الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"الجارديان": قطر تغطي جرائمها بتشييد المتحف الجديد

"الجارديان": قطر تغطي جرائمها بتشييد المتحف الجديد
30 مارس 2019 00:19

دينا محمود (لندن)

أطلقت صحيفة «الجارديان» البريطانية رصاصة الرحمة على الحملات الدعائية الصاخبة التي حرص النظام القطري على أن يحيط بها افتتاح مقر المتحف الوطني الجديد في الدويلة المعزولة، الذي دُشِنَ قبل يومين في عاصمتها الدوحة، وسط مراسم احتفاليةٍ مبالغٌ فيها.
فقد فجرت الصحيفة مفاجأةً من العيار الثقيل، بعدما كشفت عن أن بعض العمال الوافدين الذين استغلتهم السلطات القطرية لتشييد المبنى الباذخ للمتحف تقاضوا أجوراً أقل بكثير من تلك التي وُعِدوا بها في بادئ الأمر، وذلك في تكرارٍ لما يحدث بشكلٍ منهجيٍ ومنتظمٍ مع مئات الآلاف من أفراد العمالة المهاجرة الموجودين في قطر منذ سنواتٍ طويلة.
ولم تكشف «الجارديان» في تقريرٍ مطولٍ نشرته في هذا الموضوع، النقاب عن عدد العمال الذين تعرضوا لهذه الخديعة القطرية، ولكنها قالت إنهم نيباليو الجنسية، وفضحت في الوقت ذاته حقيقة أن المتحف الجديد ليس إلا محاولةً أخرى من جانب «نظام الحمدين» للتهرب من مواجهة «العواقب الأكثر إيلاما» المترتبة على التوجهات السياسية والاقتصادية التي يتبناها، لا سيما على صعيد الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي يمارسها، سواءٌ ضد مواطنيه أو بحق العمال الأجانب الذين يشكلون أكثر من 90% من سكان الإمارة التي يحكمها.
وشدد التقرير - الذي أعده الصحفي المخضرم أوليفر واين رايت - على أن «الملف الحساس» المتعلق بهذه الانتهاكات واسعة النطاق والموثقة من جانب مختلف المنظمات الحقوقية الدولية «غاب بشكلٍ كاملٍ» عن المتحف، الذي لا تكف السلطات الحاكمة في قطر عن التباهي بمساحته التي تمتد قرابة كيلومترٍ ونصف الكيلو تقريباً، وكذلك بتصميمه الذي استعانت فيه الدوحة بالمهندس المعروف جان نوفيل.
وأبدت الصحيفة البريطانية - ذات توجهات يسار الوسط - استغرابها للتجاهل الكامل من جانب القائمين على المتحف للسجل الحقوقي الأسود للنظام القطري، وهو الملف «الذي ترك وحيداً دون أن يظهر له أثرٌ»، في أيٍ من أركان المكان الذي استغرقت عملية تشييده قرابة عقدين من الزمان.
وقالت إن «صالة العرض الأخيرة في المتحف، التي أُعِدَت للتركيز على قطر المعاصرة، لا تزال تحتاج إلى ملء (شواغر فيها). فالتكاليف الإنسانية للطموحات النهمة التي لا تشبع لهذا البلد، تستحق أن تكون إحدى الموضوعات» التي يُخصص لها معروضاتٌ في هذا المكان.
واستنكرت «الجارديان» في تقريرها تهرب «نظام الحمدين» من مواجهة عواقب أفعاله على الصعيد الحقوقي، قائلةً إن «ذلك الملف يُمثّل قضيةً يتوجب أن تكون قطر أكثر استعداداً لمواجهتها ومعالجتها بتصميمٍ وعزم، نظراً لكونها معقدةً وشائكةً». وأشارت في هذا الشأن إلى ما كشفت عنه هي نفسها عبر تحقيقٍ استقصائيٍ أجرته عام 2016، وأماط اللثام عن الفظاعات التي يعانيها نحو مليونيْ عاملٍ أجنبي، يشاركون في عملية تأهيل البنية التحتية اللازمة لإقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022.
