الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

يدعمن أبناءهن «أصحاب الهمم» في المحافل الرياضية.. أمهات من ذهب

يدعمن أبناءهن «أصحاب الهمم» في المحافل الرياضية.. أمهات من ذهب
21 مارس 2019 02:59

هناء الحمادي (أبوظبي)

الأم.. نبع الحنان والحب والكرم، تُعطي الجميع دون أن تنتظر أي مقابل، هي الأمن والأمان، هي الأصل وركيزة بناء المجتمع والأسرة والدولة والوطن، هي مربية الأجيال، هي نصف المجتمع القائم عليه بناء المستقبل.
الأم معنى لا يضاهى في وصفها، فهي سر الوجود الذي رعانا وتحمل آلامنا وآلام حملنا وولادتنا.. هي مصدر بقائنا وإدامة حياتنا حتى أصبحنا لما نحن عليه، هي من تقف خلف الأبناء مهما كانت حالتهم حتى تحولهم إلى أبطال يفخرون بأنفسهم ويفخر بهم الوطن.

في يوم الأم الذي نحتفل به في 21 مارس كل عام، حقق الكثير من الأبناء من «أصحاب الهمم» فوزاً مستحقاً وحصدوا ميداليات الذهب وأهدوها لأمهاتهم، خلال مشاركتهم في أولمبياد «أبوظبي 2019»، حيث حضروا في عدة ألعاب رياضية محققين فوزاً بنكهة الذهب والفضة والبرونز، ولكل منهم حكاية ورواية تسردها الأمهات عن قصة نجاح أبنائهن في هذه البطولة.
تقول صالحة الريسي والدة محمد وعبدالله الشامسي: وصل ابنيّ إلى منصة التتويج في بطولات محلية وعالمية، فقد سخرت كل وقتي وجهدي من أجل وصولهما إلى أعلى المراكز المتقدمة في المسابقات، لكن تظل المتابعة المستمرة والتحفيز والتشجيع هو الأهم في استمرارهما وتفوقهما، خلال مشاركاتهما في الألعاب.
وتضيف: ابني عبدالله الذي يبلغ 25 عاماً يعاني «إعاقة ذهنية» منذ ولادته، ولم أدرك ما يعانيه، لكن عندما كان في مراحله المدرسية أبلغتني معلمة فصله عن تأخره في الاستيعاب وعدم الاستجابة والتركيز البطيء، وهذا أصابني بشلل في التفكير، فهو ابني البكر، لكن عزيمتي القوية وإرادتي التي لم تخضع لفقدان الأمل، دفعتني لتسجيله بمركز متخصص برعاية أصحاب الهمم، حيث التحق بمركز دبي للرعاية الخاصة، ليتم تأهيله اجتماعياً، وفي الوقت ذاته أحببت أن يكون له هواية خاصة به فكانت «السباحة» التي تميز فيها، فالتحق بنادي الثقة لأصحاب الهمم في الشارقة عام 2004 ليواصل تدريبه بشكل يومي بمعدل ساعتين بقيادة المدرب جمال ناصر، الذي تولى تدريبه من بداية مشواره حتى الآن، لتكون أول مشاركة له في بطولة خارجية في تونس وأحرز خلالها ميداليتين «ذهبية وفضية» وهو بعمر 12 عاماً.

