الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصاد وكورونا

الاقتصاد وكورونا
22 مارس 2020 01:03

«كان بإمكاننا القضاء على وباء كورونا، لو تعاطينا معه مبكراً»

دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة

أياً كان شكل نهاية وباء «كورونا» المستجد على البشرية، فهذا العالم مقبل على نظام آخر جديد يمكن تسميته «نظام ما بعد الوباء»، تماماً مثل النظام العالمي الذي تشكل (بصرف النظر عن مستويات إيجابياته وسلبياته) في أعقاب الحرب العالمية الثانية. في ظل حالة «ما بعد الوباء»، تتعدل (وأحياناً تتغير) القوانين، والتوجهيات، والمعايير، والسلوكيات، والثقافات، وحتى المسلّمات. تتبدل الأولويات، وفق الحقائق المتجددة. فهذه الأخيرة هي التي تصنع الاستحقاقات التي لا مفر من معالجتها بأعلى المعايير المتطورة والمرنة والسريعة، وإلا تحولت المجتمعات إلى ضحايا لها. كل الأوبئة التي حدثت في نهايات القرن الماضي (سارس، جنون البقر، الحمى القلاعية، أنفلونزا الطيور.. وغيرها) ليست أكثر من «نزلة برد» مقارنة بـ«كورونا» المستجد. ارتبكت الحياة (بالطبع) بعض الشيء في ظل هذه الأوبئة، وحلت الخسائر، ولكن مع الوباء الراهن، صار «الإرباك» ثابتاً، لا عابراً.
الأضرار كبيرة، بشرياً واقتصادياً ومجتمعياً. ولأنها كذلك ستكون طرفاً رئيساً في رسم معالم المستقبل. البعض يرى أن «العولمة» هي التي أسهمت في الانتشار الكبير السريع لـ«كورونا» في فترة زمنية قصيرة، بما في ذلك إغلاق دول برمتها. قد يكون هذا صحيحاً. ولكن، إذا كانت «العولمة» بمثابة ناقل سريع للأوبئة، فهي نفسها محرك قوي للازدهار والنمو هنا وهناك. أي أن لها جوانبها السلبية والإيجابية. فـ«العولمة» ستكون جزءاً مطوراً في النظام العالمي الذي سيتشكل شيئاً فشيئاً ما بعد السيطرة على «كورونا». ومن هنا، يمكن فهم التحولات التي فرضها الوباء، وتشمل كل شيء تقريباً، بما في ذلك (مثلاً) تدخل الحكومات التي تعتمد نظام السوق الحر لإنقاذ المؤسسات والشركات. الوباء ببساطة حولها إلى أنظمة «اشتراكية»، حتى ولو لفترة محددة.
حكومات استدعت حتى المتقاعدين المسنين من القطاع الصحي، للعودة إلى «وظائفهم»! لماذا؟ لأن الوباء كان أكبر مما يتحمله هذا القطاع بمئات المرات. هذا من عناصر التغيير بفعل الوباء، أو لنقل العناصر التي ستسهم في وضع بند جديد آخر ضمن النظام العالمي ما بعد الوباء. ولنترك الأضرار المادية جانباً، وهي هائلة حتى في غضون أسابيع قليلة من ظهور «كورونا»، بما فيها مثلاً إمكانية توقف النمو الاقتصادي هذا العام عند الصفر، والأرجح دخوله في الركود بقية العام الجاري. الوباء ضرب بقوة مناعة نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، في إطار تأسيسه لنظامه الخاص الجديد. من كان يتوقع أن تزج دول بجيوشها لمواجهة الوباء؟! وحتى نكون أكثر دقة، فهذه الحكومات زجت بالجيوش في وجه الأزمة وليس الوباء. هذه الأزمة التي تجاوزت في أسابيعها الأولى آثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت في عام 2008. وقتها قيل عن هذه الأخيرة، إنها لا تحدث إلا كل مائة عام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©