتجنب تناوله صباحًا أو ظهرًا أو مساء خصوصًا إذا كنا محاطين بالناس، فغالبًا ما نستبدل بالثوم مثلاً في سندويش الدجاج القليل من المايونيز، وغالبًا ما نطلب صحن سلطة من دون ثوم أو مع ثوم خفيف، وذلك حتى نتفادى الإحراج أمام الناس عندما نتحدث إليهم أو نقترب منهم، ذلك لأن رائحة الثوم تدوم وتصبح نوعًا ما كريهة في الفم وغير محبذة·
ولكن رائحته الحادة كانت تجذب إنسان العهود الأولى (البدائي) لظنه أنها قوة العلاج الساحرة، كما اعتقد قدماء المصريين أن الثوم فيه سر الشباب الأبدي حتى إنهم أعطوه لعمال بناء الأهرامات، لكي يحافظوا على صحتهم ونشاطهم·
وقدر اليونانيون والرومان الثوم حق تقدير بسبب خصائصه العلاجية، وقال فيه الفيلسوف اليوناني (هيبوقراط) ذات مرة أن الثوم ملين سريع وأيضًا مدر للبول، كما أنه العلاج الروحاني من قديم الأزل في الهند وما زال يستخدم حتى الآن·
؟ المنقذ:
ومن أشهر الشخصيات التي عبرت الخط الفاصل بين الحياة والموت بفضل حفنة من فصوص الثوم، فنانة الباليه الروسية الشهيرة (فيتشيفسا)، ففي خمسينيات القرن الماضي كادت تسقط ضحية لمرض السل الذي أوشك القضاء على حياتها ومستقبلها الفني في آن واحد، ورغم أن الأطباء حاولوا إنقاذها باستعمال جرعات كبيرة من المضاد الحيوي (ستبتوماسين)، إلا إنها لم تشعر بتحسن حقيقي قبل أن تتعاطى وصفة شعبية عرفتها الحضارات القديمة منذ آلاف السنين وهي نصف رطل من الثوم يومياً، وبعد مضي ستة أشهر شفيت تماما من مرض السل·
والثوم يحمي من تساقط الأسنان كما انه مقاوم للشيخوخة، حيث أكدت الدراسات انه دستور للأدوية في حد ذاته، وان وجوده في كافة كتب الأدوية القديمة وفي كل الحضارات تقريبا لم يأت ارتجالاً، فهو إضافة إلى ما نعرفه عن دوره في مقاومة الأمراض المستعصية فإنه يبطىء من تأثير عوامل الشيخوخة·
؟ بلسم الفقراء!
ويُعرف الثوم المتوفر بأبخس الاثمان بأنه 'بلسم الفقراء'، لأنه استخدم لعلاج العديد من الأمراض والآلام والمتاعب، واعتادت بعض الشعوب ربطه حول الرقبة ملفوفًا في قطعة قماش للوقاية من البرد، ولاعتقادهم بأنه يمدهم بمناعة من الطاعون، ويحميهم من مصاصي الدماء ويحفظ ايضا من الشياطين!
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©