السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمراض الهروب ·· تخدع الأطباء!

أمراض الهروب ·· تخدع الأطباء!
27 يونيو 2005
القاهرة ـ سيد العبادي:
لا تبحث كثيرا عن أسباب عضوية لكثير من الأمراض التي تحيرك·· فهناك من 'يدوخون' بين عيادات أطباء الباطنة والجراحة للبحث عن أسباب أمراض عضوية كالصداع ومتاعب القولون والجهاز الهضمي وآلام الصدر ونوبات المغص وغيرها الكثير·· وعندما يتوصل الطبيب إلى نتيجة واحدة بعد عشرات الفحوص المختبرية والإشعاعية وهي أن الجسم سليم والأعراض مجهولة الأسباب تصبح النفس ومتاعبها وهمومها مفتاح السر وحل اللغز·· فالكثير من الأمراض العضوية سببها نفسي والكثير من الأمراض النفسية تبدأ بمشاكل عضوية·· والحيز الفاصل بين المرض النفسي والمرض العضوي تلاشى إلى حد كبير خلال السنوات القليلة الماضية·· ليظهر تعبير طبي جديد نسبيا هو 'الأمراض النفسجسدية' أو 'النفسعضوية' أو 'النفسجسمانية'·
صداع نفسي، شلل نفسي، مغص وتقلصات وآلام جسدية نفسية، عمى وحكة جلدية وارتفاع ضغط نفسية·· نماذج عديدة وغريبة·· تثير الكثير من التساؤلات الحائرة·· كيف نميز بين النفسي والعضوي·· وهل يستطيع كل طبيب ذلك؟·· أليس محتملا أن يخضع مريض يعاني من أعراض عضوية لعلاج طويل خاطئ قبل أن يكتشف الطبيب أن حالته منشأها نفسي؟·
يقول الأستاذ الدكتور فكري عبد العزيز، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بجامعة القاهرة وعضو الاتحاد الدولي للصحة النفسية، أن الأمراض النفسجسدية هي أمراض نفسية تعلن عن نفسها في صورة آلام وأعراض جسدية محيرة·
ولتوضيح ذلك نشير إلى أن الأمراض النفسية خاصة العصابية التي تشمل القلق والاكتئاب والوساوس والمخاوف والآلام بعد التعرض لصدمات الحياة، إذا لم يتم علاجها بعد معرفة سببها النفسي، تفصح عن نفسها في صورة أعراض تشبه أعراض الأمراض العضوية· والمريض يتردد في البداية على عيادات أطباء الأمراض العضوية وكثيرا ما يصف له بعض الأطباء الأدوية وتحدث مضاعفات لاستخدام أدوية غير شافية بكثرة لان التشخيص لم يكن دقيقا، فالسبب نفسي وليس عضويا·
الرعشة والرفة
وهناك الكثير من الأمثلة التي توضح هذا التداخل بين النفسي والعضوي·· ومنها الشعور بأعراض تشبه أعراض الأزمة القلبية أو التنفسية، وبعض الأمراض مثل الهستيريا تظهر في صورة إغماءات وحركات ترددية عصبية مثل 'رفة العين'·· وهذه الأعراض تحدث لان الشخص لم يستطع التعبير عن ذاته المعتلة ومواجهتها لحل مشاكله، واستخدام التبرير الطبي لها ومن مميزات هذه الشخصية تقبلها بنفس راضية أخطاء الآخرين في حقها، وهذه وظيفة عقلية تعرف بـ 'الميكانيزمات العقلية' التي تزيل الغُمة وتريح الذات المعتلة·
