السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«ناشيونال إنتريست»: قطر تهدد أهداف واشنطن الاستراتيجية في الشرق الأوسط

«ناشيونال إنتريست»: قطر تهدد أهداف واشنطن الاستراتيجية في الشرق الأوسط
26 مارس 2019 00:06

دينا محمود (لندن)

حذر محللون سياسيون أميركيون من خطورة مواصلة النظام القطري مساعيه لشراء منظومة صواريخ «إس 400» الروسية للدفاع الجوي، في الوقت الذي تستضيف فيه الدوحة القاعدة الجوية الأكبر للجيش الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، وأكدوا أن ذلك يوجب على واشنطن إعادة صياغة سياساتها وتحالفاتها في المنطقة.
وقال المحللون -في تقريرٍ مطولٍ نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية نصف الشهرية- إن هذا التوجه من جانب قطر والذي يتزامن مع تبني تركيا توجهاتٍ مماثلةً، يبرز «من جديد، كيف أصبح الشرق الأوسط ينطوي على تحدياتٍ على نحوٍ متزايدٍ بالنسبة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة».
وأشاروا إلى أن العواقب المترتبة على «قرار قطر وتركيا شراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية.. لا تتعلق فقط بما إذا كان يتعين على واشنطن مواصلة وجودها المُهيمن في المنطقة، وإنما يرتبط بالأحرى بكيف يمكن للولايات المتحدة تحقيق أهدافها الاستراتيجية في بيئة الشرق الأوسط الحافلة بالتحديات». وشدد تقرير المجلة التي تُعنى بتحليل أبرز القضايا المطروحة على الساحة الدولية والمتعلقة بالأمن القومي الأميركي، على أن المواقف القطرية الأخيرة تزيد من تعقيد النقاشات المستمرة منذ عقدين تقريباً في أروقة الدوائر السياسية والأكاديمية في واشنطن «حول السياسة الشرق أوسطية التي يتعين على الولايات المتحدة انتهاجها في المستقبل».

تصريحات بعد صمت وتكتم
وأشار التقرير في هذا الصدد إلى أن وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لم يتورع مطلع الشهر الجاري عن تأكيد مواصلة بلاده «دراسة إمكانية إبرام صفقةٍ تشتري بموجبها هذه المنظومة الصاروخية» الروسية، التي كانت الدويلة المعزولة قد أعلنت مطلع العام الماضي اعتزامها شراءها، في ما بدا «رشوةً مفضوحةً» لروسيا لحملها على دعم موقف الدوحة حيال العزلة الإقليمية التي تعاني منها منذ مطلع يونيو 2017، بفضل الحملة التي تقودها الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين).
وجاءت تصريحات الوزير القطري التي قال فيها كذلك، إن «شراء الأسلحة.. قرارٌ سياديٌ»، وإن المحادثات الخاصة بالحصول على المنظومة الصاروخية الروسية «لا تزال مستمرة»، بعد صمتٍ وتكتمٍ من جانب الدوائر الحاكمة في الدوحة، استمر لأكثر من عام لم يدر فيه الحديث بشأن هذه الصفقة علناً على الأقل. واستغل فيها محمد بن عبدالرحمن زيارةً قام بها نظيره الروسي سيرجي لافروف إلى العاصمة القطرية في الأسبوع الأول من مارس الجاري.
وربط تقرير «ناشيونال إنتريست» الذي حمل عنوان «منظومة إس 400 الروسية للدفاع الصاروخي لا تزال تُغوي حلفاء أميركا»، بين هذه التصريحات القطرية والتأكيدات المتواصلة من جانب تركيا على أنها لن تتخلى عن خططها لشراء تلك المنظومة، تمهيداً للبدء في تركيبها بحلول شهر أكتوبر المقبل، وذلك على الرغم من الضغوط التي تتعرض لها في هذا الشأن من إدارة الرئيس دونالد ترامب والتي بلغت حد إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) منتصف الأسبوع الماضي، أن واشنطن أبلغت أنقرة بأنها ستعيد النظر في المشاركة التركية في برنامج الطائرة المقاتلة «إف-35»، إذا ما مضت قدماً على طريق شراء النظام الروسي المتطور للدفاع الصاروخي.
واعتبرت المجلة الأميركية الرصينة أن الموقفين القطري والتركي من هذا الملف يعنيان أن «اثنين من حلفاء الولايات المتحدة ربما يكونان مُهتمين بشراء نظامٍ صاروخيٍ من الدولة التي تشكل غريماً جيوسياسياً لأميركا»، مُشددةً على أن وضعاً مثل هذا هو ما دفع بواشنطن لإطلاق تحذيراتها العلنية لأنقرة، والتي شملت تصريحاتٍ شديدة اللهجة أدلى بها قائد القوات الأميركية في أوروبا الجنرال كورتيس سكاباروتي، وقال فيها إنه على الحكومة التركية «الاختيار بين طائرات «إف-35» أو منظومة «إس-400» الروسية»، مؤكداً أنه سيوصي القيادات العسكرية في بلاده بـ«عدم بيع هذه الطائرات ذات التقنية العالية إلى أنقرة، حال مواصلتها خطط التعاون العسكري مع موسكو».

