الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العمل عن بُعد يقفز بالمؤسسات إلى المستقبل

العمل عن بُعد يقفز بالمؤسسات إلى المستقبل
22 مارس 2020 01:03

يوسف العربي (دبي)

قدمت الإمارات نموذجاً ناجحاً لمنظومة العمل عن بعد في المؤسسات الحكومية والتعليمية والخاصة، بفضل الرؤية الحكومية، والجاهزية الشبكية، وفق دراسة حديثة أعدتها كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية. وأكدت الدراسة، التي حصلت «الاتحاد» على نسخة منها، أن حكومة الإمارات تبنت الدوام المرن، والعمل عن بعد، قبل أزمة «كوفيد ـ 19»، وأن الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الدوائر الحكومية في الإمارات شكلت عاملاً رئيساً في نجاح التجربة، حيث تم تحديد الوظائف المناسبة للعمل عن بعد، وتشجيع الموظفين على الاستفادة من إيجابيات هذه المبادرة لزيادة الإنتاجية.
وأظهرت الدراسة أهم إيجابيات العمل عن بعد وآليات تجاوز العقبات، وحددت أدوار المؤسسات والأفراد ضمن هذه المنظومة، التي تشهد إقبالاً غير مسبوق من مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص.

ما قبل «كورونا»
وأكدت أن العمل عن بعد ينضوي على مميزات عديدة للموظفين، وللشركات، والجهات الحكومية على حد سواء، حيث يوفر توازناً أفضل بين العمل والحياة، كما يوفر تحكماً أكبر في بيئة العمل، ويعطي الفرصة للمداومة على الغذاء الصحي. وبالنسبة للمؤسسات، يساهم العمل عن بعد في توفير نفقات التشغيل، وبناء بيئة مستدامة ومواصلات أقل ازدحاماً.
وأوضحت الدراسة، أنه رغم دراية المؤسسات، قبل أزمة كورونا العالمية، بمميزات وعيوب العمل عن بعد، فإنها لم تكن في عجلة من أمرها، لذلك اتبعت مؤسسات كثيرة نظاماً هجيناً، مع وضع خطط طويلة المدى لتبني واعتماد التقنيات الحديثة. وأكدت الدراسة، أن أزمة كورونا رغم قتامتها حملت معها جانباً مشرقاً، وهو تنفيذ خطط التحول الرقمي خلال أيام، فيما يشبه قفزة إلى المستقبل.
وأوضحت، أن المؤسسات بعد فرض إجراءات الوقاية من «كورونا»، كانت مطالبة بتحويل خططها طويلة الأمد إلى خطط عاجلة، بهدف حماية المجتمع من مخاطر الفيروس سريع الانتشار. وأضافت، أنه أمام هذا الوضع، وانطلاقاً من مبدأ الضرورة، اندفعت بعض المؤسسات لتبني حلول غير اعتيادية لدفع عجلة الإنتاج، فيما كانت مؤسسات أخرى جاهزة للتعامل مع هذه المتغيرات.

تصنيف المؤسسات
وقالت الدراسة: إنه يمكن تصنيف المؤسسات والشركات إزاء تعاملها مع مقتضيات التحول الرقمي الجبري بسبب «كورونا» إلى 3 أقسام، أولها مؤسسات المستقبل، وهي المؤسسات التي استشرفت المستقبل وكانت مستعدة للتقلبات العالمية، وبالتالي استطاعت التكيف مع المتغيرات، واستمرت في تقديم خدماتها للمتعاملين، وستكون في موقع الريادة من حيث التنافسية، فيما تتمثل الفئة الثانية في المؤسسات التي تدور ببطء، وقد تواجه تحديات تؤثر على الإنتاجية خلال هذه الفترة، فيما يقع في التصنيف الثالث ما يمكن تسميتها بـ «مؤسسات الماضي»، التي تعمل بأدوات إدارية غير عصرية، ومن ثم تعرضت أعمالها لكثير من التقلبات.

تحديات وحلول
وأشارت الدراسة، إلى وجود بعض العقبات التي يمكن تجاوزها عند تطبيق آلية العمل عن بعد، منها شعور الموظف بأنه ترك وحيداً بعيداً عن المخالطات والمناسبات الاجتماعية في مقار المؤسسات، وتبادل الأحاديث في الممرات، إلا أنها أوضحت أن العمل عن بعد سيستحدث عادات وسلوكيات جديدة أكثر إفادة على مستوى المؤسسات.
وأضافت، أن من تحديات العمل عن بعد وجود وظائف لا تصلح لهذا النموذج، حيث تزدهر الأعمال النظرية التي تنتقل موادها إلكترونياً، فيما تظل الأعمال العضلية والجسدية في حاجة إلى تواجد فعلي في الوقت الراهن.
ولفتت الدراسة، إلى أنه من عيوب العمل عن بعد أنه يضطر الموظف للعمل ساعات أكثر من ساعات العمل المكتبية، مشيرة إلى أهمية مداومة المؤسسات على قياس نسبة سعادة ورضا الموظفين والوقوف على احتياجاتهم وتلبية ما أمكن منها. ومن التحديات التي قد يفرضها العمل عن بعد أيضاً، عدم وجود إطار قانوني لضبط الأجور لساعات العمل الإضافية.
وأوصت الدراسة، بضرورة استفادة المؤسسات من فوائد ومزايا العمل عن بعد، مثل تقليص النفقات وتوظيف المواهب، وعدم ترك هواجس ضعف الرقابة على العاملين تؤجل تلك الخطوة.
كما حذرت الدراسة المؤسسات من اتخاذ قرارات متسرعة في منظومة العمل عن بعد، حيث يجب تركيز كل الجهود على تحسين بيئة العمل الرقمية، مع تبني التوظيف الهجين، حيث يتاح للموظف العمل عن بعد في أيام معينة، لجعل المؤسسة تستفيد من فوائد النوعين من العمل.
وأكدت، أنه يجب على المؤسسات أن تكون أكثر واقعية ووضع توقعات واضحة، مع التركيز على العدالة والمساواة في معاملة الموظفين عن بعد، والمتواجدين داخل المؤسسة، مع منح الموظفين البعيدين إمكانية الوصول إلى الإدارة بالسهولة نفسها.