«تاجر الذهب»
وقالت صالحة الريسي: الفوز في حياة عبدالله لم ينته، بل توالت الانتصارات بميداليات ما بين الذهبية والبرونزية والفضية في مشواره الرياضي، حتى وصل إلى أهم محطات حياته بالمشاركة في دورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص، التي تقام حالياً في أبوظبي 2019.
وعن فوزه أشارت إلى أنه حقق الميدالية الذهبية في سباق «50 متر صدر» خلال منافسات السباحة التي تقام في مجمع حمدان الرياضي في دبي، ليضيف الميدالية الذهبية الثانية للإمارات في منافسات البطولة، كما حقق ميداليته الـ50 في مشواره الذي بدأ مع السباحة عام 2003، ليطلق عليه لقب «تاجر الذهب»، لكثرة الميداليات التي حققها في البطولات التي يشارك بها.
وتضيف: بينما أخوه محمد الشامسي، فيبلغ 21 عاماً، وبدأ التدرب على رياضة الفروسية عام 2007، وهو يعاني «إعاقة ذهنية» أيضاً، وشارك في أول بطولة خارجية في عالم الفروسية بعمر 10 سنوات ليحقق خلالها الكثير من الإنجازات، حيث شارك في بطولة الفروسية في شنغهاي وقد كان أصغر اللاعبين بها، وحصل على الميدالية الفضية، ثم تلتها الكثير من البطولات محرزاً ميداليات ذهبية وبرونزية وفضية، كما حقق هذا العام خلال مشاركته في الأولمبياد الخاص «الميدالية الذهبية» في قفز الحواجز، ليصل عدد الجوائز التي حصل عليها حتى الآن 37 جائزة.
وما وصل إليه محمد وعبد الله الشامسي كان بفضل دعم الأم صالحة الريسي المستمر لهما، فقد تفرغت لتربيتهما ورعايتهما حتى حصلا على المراكز الأولى في البطولات التي شاركا فيها. وعن دموع الفرح التي انهمرت من عينيها بعد فوز ابنها عبدالله في السباحة، تقول: «وقوف القيادة الرشيدة لدعم أصحاب الهمم في الأولمبياد الخاص لا يضاهى، وهذا الدعم أدى إلى تحقيق هذه الإنجازات، وحصد الميداليات التي نهديها إلى وطننا الغالي الإمارات، لترتفع رايتها خفاقة في كل المحافل الرياضية».
«أم البطل»
عرفت بـ «أم البطل»، فهي لديها بطل من أصحاب الهمم يمثل الدولة في رفع الأثقال، إنها شمسة والدة البطل سعيد عبدالله، والتي تعتبر نموذج الأم التي أفنت حياتها ووقتها لرعاية ابنها الذي حصد (40 ميدالية) على مدار 20 عاماً، ليكون إحدى القصص الملهمة التي تعبر عن العزيمة والإرادة القوية التي امتزجت بدموع الانتصار والفرح.
تضيف شمسة: «أنا الأم والأخت وكل شيء في حياة ابني سعيد، فلم أبخل بجهد في رعايته ووقفت بجانبه في كل المحافل الرياضية، خاصة في سوريا واليونان وأميركا، حيث حصد الكثير من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية». وتتابع: قصص النجاح في حياة أبنائي كثيرة، فإخوته يعتلون مراكز مرموقة في وظائفهم، لكن فوز سعيد بالبطولات هو مصدر فخر واعتزاز، فهو فرحتنا وسعادتنا في الحياة، وهذه الإنجازات نهديها لدولتنا، صاحبة الفضل الأول في دعم أبنائنا.
حمدة ومريم
أما زعفرانة صاحبة الستين عاماً، فصنعت السعادة لبنتيها حمدة ومريم الحوسني، ورسمت الابتسامة على شفاههما، وتقول: «لم تمنع الإعاقة الذهنية ابنتي من تحقيق بطولات في ألعاب القوي بالأولمبياد الخاص بأبوظبي، فأنا أرافقهما منذ البطولة حتى الآن، وكان دعمهما شغلي الشاغل، حتى حصدت حمدة 12 ميدالية، بينها 7 ذهبيات في العديد من البطولات المحلية والعالمية، ليكون مضمار الجري هو المكان المحبب لها دائماً.
وتتابع: «لم تكن حمدة (24 عاماً) الوحيدة بين عائلتها التي لديها إعاقة، حيث تعاني شقيقتها مريم «متلازمة دوان»، وبينهما عام واحد في العمر، لذا كانتا متقاربتين ومترافقتين دوماً، وتشجع كل منهما الأخرى.
وتقول زعفرانة: «نسعى للوصول إلى القمة في مضمار ألعاب القوي والبولينج لحصد الذهب واعتلاء منصات التتويج، وأنا فخورة بحمدة ومريم، اللتين تمثلان مصدر إلهام وفخر للأسرة، في جميع المحافل الدولية، في ظل الاهتمام الكبير من جانب القيادة الرشيدة، مما كان له المرود الإيجابي على مسيرتهما.

ثقتنا بلا حدود
وثقة زعفرانة في أبنائها وبناتها بلا حدود من أجل تقديم كل ما لديهم في «الأولمبياد الخاص بأبوظبي»، هذه البطولة التي ستظل عالقة في أذهان الجميع في ظل الاهتمام الكبير الذي تجده في الأولمبياد الخاص، مشيرة إلى أنها تفخر بما قدمته لأبنائها، مؤكدة استعدادها لمواصلة المسيرة في حياتهم، ليكون لهم شأن كبير في وطنهم، وليردوا الجميل للإمارات، التي وقفت بجانبهم، وجعلت من أبطالاً على منصات التتويج يحظون بالرعاية والاهتمام.