وأبرز تقرير الصحيفة ما كُشِفَ عنه النقاب في هذا التحقيق من ظروفٍ مزريةٍ يكابدها عمال الإنشاءات في الدويلة المعزولة، في ظل العبء الثقيل الملقى على عاتقهم لتجهيز المنشآت الضرورية للمونديال، الذي اقترب موعده وسط أنباء شبه مؤكدة عن أن الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، سيُجبر النظام الحاكم في الدوحة على قبول توسيع رقعة المشاركة فيه لتشمل 48 منتخباً بدلاً من 32، حتى وإن كان ذلك سيربك الاستعدادات القطرية لإقامة ذلك الحدث، وربما يقوضها من الأساس.
وقالت «الجارديان» إن الجرائم الإنسانية التي تتعرض لها العمالة المهاجرة في قطر - والتي لم يتطرق لها المتحف الجديد بأي شكلٍ من الأشكال - تتراوح ما بين «عدم صرف الرواتب للعمال على نحوٍ منتظمٍ أو تخفيضها، بجانب مصادرة جوازات سفرهم، فضلاً عن تصاعد مستويات الدين» التي تكبل أعناق مئات الآلاف من هؤلاء الأشخاص الذين قَدِموا من دولٍ آسيويةٍ فقيرةٍ، مثل بنجلاديش ونيبال.
ولم تكترث الصحيفة في تقريرها بالمزاعم التي حاول أمير قطر الترويج لها خلال مراسم افتتاح المتحف، عبر ادعائه بأن إمارته المعزولة إقليمياً أصبحت «أكثر قوة» منذ أن فرضت الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب إجراءاتها الصارمة ضدها في منتصف عام 2017، مُتجاهلاً بذلك الخسائر الجسيمة التي حاقت بنظامه على الصعيد الاقتصادي والانتكاسات الدبلوماسية التي مُني بها خلال أكثر من 20 شهراً من المقاطعة.
ولكن «الجارديان» لم تغفل في المقابل الإشارة إلى زيف ما يعلنه «نظام الحمدين» من إجراءاتٍ يقول إنها ترمي لإصلاح قوانين العمل وتحسين ظروف العمال الوافدين، إذ أكدت في هذا الصدد أن ما قاله المسؤولون القطريون الخريف الماضي في هذا الشأن لم يكن كافياً على الإطلاق بنظر مختلف المنظمات المعنية بهذا الملف.
وقالت الصحيفة البريطانية واسعة الانتشار إن الدوحة لم تعلن عن تلك التدابير سوى تحت ضغط «التدقيق الدولي المتزايد الذي تخضع له خلال استعداداتها لاستضافة مونديال 2022»، الذي لم يتبق على موعد انطلاقه سوى ثلاث سنوات وتسعة أشهر لا أكثر.
وأبرزت حقيقة أن كل ما قالته قطر حول وضعها حداً أدنى للأجور ومساعيها لإلغاء نظام الكفالة وإحلال منظومةٍ أخرى محلها، ومضيها قدماً على طريق منع أرباب العمل من مصادرة جوازات سفر العاملين لديهم، لم يقنع منظمةً حقوقيةً دوليةً ذات شأن مثل «هيومان رايتس ووتش»، وغيرها من المؤسسات المماثلة.
ونقلت «الجارديان» عن لمى فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة قولها إنه لا يزال أمام قطر «طريقٌ طويلٌ» قبل أن يمكن القول إن العمال المهاجرين الموجودين على أراضيها صاروا ينعمون بالحماية من «الإساءات والاستغلال»، الذي أودى بحياة نحو 1200 منهم على مدار السنوات الماضية، ويُخشى من أن يزيد عدد ضحاياه إلى أربعة آلاف عامل بحلول موعد انطلاق المباراة الافتتاحية لكأس العالم في 21 نوفمبر 2022.
وبلهجةٍ حازمة، شددت المسؤولة الحقوقية الدولية على أن الوقت ينفد أمام «نظام الحمدين» للوفاء بالتزاماته حيال العمال الوافدين المنكوبين بفعل وجودهم في الدويلة المعزولة، قائلةً: «بينما تسابق قطر الزمن لاستكمال تنفيذ المشروعات الإنشائية المقررة (والخاصة باستضافة البطولة الكروية) في الوقت المحدد لذلك، حان الوقت الآن لأن تضع (الدوحة) موضع التطبيق إصلاحاتٍ دائمةً على صعيد احترام حقوق العمال».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©