وكثير من هذه الأعراض نجدها في الصداع النصفي النفسي، وتكون الأعراض عبارة عن آلام شديدة بالرأس قد يصاحبها قيء وهي علامة رفض لشيء ما وليس مرضا عضويا·· وهناك الصداع النصفي الذي قد يصاحبه تنميل في الأطراف وتوقف في الحركة يكون سببه نفسيا· وقد تحدث اضطرابات في الحركة كالرعشة بالأطراف وآلام المفاصل أو الظهر إلى درجة الشكوى من أن هناك انزلاقا غضروفيا أو تيبسا بالمفاصل، مع قلة الحركة وتصاحب ذلك رعشة شديدة عند الوقوف ويشعر المريض بآلام رغم انه غير مريض عضويا، ويضطر إلى التردد على عيادات الأطباء المتخصصين في عدة مجالات ولا تستجيب حالته للعلاج وحين يشعر الطبيب المعالج بان الأدوية التي وصفها لمريضه أو الطرق العلاجية الأخرى لم تنجح في تخفيف الآلام يحيله إلى الأخصائي النفسي·
أوجاع الظهر
وفي بعض الحالات النفسية التي يشعر فيها المريض بآلام شديدة بفقرات الظهر تكون النفس فيها ضعيفة وتصاحبها حالة من القلق والتوتر والاكتئاب، كما أن الشخصية المصابة تكون قد فقدت وظائف القدرات العقلية اللاشعورية، وتميل إلى الإسقاط والتبرير والإنكار ولا تجد النفس المعتلة وسيلة للتعبير غير الارتباط المرضي، فتلجأ إلى تلك الأعراض في المناطق الضعيفة لديها، ومن أمثلة الحالات النفسية التي يبررها أصحابها بآلام عضوية في الظهر هؤلاء الذين يعانون من السمنة أو النحافة، أو من يستخدمون الظهر كثيرا في أعمالهم فالظهر عند هؤلاء هو نقطة الضعف، لذلك يسقطون عليه آلامهم النفسية في صورة اكلينيكية، وكأن الأعراض العضوية حقيقية وهم هنا يهربون من مواجهة أنفسهم وحل مشاكلهم
ويذهب هؤلاء إلى أساتذة العظام أو جراحي المخ والأعصاب ويقومون بعمل الأشعات بما فيها الرنين المغناطيسي وكلها تؤكد عدم وجود أسباب عضوية لآلامهم، وقد يحدث تدخل جراحي لخطأ في التشخيص·
والشكوى من آلام الظهر النفسية تكثر عند السيدات والأطفال، فعند السيدات يسمى مرض ربات البيوت، حيث تهرب السيدة بالشكوى من أمراضها النفسية وتسقطها على آلام الظهر وهو إسقاط مهني أو اسري للهروب من المسؤولية، وبالمثل الطالب الذي يريد التزويغ من المدرسة لأسباب نفسية فإنه يظهر ذلك في صورة أعراض مرضية من اجل كسب الأمان الأسري·
والعلاج يبدأ بمناظرة المريض ومعرفة تاريخ حياته وتسلسل الأحداث التي مرت به ثم يبدأ الكشف الطبي الاكلينيكي ويطابق الطبيب الأعراض التي يشكو منها المريض مع الأعراض الحقيقية للمرض، فيجد اختلافا واضحا من ناحية توزيع الألم والحركة المفصلية وعدم تطابق ما يقوله المريض مع الأشعة والأبحاث التي خضع لها·
شلل نفسي
* هل يوجد شلل نصفي نفسي؟
* * يأتي المريض ولديه نفس أعراض الشلل النصفي العضوي، ودور الطبيب النفسي هو الفحص الاكلينيكي السوي ويستطيع أن يكتشف الفرق بين الشلل الحقيقي والنفسي من خلال التعامل مع المريض، فالمريض النفسي يلقي بثقله ناحية الجذع الذي يصاحبه الشلل أكثر من الجذع السليم، وهذه علامة تدل على انه لا يعاني أي شلل عضوي، لكنها ظروف نفسية جعلته يشعر بذلك مثل الاكتئاب والوسواس القهري والمخاوف، وفقدان الاهتمام الأسري