مدرسة في التضحية والصبر.. صانعات المستقبل
من أجمل ما قيل عن نجاح الأم في المساهمة في تميز أبنائها أن «مستقبل الولد من صنع أمه»، وأن «قلب الأم مدرسة الطفل»، فالعظماء جلهم من صناعة أمهاتهم، هي من تسهر وتربي وتتعب وتضحي وتلغي نفسها من أجل أن يكون أبناؤها في مصاف المتميزين الناجحين، خاصة وهي تسعى جاهدة لتحقيق الموازنة بين حياتها الأسرية التي تتطلب منها وقتاً وجهداً لرعاية الصغير والكبير، ومتابعة نشاطات الأبناء اللاصفية وممارسة هواياتهم واستكشاف ميولهم.

تجارب ناجحة لأمهات استطعن دعم أبنائهن وإيصالهن إلى النجاح بفضل جهودهن، لتبقى الأم مصباح حياة الأبناء والأسرة بشكل عام، لا سيما أن العالم اليوم يحتفي بالأم، اعترافاً بجهدها وتضحيتها، وإن كان الاحتفاء لا يقتصر على يوم بعينه.

برامج في الأمومة
أكدت فاطمة عبد الله الحمادي، رئيس قسم تنمية مهارات وقدرات الشباب بمؤسسة التنمية الأسرية، أن المؤسسة تعمل انطلاقاً من رؤيتها ورسالتها وأهدافها الرامية إلى رعاية وتنمية الأسرة بوجه عام والطفل بوجه خاص، وتأكيداً لأهمية دور الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية السليمة، فإن المؤسسة تعمل على تقديم برامج لجميع أفراد الأسرة، وكذلك للأم، وذلك لتمكينها من رعاية أبنائها، وتوعيتها بالدور المنوط بها وكيفية صناعة قدوة للأبناء، وكيفية قضاء وقت نوعي معهم، واستثمار جهودها في تربيتهم، بحيث لا ينحصر دورها في الرعاية المادية، بل في التربية وتعليم المبادئ والقيم، وذلك للمساهمة في بناء شخصية متزنة، كما أنه يجب مراعاة الفروق النمائية والشخصية بين الأطفال، حيث يجب ألا نعامل مختلف الأطفال بالمعاملة نفسها، فلكل ميوله، ومن الأخطاء الشائعة في التربية هو التربية بالتوجيهات، بينما يجب تربيته بالمواقف. ونوهت بأهمية ممارسة الأنشطة والهوايات من طرف الأبناء، ودعم الأم لذلك، برغم الجهود التي يتطلبها ذلك، لاسيما أن هذه الأنشطة تساعد الأطفال على اكتشاف ذواتهم وتكسبهم مهارات إضافية، كما تشكل لهم حصانة كبيرة في سن المراهقة، موضحة أن المنافسات تعلم الأطفال أن الحياة خسارة وربح، وأن هناك الفشل والنجاح، وكل فرد يجب أن يتعلم من أخطائه.

الأم «سر» تفوق أبنائها
سليمة الكثيري، أم لثلاثة أبناء، متألقين، كل في مجاله، حمد عبد الناصر الكثيري لاعب كرة قدم بنادي الجزيرة، وعائشة موهوبة في مجال الخطابة والرسم، بينما خديجة تعشق الجمباز.
وعن رعاية أبنائها قالت إن دعم الأطفال لممارسة أنشطة، والموازنة بين البيت والأسرة، يتطلبان مجهوداً مضاعفاً من الأم»، مشيرة إلى أن عائشة ماهرة في إلقاء الشعر، وتتميز بطلاقة اللسان في الخطابة، كما تعشق التصوير، وتمارس الرسم في منارة السعديات، وتبذل جهداً كبيراً لدعم ميولها، خاصة أنها تقطع مسافات طويلة يومياً لتمكين أولادها من ممارسة أنشطتهم بعد المدرسة، وكانت في البداية تجد صعوبة في تحقيق التوازن بين وظيفتها وبيتها ومتابعة أنشطة أبنائها إلا أنها عندما بدأت تلاحظ تألق أبنائها أصبحت لا تتوانى في دعمهم والوقوف إلى جانبهم، وضحت بممارسة مواهبها، وذلك لتحقيق نجاح أبنائها.
وأشارت إلى أن تألق الأطفال وتميزهم في مختلف المجالات يتطلب تضحية الأمر وصبرها والتزامها وإيثارها.

