الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات العراقية... برلمانيات خارج «الكوتا»

الانتخابات العراقية... برلمانيات خارج «الكوتا»
26 مارس 2010 21:10
ميسون الدملوجي، التي ترشحت مع أبرز كتلة علمانية، لديها كلمة واحدة فقط للسياسيين الذكور الذين قد سينتابهم الاستياء عندما يكتشفون أن المقاعد البرلمانية التي فازوا بها حديثا ستُمنح لمرشحات وفق نظام "كوتا" يهدف إلى زيادة دور النساء في تدبير الشأن العام العراقي: "صعب". وبعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في السابع من مارس الجاري، ستدخل التحالفات التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد مرحلة التنافس حول من سيقوم بتسمية رئيس للوزراء وتشكيل الحكومة المقبلة. وفي عملية انتخابية ملأى بالمعادلات المعقدة، فإن تخصيص مقاعد للنساء يمثل واحدة من أكثرها تعقيداً واستعصاء على الفهم، حيث لا يستطيع سوى القليل من النساء شرح تفاصيل العملية، كما أن معظمهن مستاء لكونهن لم يصلن إلى البرلمان إلا بفضل نظام "الكوتا" الذي يشبه "ديكورا سياسيا"، على حد تعبير ندى العبيدي، وهي مرشحة من محافظة واسط الجنوبية الريفية. وتقول الدملوجي، التي مازالت غير واثقة من أنها ستحصل على مقعد: "طالما أن نظام الكوتا موجود، فالناس ينظرون إلى النساء باعتبارهن وسيلة لسد الفراغ وعضوات برلمان غير جديرات بعضويته"، مضيفة: "إن الرجل يُنظر إليه على أنه فرد؛ أما النساء فيُنظر إليهن على أنهن كتلة. وبالتالي، فإذا أخفقت امرأة فالأمر يبدو كما لو أن النساء كلهن فشلن". وفي بعض السباقات المتقاربة، سيدرك بعض المرشحين الذكور الذين اعتقدوا أنهم فازوا بأحد المقاعد بهامش ضيق، أن عليهم احتواء نساء لم يحصلن على مثل عدد الأصوات الذي حصلوا عليه. ذلك أنه بمقتضى القانون، ستشكل النساء ربع البرلمان المقبل، أي ما يعادل 82 مقعداً، ولكن الطريقة الحسابية لتخصيص مقاعد للنساء جد معقدة، لدرجة أن أحد الدبلوماسيين شبَّهها بحسابات فلكية. وفي هذا الإطار، تقول الدملوجي: "إن فهمها صعب حتى على المرشحين". ولعل التحالف السياسي الوحيد الذي فهم حقا كيف يضع مرشحات في الميدان هو تحالف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر؛ ذلك أن العديد من النساء المتحالفات مع الصدر فزن بمقاعدهن بدون "كوتا"، وفق النتائج التي أعلنت عنها حتى الآن اللجنة الانتخابية العراقية. فوفق الصيغة المعتمدة لتخصيص مقاعد للنساء، فإن النساء اللاتي فزن بمقاعدهن مباشرة يوضعن قبل نظيراتهن اللاتي يستفدن من "الكوتا". وعلى سبيل المثال، فازت المرشحة النشطة مها الدوري، التي يقول أتباعها إنهم تلقوا تعليمات من الصدر نفسه بالتصويت لصالحها، بأكثر من 20 ألف صوت؛ حيث كانت منتديات الإنترنت تعج بأتباع الصدر وهم يحثون الناخبين على التصويت لـ"الأخت مها". ويذكر هنا أن الدوري، رغم أنها وافدة جديدة على السياسة، فإنها استطاعت التقدم على أسماء معروفة مثل أحمد الجلبي، السياسي العراقي الذي كان حليفاً للولايات المتحدة وبات اليوم صديقا لإيران. بيد أن الأداء المذهل لمرشحات حركة إسلامية متشددة يُغضب نساء أخريات؛ حيث تشتكي نساء من كتل منافسة من أن رفاقهن الذكور المترشحين رفضوا خوض حملات انتخابية مشتركة معهن، حيث تجاهلوا النساء باعتبارهن مضيعة للوقت لأنهن سيُقحَمن بمقتضى نظام "الكوتا" في جميع الأحوال. وفي بعض الحالات، تم تشويه ملصقات مرشحات، وتوصل بعضهن بتهديدات، وتم رفض أجنداتهن. وفي هذا الإطار، تقول سلمى الفتلاوي، وهي معلمة من محافظة عمارة الجنوبية حصلت على 80 صوتا فقط رغم أنها خاضت حملة انتخابية في مناطق خطرة حيث ينشط المهربون: "لقد جازفت بحياتي ورفاهية عائلتي". وقد عرض عليها تحالفها السياسي توفير الأمن لها، لكنها رفضت حيث آثرت الوثوق في سكان منطقتها على أن تظهر أمام الناس محفوفة بحراس شخصيين إذ تقول: "أعمل معلمة في هذه المنطقة منذ 25 عاما، وتلاميذي يتذكرونني بحب واحترام، على غرار آبائهم". ومن جانبها، استمرت العبيدي، الحائزة على شهادة الدكتوراه وأستاذة مادة الكيمياء، في خوض الحملة الانتخابية رغم وفاة والدتها، حيث زارت مئات المنازل في المحافظة، وحيث يجعل عنف الميليشيات السكان مرتابين ومتوجسين من الغرباء الذين يدقون أبوابهم. وتحكي العبيدي كيف أنها دخلت ذات مرة كوخا قصبيا يعرف باسم "المضيف" حيث كان 50 رجلا قبليا أو أكثر قد تجمعوا. وبعد أن فرغت من كلامها، همس ابن عمها في أذنها ونصحها بألا تشرب الشاي، لأنه من غير اللائق رؤية النساء في هذا الجزء من البلاد وهن يشربن بدون أن يغطين وجوههن، لكنها تجاهلت النصيحة: "لقد استمتعت كثيرا بشرب الشاي... لكني كنت أبدو ككائن غريب". ورغم حملتها الانتخابية، فإن العبيدي لم تفلح في الحصول سوى على 2600 صوت، وهو عدد أكبر بكثير مقارنة مع كل المرشحات، لكنه غير كاف لتأمين مقعد في البرلمان بشكل مباشر. وتعد فرصتها ضئيلة في التأهل لمقعد في إطار نظام "الكوتا"، لكن أطفالها يقولون لها إنهم يأملون ألا تنجح في الوصول إلى البرلمان. وتقول العبيدي إن منافسيها من كتلة الصدر "شفطوا" كل الأصوات! وتعترف بأنه يصعب ألا تشعر بالمرارة عندما علمت أن كلمة واحدة من رجل دين أو رشوة كبيرة لإحدى القبائل المؤثرة، يمكن أن تنسف أسابيع من العمل الجاد والنزيه في الحملة الانتخابية. أحيانا تقسم العبيدي بألا تترشح مرة أخرى، وأحيانا أخرى تتساءل بصوت عال حول الكيفية التي ستحافظ بها على القاعدة الشعبية التي بنتها محلياً. غير أنه في الحالتين، تقول العبيدي، فإنها لن تفقد الأمل بشأن الديمقراطية العراقية، إذ تقول: "انطلاقا من الكيمياء التي هي مجال تخصصي، أعلم أن كل تجربة جديدة ستصطدم بعراقيل وحواجز. لكن ذلك لا يعني أن على المرء أن يتوقف ويستسلم لأن ثمة دائما تجربة ثانية". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©