التجربة الإماراتية
أكدت الدراسة، أن التجربة الإماراتية قدمت نموذجاً ناجحاً لمنظومة العمل عن بعد، بفضل الرؤية الحكومية والجاهزية الشبكية، تجلت مع بدء اتخاذ الإجراءات الوقائية للحفاظ على الصحة العامة لتجنيب المجتمع مخاطر «كوفيد ـ 19»، لتكون الجهات الحكومية أول من يطلب من الموظفين العمل عن بعد، لتحذو حذوها مؤسسات كثيرة في تطبيق النظام الجديد للموظفين، الذين يمكنهم القيام بمهامهم من خارج مقار العمل.
وأكدت الدراسة، أن حكومة الإمارات تبنت الدوام المرن والعمل عن بعد قبل ظهور «الكورونا» بهدف تحقيق الرفاه الوظيفي، وتحسين بيئة العمل، وزيادة الإنتاجية، وتقليل حالات التأخير، وتوسيع مجموعة المواهب، وتعزيز العلاقات الأسرية، من خلال تحسين التوازن بين العمل والحياة العائلية، وتوفير النفقات للموظفين والمؤسسات وتقليل الازدحام المروري.
كما أكدت أن الإجراءات والقرارات الحكومية في الإمارات ساهمت بنجاح التجربة، حيث حددت الوظائف المناسبة للعمل عن بعد، واستفادت من التجارب العالمية في هذا المجال، وشجعت الموظفين على الاستفادة من إيجابيات هذه المبادرة، فيما يتعلق بالقدرات الإنتاجية مع توفير الأدوات.
ولفتت إلى أن الإعداد المسبق للمدارس، وجعلها مؤسسات رقمية، سيسهم في انخراطها سريعاً في تلك المنظومة.

دور المؤسسات
قالت الدراسة، إن دور المؤسسات في تعزيز مخرجات «منظومة العمل عن بعد»، هو التأكد من جاهزية البنى التحتية التقنية، وقياس جاهزية الموظفين لاستخدام هذه التقنيات، مع إتاحة أنظمة إدارة المؤسسة من داخلها أو عن بعد، وتحديد وتصنيف الوظائف الواجب توافرها في مقر العمل، والوظائف الممكن استمرارها بتقنية العمل عن بعد.
وقالت إنه يجب على المؤسسات توفير رقابة صحية وإجراءات وقائية للسلامة العامة، ومراقبة كفاءة أداء العمل عن بعد، وتحديد مرافق أو مواقع بديلة أخرى لتنفيذ الوظائف الحيوية، مع إمكانية الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذ الأنشطة الحيوية، حسب طبيعة كل مؤسسة.
وأكدت الدراسة أنه على عكس هواجس بأن العمل عن بعد يقلل الإنتاجية، تم إثبات أنه يتساوى أو يزيد في إنتاجيته على العمل من مقر المؤسسة.

6 نصائح للموظفين لتجربة إيجابية
1- فصل حياتك المنزلية عن حياتك المهنية، من خلال تخصيص مساحة للعمل، تسهم في إعداد عقلك للعمل، ومن الأفضل أن يكون بعيداً عن غرفة النوم أو الأريكة.
2- تحديد ساعات للعمل، ومن الأفضل أن تبدأ التجربة بالعمل في نفس أوقات الدوام مع جدولة الاستراحات.
3- الحرص على التفاعل مع زملائك في العمل، باستخدام تطبيقات المحادثة النصية والصوتية والمرئية.
4- ارتداء اللباس المناسب للعمل للحفاظ على ذهنية الإنتاج، من خلال ارتداء الملابس المعتادة للعمل في الأوقات ذاتها.
5- النظام الصارم، من خلال تهيئة كل الأفراد الذين لديهم صلاحية الدخول لزاوية العمل، لأنك لن تكون متفرغاً في أي وقت لتقديم المساعدة.
6- الاستثمار في أدوات العمل المختلفة، مثل شراء مكتب دائم أو حاسب منفصل بكفاءة عالية، مع توافر الإضاءة الكافية.

تمرين حي على حكومات ومدن المستقبل
قال البروفسور رائد العوالمة، عميد كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، في تعليق على نتائج الدراسة: «سرعت الأزمة الحالية عملية التعلم والعمل عن بعد، وكان الوضع قبلها هو أن التكنولوجيا تسبق الثقافات المؤسسية، وخلال أسبوعين تم إنجاز ما لم يتم إنجازه في عقود في تمرين حي لحكومات المستقبل».
ويقول نيكولاس بلوم، الأستاذ في جامعة ستانفورد: إن نظام العمل من التاسعة حتى الخامسة من يوم الأحد إلى الخميس، يعود إلى عصر الثورة الصناعية الأولى، ولكن الزمان يتغير ونحن نعيش في عصر آخر».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©