4 شقيقات على طريق التميز
ميثاء عبيد راشد بن صندل تحمل في داخلها قوة كبيرة تدفعها لدعهم بناتها الأربع والسير بهن نحو التميز، حيث حققت مع ابنتها المخترعة فاطمة الكعبي العديد من الإنجازات، وتسير على الخطى نفسها مع ابنتها علياء الكعبي التي تهوى ممارسة كرة القدم، وتدعم ابنتيها الصغيرتين، وتستكشف معهما مواهبهما الدفينة، حيث تسمح لهما بممارسة الأنشطة.
وأشارت إلى أن دعم الأبناء مسؤولية كبيرة، ليس من السهل تحملها، مؤكدة أن صناعة ابن ناجح يتطلب العديد من المقومات، منها الصبر ومجاهدة النفس والتضحية، وأنها تنازلت عن وظيفتها مقابل رعاية بناتها وأسرتها، لاسيما أن تنظيم جدول المخترعة فاطمة الكعبي يتطلب منها جهداً كبيراً.
وأضافت: «يجب أن تكون فاطمة حاضرة باستمرار في معارض وفعاليات الإبداع والابتكار المحلية والدولية، وحصولها على لقب أفضل ممثل دولة على مستوى العالم من الأمم المتحدة خلال مشاركتها في مجلس الأمم المتحدة للشباب وضعنا في مسؤولية كبيرة، بالإضافة إلى ضرورة الموازنة بينها وبين أخواتها اللواتي تتمتع كل واحدة منهن بموهبة مختلفة، وبالنسبة لـ فاطمة اكتشفت ميولها مبكراً للاختراع، بينما علياء البالغة من العمر 15 سنة فاهتماماتها مختلفة، وهذا يزيد من صعوبة المسؤولية، خاصة أنه يجب متابعة كل واحدة في مجالها وعدم حرمانها من شغفها، برغم أن علياء وفاطمة اجتازتا اختبار الموهوبين في مركز حمدان للموهبة والإبداع، لكن يبقى الميول والشغف هما الفصل في اختيار كل طفل ما يريد وما على الأم إلا متابعة هذا الشغف والعناية به وتنميته»
وأشارت إلى أن فاطمة حققت العديد من الإنجازات، منها ابتكار«روبوت الأطفال المرضى» الذي يستطيع من خلاله الطلبة ممن لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة، متابعة دروسهم من المنزل، وتخزين مجريات الحصص الدراسية، من دون أن يفوتهم شيء، بما يبقيهم على تواصل مع بيئتهم المدرسية، وقد صنعت الروبوت من خلال إعادة تدوير بعض المواد غير المستخدمة لديها، حيث يتكون من جزأين، الأول يتبع من يمشي أمامه، والثاني بمثابة وجه الروبوت، ويتكون من «آيباد»، يظهر من خلاله وجه الطالب بشكل مباشر حتى وهو غائب عن المدرسة ومن ثم يتلقى دروسه عبر الروبوت الوسيط المتصل بالإنترنت، حيث يتمكن الطالب من رؤية زملاءه وأساتذته والتحاور معهم.

بدعم الوالدة.. ياسمينة وريحانة بطلتان
نرجس حجازي، أم لثلاث بنات، تحرص على متابعة رياضاتهن المفضلة إلى جانب دراستهن، مؤكدة أن نجاح الطفل مسؤولية وإصرار وصبر وتضحية والتزام أيضاً، لافتة إلى أن ممارسة الهوايات من طرف الأطفال كل حسب ميوله، ورعايتها من طرف الأهل، من طرف الأم يعتبر تضحية ومسؤولية كبيرين، خاصة إذا كانت ميول كل طفل مختلف عن الثاني، مشيرة إلى أن ابنتيها ياسمينة وريحانة تمارسان رياضة السباحة الإيقاعية منذ فترة غير قصيرة، وحازتا العديد من الميداليات الدولية، وهما مطالبتان ببذل المزيد من العمل لتحقيق المزيد من النتائج المميزة .
وأضافت نرجس حجازي أن اكتشاف مواهب الأطفال، وتحقيق نتائج جيدة في هذا الجانب ليس بالأمر السهل، بحيث يتطلب ذلك مجهوداً كبيراً، خاصة في الفترة المسائية، بعد الدوام المدرسي لتبدأ رحلة الأنشطة الرياضية، وبعد العودة للبيت نستأنف إنجاز التمارين الدراسية، ويتطلب منها هذا الأمر إلغاء الذات والالتزام والتوفيق بين الرياضة والدراسة، وذلك لحصد ثمار جهود التعب، فالنجاح لا يأتي من فراغ، بل من استدامة الدعم والالتزام به، حتى خلال الإجازة المدرسية، بحيث نحرص على ممارسة هوايتهما حتى خلال هذه الفترة.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©