وقد يكون المريض النفسي شاهد حالة شلل نصفي حقيقي عند المقربين لديه، فيتقمص الأعراض ويخرجها عند اللزوم، أو في حالة معاناته من أمراض روماتيزمية أو ضعف في العضلات أو تيبس في المفاصل، وهو يسقط حالته النفسية على هذه الجوانب ليعبر عن ذاته المعتلة بأسلوب بعيد·
*وماذا عن الربو الشعبي والاضطرابات القلبية والقولون العصبي نفسيا؟
* * في الربو الشعبي النفسي يشعر المريض بضيق في التنفس مصحوب بالسعال، وقد يصاحبه اضطراب في البلع وحين يدخل عند الطبيب النفسي قد يسقط على الأرض، أو يرفض الحديث لأنه يشعر بأنه يتنفس بصعوبة ويلاحظ الطبيب أن الحالة لا يصاحبها بصاق أو اضطراب سعالي مع عدم وجود زرقة بالشفتين، وان الذي يعاني منه المريض أعراض نفسية
والطبيب النفسي لابد في البداية أن يجاري المريض فيعطيه موسعات للشعب الهوائية، وفي ذات الوقت يعطيه أدوية ضد الاكتئاب، وتظهر هذه الحالات بشكل أكثر عند البنات خاصة أوقات الامتحانات، لشعورهن بالقلق
وأما في حالة اضطرابات القلب النفسية فإن المريض يشعر بزيادة ضربات القلب، وقد يصل الأمر إلى درجة الإغماء ويشعر بأنه مريض بالقلب ويجري كافة الفحوص الخاصة بأمراض القلب للهروب من مشاكله وآلامه النفسية التي لا ترتبط بالمرض العضوي
كما قد يشعر بعض المرضى النفسيين بأعراض تشبه أعراض الذبحة الصدرية فيذهب إلى أطباء القلب دون وجود أسباب عضوية، وان المريض هنا يهرب من مشكلة معينة، ويحتاج إلى علاج نفسي لا عضوي
ويشعر بعض المرضى النفسيين بأعراض تشبه الاكزيما العصبية فيشعر بالحاجة إلى 'الهرش' في الجلد، وقد يظهر طفح جلدي يصاحب الحالة النفسية، كما أن ما يُعرف 'بالثعلبة' وفقد بصيلات الشعر ناتج عن آلام نفسية أدت إلى حدوث ذلك في اضعف منطقة في الجسم وتظهر الثعلبة بشكل أكثر في السيدات، وهنا يتدخل اللا شعور فتقل كمية الدم التي تغذي هذه المنطقة مما يؤدي إلى تساقط الشعر·
علامات هستيرية
الأمراض النفسية تؤدي أيضا إلى أمراض عضوية، فالحزن الشديد أو التعرض لازمة نفسية شديدة قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السكر، وهناك الحركات اللاارادية مثل رعشة العين أو رعشة اليدين، والأمراض الهستيرية المختلفة مثل فقدان القدرة على الكلام، أو فقدان الذاكرة الهستيري، والتوتر الهستيري في الأطراف، وارتفاع ضغط الدم العصبي، والاكزيما العصبية·
*كيف يمكن الوقاية من الأمراض النفسجسمانية؟
* * تنمية الوعي الصحي والنفسي والاجتماعي للأسرة والمجتمع والعودة إلى الترابط الأسري وصلة الرحم وان تبتعد الأسر عن الانعزال والسلبية مع الاحتكاك بالآخرين والتواصل والعلاقات الإنسانية السوية لأنها تزيل الآلام النفسية والكشف الطبي الدوري للاكتشاف المبكر للأمراض النفسية مما يسهل العلاج واللجوء إلى الطبيب المختص وليس إلى الدجالين والمشعوذين لان هناك حالات نفسية شديدة سببها المشعوذون وفاقت في أعراضها المرض العضوي أو النفسي·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©