الهرولة القطرية التركية
وحذر معدو التقرير من أن أميركا «ربما لا تكون مستعدةً لتَبِعات شراء الدوحة وأنقرة هذا النظام الصاروخي الروسي» الذي بدأ تطويره في تسعينيات القرن الماضي، ويستخدم صواريخ بأربع مسافاتٍ مختلفةٍ لتغطية أهدافها. ويصل أقصى مدى لهذه الصواريخ إلى 400 كيلومتر، بينما لا يتجاوز أدناها 40 كيلومتراً.
وأشاروا إلى أن من بين العواقب السلبية لاقتناء تلك المنظومة من جانب دولٍ مثل قطر وتركيا -تُعرف بأنها من بين الجهات التي اعتادت التسلح من الغرب على مدى عقودٍ طويلة- الترويج للأسلحة الروسية وكفاءتها على حساب نظيرتها الغربية، والأميركية على وجه الخصوص، وإظهار أن روسيا، التي يصفها مسؤولون غربيون بأنها ليست سوى «محطةٍ للغاز» في إشارةٍ إلى احتياطياتها الهائلة منه، تقف على قدم المساواة تقريباً مع الولايات المتحدة في مجال التصنيع العسكري عالي التقنية. وألمحت «ناشيونال إنتريست» إلى ضرورة أن تعيد إدارة ترامب النظر في تحالفاتها في منطقة الشرق الأوسط، على خلفية الهرولة القطرية التركية للحصول على هذه المنظومة الصاروخية التي يقول مطوروها إنها قد تكون أكثر فعالية من المنظومات الغربية المماثلة، مثل «باتريوت» و«ثاد» الأميركيتين. وقالت المجلة في هذا الشأن: «يتعين على الولايات المتحدة تعديل سياساتها في الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي لم تعد تعمل فيها الكثير من الأدوات التي كان يُوثق بها تاريخياً»، في إشارةٍ إلى انحراف دولٍ يُفترض أنها حليفة لأميركا مثل قطر، عن المسار التقليدي للعلاقات الثنائية مع الدولة الأكبر في العالم، ومغازلتها لمنافسٍ دوليٍ لواشنطن مثل موسكو.

مشكلات جيوسياسية جسيمة
وشدد التقرير على أن الإدارة الأميركية صارت في ظل هذه التطورات «بحاجةٍ إلى تطوير وتحديث ترسانتها السياسية»، بالنظر إلى ما وصفته المجلة بـ«المشكلات الجيوسياسية الجسيمة التي تعتري الشؤون الشرق أوسطية» في الوقت الراهن، والتي تشمل -على الأرجح- الأزمة القطرية التي تعصف بمنطقة الخليج منذ أكثر من 20 شهراً.
وحثت «ناشيونال إنتريست» إدارة ترامب على الإسراع باتخاذ خطواتٍ عمليةٍ على صعيد إعادة ترتيب أوراق السياسات والتحالفات في الشرق الأوسط، قائلةً إنه «من الواضح أن هذه المنطقة شديدة الأهمية بالنسبة لأمن الولايات المتحدة وازدهارها، بقدرٍ يجعل من الضروري عليها ألا تترك تلك البقعة» من العالم، وذلك على الرغم من الأصوات التي باتت تدعو بين الحين والآخر إلى أن تكف واشنطن عن جهودها الرامية لـ«ضبط الأمور في هذه المنطقة المضطربة، ولأن تنسحب من هناك لحماية أرواح الأميركيين وثرواتهم».
وأشارت المجلة السياسية المتخصصة إلى أن من بين أبرز الأمثلة التي تبرهن على أهمية الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة، ما يلحق بالاقتصاد الأميركي وأسعار الغاز في داخل الولايات المتحدة من تأثرٍ -على سبيل المثال- بفعل حركة أسواق النفط العالمية، ولاسيما أن هذه المنطقة تمتلك قرابة 56.5% من الاحتياطيات النفطية في العالم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©