الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

"اليقط".. منتج شعبي يحمل ذكريات الطفولة

"اليقط".. منتج شعبي يحمل ذكريات الطفولة
20 مارس 2019 02:38

هناء الحمادي (أبوظبي)

رغم ما تقدمه الأسواق من منتجات حديثة ومتنوعة، إلا أن بيع المنتجات الشعبية لا يزال متماسكاً ومحافظاً على رواده، ويأتي «اليقط» كأعلى المنتجات الشعبية في الأسواق مبيعاً، خاصة خلال شهري مارس وأبريل، فمع موسم الخصب والكلأ أثناء الأجواء الربيعية، تسمن الماشية، ويزداد إدرارها من الحليب، فيشرع أهل الجزيرة العربية في عمل «الإقط أو اليقط» ليظل طعاماً وزاداً لشهور عدة مقبلة.

من ألبان الماشية
يقول إبراهيم الجروان، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، والباحث في علوم الفلك والأرصاد الجوية «مارس سكان الجزيرة العربية، المستقرون والرحل، منذ القدم وحتى اليوم، أساليب تقليدية لاستخراج منتوجات غذائية من ألبان الماشية خاصة الماعز والضأن، ولا تزال المنتجات المستخرجة من الألبان بالأساليب التقليدية باقية، وتجد رواجاً عند غالبية السكان، وأهمها اليقط، الجبن، الزبدة والسمن».
عن اليقط الأبيض الذي يُكور بشكل دائري يتابع الجروان، قائلاً: «اليقط» يسمى أيضاً «البقل والمضير والعفيق والصريب»، في بعض دول الخليج، حيث يستخرج من منتجات الألبان التي عرفها إنسان الجزيرة منذ القدم، وهي أقراص صغيرة مجففة من حليب الضأن أو الماعز، وصناعته تتم من خلال وضع اللبن المخضوض على نار هادئة ثم يحرك بشكل مستمر حتى يتم نضجه وتخثره وفقده لأكبر كمية من المياه، وبعد ذلك يوضع اللبن المخثر في قطعة من القماش الخفيف، ويعصر من جميع الجهات حتى يكتمل تبخر المياه المتبقية فيه بعد عملية الطبخ، ثم يشكل باليد إلى أقراص صغيرة، إذ يضغط بالأصابع على القرص حتى ينطبع عليه شكلها، ثم تجفف فوق بيوت الشعر «الخيام» لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، ويصبح بعدها جاهزاً للأكل، علماً بأن لبن الإبل لا يستخدم في صناعة «اليقط».

اليقط منتج شعبي من ألبان الماعز والضأن

منتج شعبي
وبزيارة سريعة إلى سوق الجمعة في مسافي، نرى أكياسا معلّقة تضم حبات من «اليقط»، تباع لزوار السوق الذين يتهافتون لشراء كل ما تجود به الطبيعة من الفواكه والخضراوات الطازجة، حيث يقول إبراهيم أحمد من سكان منطقة الفجيرة، والذي جاء برفقة أبنائه لتذوق ما تجود به المحال من الفواكه الشهية، ويلتقط عدداً من أكياس «اليقط»: يظل «اليقط» من الذكريات الجميلة، حيث كنا نتسابق لتذوقه من يد الوالدة التي تتقن صناعته في البيت، وتأتي منتجاته من حليب «الأغنام والماعز». ويضيف أحمد «المنتجات الشعبية مشتقة من بعضها بعضاً، فيتم خض أو تحريك حليب الأغنام بوساطة «الصميل»، وهو كيس جلدي يصنع من جلود الحيوانات، وبعد عملية التحريك يكون الناتج هو «الزبد»، ثم يتم استغلال الكمية المتبقية من الحليب وغليها في إناء كبير وتحريكها حتى يكون الناتج ثقيلاً، ويتم تشكيله براحة اليد لينتج لنا «اليقط»، ويتم بيعه بنوعيه، إقط طري وآخر (قاس) أو «يابس»، فالطري يتم أكله مباشرة، أما القاسي فيتم طحنه ودمجه مع أكلات أخرى».

اليقط المالح
بدورها، تتذكر الخمسينية سالمة الظنحاني من سكان منطقة مسافي، وهي تشتري مجموعة من حبات «اليقط» من سوق الجمعة، قائلة «اليقط من الحرف السهلة التي يمكن لكل النساء القيام بها وهن في منازلهن، فطريقة إعداده سهلة». وتضيف أنه في الماضي كانت النساء يجففن الأقراص على بيوت الشعر، واليوم يتم تجفيفها من خلال وضعها في صحون وتغطيتها بقماش خفيف لحماية «اليقط» من الحشرات، وترى أن تجفيفه في الظل هو الأفضل ليقيه من حرارة الشمس التي تؤدي زيادتها إلى تغير طعم اليقط.
وتتابع الظنحاني «بعض الزبائن يفضلون اليقط المالح، فتلجأ النساء إلى صناعته من خلال إضافة الملح أو يتركن الحليب لفترة من ثلاثة إلى أربعة أيام حتى يتحمض بشكل طبيعي، مفيدة أن الكثير من الأسر تغيّر شكل (اليقط) الذي كان يعرف بالتقريص بوساطة أصابع اليد، بالاعتماد على القوالب الصناعية التي تخرجه بشكل أكثر جاذبية للجيل الجديد».
وتضيف: «تُعد صناعة اليقط من أشهر الصناعات المحلية التي لم تتخل عنها المرأة، نظير ما يمثله من مردود اقتصادي على الأسرة، إذ أصبح منتجاً مدراً للربح من خلال عرضه للبيع في الأسواق أو في مهرجانات ومناسبات الأسر المنتجة».

أسعار اليقط
عن أسعار «اليقط»، يشير أحد الباعة، موضحاً «كل كيس يضم من 3 إلى 5 حبات مدورة، ويباع بسعر يتراوح بين 10 و20 درهماً، حسب المنتج وطريقة تعليبه المنسقة، أما بياضه بفعل إدخال مادة النشا عليه، أو قساوته، فهذا يقلل من جودته، ومن سعره أيضاً».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©