السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

شريف عرفة يكتب: كيف يواجه الفن كورونا؟

شريف عرفة يكتب: كيف يواجه الفن كورونا؟
3 ابريل 2020 00:23

المشاعر السلبية جزء من تكويننا النفسي، وهي ضرورية للبقاء على قيد الحياة.. فهي تدفعنا لاتخاذ إجراء سريع ولحظي، كرجل الكهف الذي يدفعه الذعر للهرب من الأسد، لكن هذا قد لا يناسب طبيعة المخاطر التي نواجهها في العصر الحديث.. حيث نحتاج إلى الهدوء والتعقل لا القلق والخوف والهلع. لانزال بحاجة للمشاعر السلبية، لأنها تخبرنا بأن هناك شيئاً ليس على ما يرام.. إلا أن هذه الانفعالات لو استمرت لفترة أطول من اللازم، فإنها تصبح مضرة بالصحة الجسدية لا النفسية فقط.. فكر في شخص انفعل فأصيب بأزمة قلبية أو تكررت نوبات غضبه فأصيب بارتفاع ضغط الدم.. هناك ارتباط وثيق بين المشاعر السلبية والإصابة بأمراض الأوعية الدموية، فما الحل؟
في تجربة علمية شائقة، وجدوا أن المشاعر الإيجابية تلغي هذا التأثير الجسدي الضار للمشاعر السلبية.. حيث جعلوا مجموعة من الناس في موقف ثري فيهم ضغط نفسي، بينما يراقب الباحثون التغيرات الجسدية التي تحدث لهم (كضغط الدم وسرعة ضربات القلب..) ثم جعلوهم يشاهدون مقاطع فيديو تثير مشاعر مختلفة.. فوجدوا أن الذين شاهدوا مقطعاً كوميدياً مسلياً عادت قياساتهم للوضع الطبيعي أسرع من أي فيديو يحفز شعوراً آخر.. لذلك نستنتج أهمية تعويض المشاعر السلبية بما يفوقها من المشاعر الإيجابية، حفاظاً على الصحة.. قم بتعويض الحزن والقلق، بمشاعر إيجابية، كالمرح والسخرية والسكينة والامتنان والأمل والتسلية والحب... مشاهدة مقطع فيديو ظريف ليس فكرة سيئة على الإطلاق، خصوصا في الظروف الصعبة.. الفن ليس رفاهية.
يسخر الظلاميون من الفن، ويحتقرونه ويعتبرونه مضيعة للوقت.. أحدهم هاجم الفن وقال إن العلماء أكثر فائدة للبشرية من هؤلاء.. وبغض النظر عن أن أمثاله لا يمكن تصنيفهم كعلماء مفيدين للبشرية، فإن العلماء الحقيقيين ينتهون من أبحاثهم وتجاربهم، ويستمعون للموسيقى ليهدئوا أعصابهم.. ومن المفارقات الساخرة حقا، أن صديقي الباحث في الفيروسات والكائنات الدقيقة بمنظمة الصحة العالمية كان يحدثني اليوم عن مشاهدته الأفلام وتدربه على عزف الفيولين (الكمان) ليهدئ أعصابه ويشبع وجدانه.. وحتى من يعانون ظرفاً ضاغطاً كالعزل المنزلي يحتاجون إلى الفن كي لا يفقدوا صوابهم أو يقضوا مللا… حتى الكوميديا المسلية التي يعتبرها البعض نوعاً متدنياً من الفن، تساعد -كما رأينا- في إزالة التأثير الضار للمشاعر السلبية..
حافظ على صحتك النفسية بالفن.. ابتسم.. اضحك.. استمتع بعمل فني يثير وجدانك.. أو فيلم ظريف، أو ساند آب كوميدي، أو طالع رواية ساخرة أو قصة مصورة هزلية.. فالدور الإنساني الذي يقدمه الفن في تحريك الانفعالات الإيجابية يفوق في مثل هذه الظروف دعاة الظلام الذين لا هم لهم إلا إثارة شعور الناس بالذنب والحزن والكآبة وكراهية الحياة وكل ما هو جميل فيها.
يمكن للفن أن يكون مفيداً نفسياً وجسدياً.. يقول العلم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©