الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«كورونا».. الفاتورة الباهظة

«كورونا».. الفاتورة الباهظة
2 ابريل 2020 00:09

تطرف الإنسان مؤخراً في التعامل مع الطبيعة، بل واعتدى عليها عدواناً جائراً وهي الآن تدفعه ثمن هذا العدوان. كيف؟ عن طريق الاختلالات المناخية المخيفة، والكوارث الطبيعية، وتسونامي الفيضانات، وتلوث الأجواء، والآن الكورونا وبقية الجراثيم. وبالتالي فقد آن الأوان لكي يغير الإنسان سلوكه وأسلوبه في الحياة. آن الأوان لكي تخفف الرأسمالية من عدوانها على الطبيعة والبيئة والغابات الحيوية بغية التوسع والاستثمار والربح بأي شكل. آن الأوان لكي تخفف من جشعها الذي لا يشبع. يوجد هنا خلل مؤكد في سلوك الرأسمالية المعاصرة. وهذا الكلام يشمل أيضاً سلوك الرأسمالية الصينية وليس فقط الغربية. وهذا ما نبهنا إليه مؤخراً الفيلسوف الشهير إدغار موران. هذا لا يعني أن الرأسمالية مدانة كلياً. فهي التي صنعت الحضارة الحديثة منذ قرنين وأكثر. لا ينبغي أن نسقط في الأدلجة والشعارات الديماغوجية. الرأسمالية ليست شراً كلها. ولكنها تطرفت وأسرفت وخانت المبادئ الأخلاقية والإنسانية العليا. هذا شيء مؤكد. ونحن ندفع ثمن ذلك الآن. والفاتورة حالياً هي الكورونا. نحن نستهدف بهذا الكلام الرأسمالية المتوحشة الجائرة لا الرأسمالية المعتدلة العقلانية التي صنعت الحضارة والتقدم البشري. على أي حال يجمع الخبراء المختصون على ما يلي: أن الزراعة الصناعية أو الاصطناعية الرأسمالية الهادفة إلى الربح بأسرع وقت ممكن والجشعة جداً هي التي سببت مرض جنون البقر عام 1986، وهي التي أدت إلى توليد الفيروسات والميكروبات الأخرى. ومعلوم أن هذه الزراعة الصناعية حلت محل الزراعة الطبيعية والصحية التي كانت سائدة سابقاً. وبالتالي فالإنتاج الغذائي الرأسمالي يرتكز على ممارسات متوحشة تهدد البشرية بأسرها. فهذا الإنتاج الاصطناعي اللاإنساني هو الذي يولد الفيروسات الفتاكة. وبالتالي فينبغي تغييره جذرياً وراديكالياً. هل نعلم بأن مرض جنون البقر ناتج عن إطعامها مواد ملوثة ناتجة عن حيوانات نافقة. وقد قاموا بفرم جثثها الميتة وطحنوها وخلطوها بقليل من العلف ثم قدموها كطعام للبقر. من يصدق ذلك؟ وذلك لأن العلف الحقيقي أغلى ثمناً والرأسمالية تريد أن تربح بأقصى سرعة وأقل تكلفة ممكنة غير عابئة بصحة الناس. هنا يكمن الجانب المرعب للرأسمالية المتوحشة.

تاريخ المعاناة
والآن دعونا نذكر مثالين من الأوبئة الكبرى التي أصابت البشرية سابقاً.
أولاً: الطاعون الأسود (1347-1352)
وهو الوباء الرهيب الذي اجتاح أوروبا طيلة خمس سنوات متتالية. وأحدث فزعاً هائلاً في أوساط السكان. وهو يشبه الفزع الذي يحدثه فيروس الكورونا الرهيب حالياً. ولكن مع الفارق: وهو أن الطاعون الأسود حصد نصف سكان أوروبا تقريباً. ولذلك شعرت بالرعب الشديد من هذا الطاعون الذي فتك بها. وقد استسلمت له بلا أي مقاومة. والواقع أن هذا الوباء الخطير شمل أيضاً أوروبا الإسلامية أي الأندلس. وقد تحدث عن ذلك الطبيب العربي والأديب الفذ ابن خاتمة الأنصاري. وهو مؤلف الكتاب المعروف باسم: تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد. وفيه يشخص مرض الطاعون ويصف له العلاج بقدر ما تسمح به إمكانيات ذلك الزمان. وهي إمكانيات زهيدة لأن الطب آنذاك كان بدائياً جداً.
ثانياً: مرض الإنفلونزا الإسبانية (1918)
اجتاح أوروبا والعالم عام 1918 أرعب البشرية آنذاك. وقد حصل مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى. ويقال إن ضحاياه تراوحوا بين 50 و100 مليون شخص.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©