الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الطوق والأسورة».. نبش القيعان الغائرة للفقر والخرافة

«الطوق والأسورة».. نبش القيعان الغائرة للفقر والخرافة
21 مارس 2019 02:56

محمد عبدالسميع (الشارقة)

انطلقت مساء أمس الأول فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من أيام الشارقة المسرحية بقصر الثقافة في الشارقة، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وفي فضاء بيت النابودة بمنطقة قلب الشارقة افتتحت الأيام أول عروضها، بمسرحية «الطوق والأسورة» لفرقة مسرح الطليعة (مصر)، الفائزة بـ (جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي) كأفضل عمل مسرحي متكامل في الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي التي عقدت في القاهرة في يناير الماضي.
أعدّ العرض سامح مهران عن رواية للكاتب الراحل يحيى الطاهر عبد الله وأخرجه ناصر عبد المنعم وبطولة فاطمة محمد علي، ومارتينا عادل، وأشرف شكري، وأحمد طارق، ومحمود الزيات، وشريف القزاز، وشبراوي محمد، ومحمد حسيب، وسارة عادل.
تنهل «الطوق والأسورة»، من الموروث الشعبي المصري، على أكثر من مستوى، بدءاً من العنوان ثم المضمون وصولا إلى الأغاني والموسيقى التراثية. وتروي حكاية دارت أحداثها عام 1933 في قرية بالأقصر، تعيش فيها حزينة مع زوجها المشلول والمصاب بالسل. وابنتهما فهيمة، ومن خلال مشاهد مصحوبة بلوحات فلكلورية معبرة وموسيقى وغناء، تدور الأحداث حيث انتظار الأم لعودة ابنها مصطفى الغائب الذي سافر بحثًا عن لقمة العيش، وموت الأب ثم زواج الحداد الجبالي من فهيمة، التي تتأخر في الإنجاب فتلجأ أمها إلى المعبد ليباركها الشيخ، ويأتي الحل على يد حارس المعبد، لتنجب فهيمة بنتاً لا يعترف بها الأب لعلمه بعجزه جنسيًا، ثم تمرض فهيمه وتموت، وتمضي السنون ويعود مصطفى ويحدث شجار بينه وبين زوج أخته (الحداد) لتنتهي المسرحية على مشهد البنت وهي تلعب بدميتها.
العرض قدم المرأة المصرية الصعيدية كنموذج للمرأة المقهورة من قبل السلطة الذكورية، ويصور معاناة الأسرة الفقيرة التي تكابد الحرمان والفقر وتصبح ضحية للخرافات والخيالات الشعبية، ليطرح تساؤلات وتقابلات عديدة ما بين الماضي والحاضر من خلال السينوغرافيا.
وقد كان استخدام المخرج للسينوغرافيا موفقا، بل يرقى إلى درجة الإبداع، حيث اندمجت عناصر السينوغرافيا في الحدث وصارت جزءا أصيلا منه، ورافعة من روافع الرؤية الدارمية الكلية، فمن ناحية المكان فقد كسر المخرج الجدار الرابع وخرج من العلبة الإيطالية إلى فضاء الفرجة الشعبية التي يختلط فيها الممثلون بالجمهور، ويجري فيها الحدث عادة في ميدان متسع باتساع ميادين الحي الشعبي، الذي تشارك في صناعته الساحة الرئيسية والشرفات المطلة عليها، حيث استخدم المخرج كل جوانب ذلك الميدان استخداما جيدا، وكان ظهور الممثلين على تلك الشرفات مساهما جيدا في تحريك الحدث وتطويره، وأحدث ذلك حميمية في التواصل بين الجمهور وبين المسرحية التي وجدوا فيها جزءا أصيلا من الحي الشعبي التقليدي، ومن ناحية الإضاءة ركز العرض على الإضاءة الموضعية المسلطة من الأعلى أو من الجوانب حسب الحالات والشخصيات، ولم يكن يفتحها على آخرها إلا في بعض الأوضاع التي تكون فيها المجموعة في وسط ميدان العرض، وكان ذلك أنسب لأجواء الأحياء الشعبية المفتوحة حتى لا يتشتت ذهن المتفرج.
وظهرت قوة العرض في دمجه للفلكلور الشعبي مع أحداث المسرحية، فالأغنية الشعبية والرقص ولعبة العصي والمواويل وحتى ترديد مرثيات النساء على الميت وغيرها كلها ساهمت في صناعة الحدث، فالمطرب الشعبي يتدخل بأغنيته مضيفا للحدث أو شارحا أو ممهدا، والرقصات الشعبية تؤدي دور الفجيعة واللطم على الميت، ولعبة العصي لإظهار أجواء الفرح والاحتفال تارة، وتارة لإظهار الصراع، ولا ننسى أيضا دور الأزياء والإكسسوارات وما عكسته من واجهات اجتماعية وثقافية تواجدت وتعايشت على أرض مصر على مر العصور، وهكذا كانت المسرحية وحدة واحدة متحركة سينوغرافيا ودراميا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©