الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«العرجون القديم» أطياف موازية للشخصيات

«العرجون القديم» أطياف موازية للشخصيات
26 مارس 2019 02:36

عصام أبو القاسم (الشارقة)

تميزت مسرحية «العرجون القديم»، التي قدمت مساء أمس الأول بقصر الثقافة، في إطار برنامج العروض المنافسة على جوائز الدورة التاسعة والعشرين من أيام الشارقة المسرحية، بصياغة إخراجية اتسمت بقدر ملحوظ من الاقتدار التقني، في رسم حركة الممثلين، وتوظيف الإضاءة، وتشكيل المناظر، والانتقال من مشهد لآخر، كل هذا جاء مضبوطاً ومحكوماً بحساسية بصرية تشي باليقظة والنباهة، وهو كان ملفتاً وجاذباً.
ويذكر العمل، الذي قدمته فرقة مسرح دبي الشعبي، وكتبه وأخرجه علي جمال، لا سيما في حلوله المشهدية، بأعمال سابقة لجمال، الذي يعمد في معظم أعماله إلى إبراز إمكانياته في تخليق المجازات والتكوينات البصرية، ببساطة موحية، استناداً إلى قطعة ديكور واحدة، يجهد في أن يجسم حضورها ويعممه على مستويات عدة، في معظم العروض التي يتصدى إلى إخراجها، بتطويعها وتشكيلها والارتكاز عليها، لتخليق دلالات وجماليات أكثر فأكثر، وهذا ما فعله على نحو مؤثر في مسرحية سابقة له حاز بفضلها على جائزة أفضل ديكور في دورة سابقة من أيام الشارقة المسرحية، وكانت بعنوان «الفطام»، حيث نجح في توليد معان عدة في تحريكها وتشغيلها قطعة الديكور الأساسية «السرير»، في فضاء العرض، فلقد تحول في مرة إلى مركب، وفي مرة أخرى إلى مخدع، وفي مرة ثالثة مقعد.. إلخ. وتكتسي القطعة هذه التفسيرات بالطبع من خلال تقريبها إلى العناصر التشكيلية والضوئية والسمعية الأخرى التي يستند إليها العرض. وفي عرضه الذي شوهد أمس كان ظاهراً طموحه الفني المماثل، فهو سعى، بشكل واضح، إلى تغليب حضور عنوان مسرحيته «العرجون القديم»، أي قطع السعف اليابس، على مجمل مرئيات عمله، فلقد شكّل من هذه السعف: البيت، والمقعد، والستار، وفي بعض المواضع حولها إلى أشباح أو أطياف، وتراءت في تجليها المسرحي كشخصيات موازية أو مساندة لحضور الشخصيات الأساسية.هذا الملمح البصري الحاذق، عمّق المخرج تأثيراته النفسية والوجدانية، عبر الموسيقى ومن خلال استثماره الإضاءة الملونة للإيهام بتحولات الطقس بين البرد والمطر..إلخ.
لكن، على ما يبدو، شُغل المخرج ـ المؤلف، بهذا الجانب المرئي في عمله وانشغل به عن الخط الدرامي لمجريات عرضه، الذي افتقر في مواضع عدة منه إلى الصدق أو التبرير الفني، لا سيما في علاقات الشخصيات وتحولاتها.
يبدأ العرض بمشهد لشقيقتين في طريقهما إلى مغادرة المدينة؛ خوفاً من التعرض إلى الأذى، ولكن فجأة يظهر أحدهم (قام بالدور حمد الحمادي)، ويقطع الطريق على الفتاتين، فتتصدى له الأخت الكبرى (سلمى ـ قامت بالدور الممثلة بدور) متسلحة بسكين، وبعدما تخضعه، وعبر حوارها معه ومع أختها (هند ـ قامت بالدور ريم الفيصل)، يظهر لنا أن «سلمى» حانقة على «الرجال»، ولا ترى لهم أي دور في الحياة فهم مجرد « فزاعات.. تثير الرعب في نفوس من ينوي الاقتراب منا»، أو «ذئاب» تتحرش بالنساء.
ومع مضي الأحداث، يفسر العرض حنق سلمى على الذكور، بوقائع عنف لفظي وجسدي، تعرضت لها هي وأمها سابقاً، ولذلك هي قتلت أحدهم حين تحرش بها كما تسببت في موت والدها كمداً، انتقاماً لأذيته أمها.
ولئن بدا، مع تلك الوقائع، مفهوماً ظهور «سلمى» في هيئة امرأة كارهة للرجال، قوية وتملك أن تجابه أي رجل، كالذي قطع عليهما الطريق، فما لم يكن متسقاً هو تحولها لاحقاً إلى امرأة ضعيفة ومذعنة، خاصة في مواجهتها هذا الرجل تحديداً!
عدا ذلك، فلقد تميز الأداء التمثيلي لبدور وريم، بالانضباط والحيوية، تعبيراً وانفعالاً وتفاعلاً وحركةً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©