الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مدن الصناعة الواحدة في روسيا.. مستقبل مرهون بالازدهار

مدن الصناعة الواحدة في روسيا.. مستقبل مرهون بالازدهار
30 مارس 2019 00:58

نوفي يورنجوي (د ب أ)

لو لم يكن هناك غاز، لما كانت هناك مدينة نوفي يورنجوي. هذه حقيقة يعرفها جميع التلاميذ في روسيا.
في المدينة الصناعية القريبة من الدائرة القطبية الشمالية، يزين شعار «غازبروم» الأزرق اللامع مركز الترفية المحلي، ويشارك الأطفال في حصة للتربية البدنية تحت أعلام الشركة، بينما في الغرفة المجاورة تقوم مجموعة صغيرة بتزيين نماذج لمنصات حفر. وتتزين جدران الردهة بصور لعمال ينقبون عن الغاز.
وتفرض الشركة المملوكة للدولة وجودها بصورة كبيرة على المدينة، وبينما تخشى مدن صناعية أخرى في روسيا على مستقبلها، فإن نوفي يورنجوي (3000 كيلومتر شمال شرق موسكو) تشهد ازدهاراً.
وتتواجد المدينة بشكلها الحالي منذ عام1975، واليوم وصل عدد سكانها إلى نحو 115 ألف نسمة. وفي مرحلة ما، اكتشف الجيولوجيون احتياطيات ضخمة من الغاز تحتها. ونتيجة لذلك، خرجت المدينة من رحم الثلوج خلال العصر السوفييتي.
تقول سيدة تعمل في مركز المدينة :«الحياة جيدة هنا. لدينا غاز وعمل ومال. لا نريد تركها».
وفي الواقع، فإن نوفي يورنجوي عادة ما يُنظر إليها باعتبارها نموذجاً ناجحاً للمدينة التي تعتمد على صناعة واحدة. ويوجد في روسيا الكثير من مثل هذه المدن، التي ترتكز على صناعة واحدة، سواء أكانت ترتبط بالكيمياء أو الفحم أو الغاز.
في مثل هذه المدن، الجميع يعملون في نفس الصناعة، سواء أكان بصورة مباشرة أم غير مباشرة. وهذا من إرث نظام الاقتصاد المخطط الذي تم وضعه ورعايته كمشاريع للهيبة والمكانة خلال حكم جوزيف ستالين.
ووفقاً لـ«صندوق تطوير المدن ذات الصناعة الواحدة» الروسي، فإن هناك 319 من مثل هذه المدن في روسيا اليوم. ويعيش واحد من بين كل عشرة أشخاص في روسيا في مثل هذه المدن، التي يقع أغلبها في الأورال وسيبيريا.
إلا أن هذا العدد من الممكن أن يتراجع في القريب العاجل، فالكثير من هذه المدن يحتاج إلى دعم كبير من الدولة. ووفقاً لأحدث الإحصاءات، فإن 70% فقط منها قادرة على الاستدامة بصورة ذاتية، ومن المقرر أن يقدم صندوق المدن الصناعية تقريرا جديدا للحكومة في أبريل، ومن المرجح أنه سيتضمن المطالبة بالكثير من الأموال.
ووفقا للصندوق فإن المدن الصناعة مهددة بالتلوث وضعف البنية التحتية، فضلا عن انتقال الشباب والعمال المؤهلين إلى مدن أخرى. ولهذا فإن الصندوق يريد برامج استثمار مضمونة للتشجيع على المزيد من التنوع. ورغم هذا، فإن هذا المشروع لا يحظى بدعم الجميع.
في العام الماضي، قال وزير المالية السابق أليكسي كودرين إن المدن لن تتطور بشكل طبيعي بهذه الطريقة، واعتبر أن تدخل موسكو بالمساعدة «يعني أن هذه المدن لا يمكن أن تكون مسؤولة عن مصيرها»، وتحدث عن عدم وجود خطط لمساعدة المدن لتصبح أقل اعتماداً على تمويل الدولة على المدى الطويل.
وحتى مدينة تولياتي، وهي واحدة من أكبر المدن الصناعية في روسيا بعدد سكان يصل إلى 700 ألف نسمة، أصبحت وكأنها من بقايا الماضي. وكانت أهم الشركات الروسية المتخصصة في صناعة السيارات قد استقرت بها عام 1966.
وفي ذروة مجد المدينة، كان أكثر من مئة ألف شخص يعملون في شركة «أوتوفاز»، وصاحبة العلامة التجارية «لادا». واليوم، تراجع العدد إلى 36 ألفاً فقط. فكثير من الشباب لا يرون مستقبلا لهم فيها وينتقلون لأماكن أخرى، تاركين الشوارع مهجورة والمنازل مهدّمة.
وقال ألكسندر بوزانوف، من معهد الاقتصاد الحضري في موسكو، مؤخراً لوسائل إعلام روسية، إن مصير صناعة كل مدينة يرتبط بصورة مباشرة بنجاحها.
ولفت إلى أنه «إذا لم تبدِ المدن استعداداً للاستثمار في صناعات أخرى، فإن التمويل الحكومي سيكون له جدوى على المدى القصير فقط».
وهذا يعني أنه في أوقات الأزمات، فإنه لن يكون هناك أحد قادر على ضمان استمرار المدينة في النمو وضمان رفاهية سكانها.
وفي نوفي يورنجوي، يرى الناس الأشياء بطريقة مختلفة، فقبل أربع سنوات، تم رفع المدينة من القائمة الرسمية للمدن التي ترتكز على صناعة واحدة. ومن بين الأسباب الرئيسية لهذا الإسهامات المالية لشركة غازبروم.
فالعالم لا يزال يعتمد على الغاز، ولا يزال الغاز الروسي يتدفق عبر شبكة خطوط واسعة لتلبية احتياجات دول في أنحاء أوروبا. ويوجد جزء كبير من احتياطيات روسيا من الغاز شمال الدائرة القطبية الشمالية مباشرة، وهذه الاحتياطيات هي التي ستخدم خط أنابيب «نورد ستريم 2» الذي يجري التخطيط لمده لضخ الغاز لألمانيا.
ويتجاوز دخل العمال في المدينة متوسط الأجور على مستوى البلاد، كما أن لديهم المزيد من الإجازات والعطلات. ويعملون بنظام نوبات العمل (الورديات)، على مدار الساعة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©