الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

السعادة.. اختلفت المصادر والإحساس واحد

السعادة.. اختلفت المصادر والإحساس واحد
20 مارس 2020 00:07

هناء الحمادي (أبوظبي)

في إنجاز يدعو إلى الفخر تصدرت الإمارات دول العالم العربي في ترتيب السعادة لخمسة أعوام متتالية؛ فقد حافظت على المركز الأول منذ العام 2015، وفقاً لنتائج تقرير مؤشر السعادة العالمي الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة، ويستند هذا التقرير على تقييم الفرد لمستوى السعادة.

غير مرئي
في هذا السياق، يقول فهد هيكل، صانع محتوى ومحاضر ومدرب في السعادة والإيجابية، إن السعادة مفهوم من غير الممكن رؤيته ولمسه، بل إنه يظهر على الفرد الذي يعيش داخل محيطه، ومن الممكن شرح مفهوم السعادة لغة على أنّها الاسم الذي يُعبر عن الفرح والابتهاج وكل ما يُدخل ويزرع الفرح والسرور في النفس البشرية.
ويضيف «أغلب الناس لديهم خلط بين المتعة والسعادة، فالبعض يعيش سعادة المتعة وهي قصيرة ويبحث عن السعادة لكن يظل مفهوم السعادة هو الرضا عن الحياة والأمل، وتقبل تقلبات الحياة وهي عطاء بلا مقابل».
ومن خلال الورشات والدورات التي تركز على إسعاد العاملين في التحفيز والتسامح الوظيفي، يؤكد هيكل أن أغلب العاملين لا يعرفون مفهوم السعادة، ويربطونها بالماديات وخاصة المديرين لذلك يفتقدون «ثقافة السعادة».
ويوضح أن السعادة تنقسم إلى نوعين رئيسين يعتمدان على مستوى المؤثرات المحفزة لها، فهناك «السعادة قصيرة المدى» وهي التي تستمر لفترات وجيزة من الزمن، وهناك «السعادة طويلة المدى» وهي عبارة عن سلسلة من بواعث ومحفزات السعادة قصيرة المدى وهي عادةً في تجدد دائم لتؤدي دورها في التجديد والتحفيز المستمر للسعادة لتستمر مدى الحياة.

نسبية واختلاف
وعلى الرغم من أن السعادة نسبية وتختلف من شخص إلى آخر، إلا أن هذا لا يعني أنها شيء يصعب تحقيقه، وتقول أسماء النعيمي، الحائزة دكتوراه في السعادة الوظيفية: «النسبية تعني وجود فرص متنوعة للجميع كي يكونوا سعداء وفقاً لاحتياجاتهم ورغباتهم سواء على المستوى الشخصي أو الوظيفي حتى لو اكتشفوا يوماً ما بأن احتياجاتهم اختلفت وفقا لاختلاف العمر والخبرات وحتى مستوى الوعي فهذا أمر طبيعي».
وتضيف «يمكن رفع السعادة على المستوى الشخصي بطرق عديدة، منها تنشيط الحياة الاجتماعية والصحية، وتغذية الجانب الروحي»، مشيرة إلى أن معرفة الرسالة في الحياة أكثر ما يساهم في سعادة الإنسان، فمعظم الذين يعانون مشكلات نفسية وعصبية يعتبرون أن حياتهم بلا معنى وبلا هدف يعيشون من أجله. وتزيد «الإيجابية لا تعني أننا سنعيش في فرح دائم ولكنها تعني بأننا سنتعامل مع المشكلات بشكل مختلف. كما أن عيش اللحظة من الأشياء التي أحث عليها كثيراً في الدورات التدريبية لأنها فن ومهارة يمكن التدرب عليها واكتسابها وهي تجعل الإنسان يستمتع بالوقت الراهن ولا يتأرجح بين ماض لا يستطيع تغييره ومستقبل يخشاه».
وتضيف «الامتنان لله سبحانه وتعالى يمنح الإنسان شعورا عجيبا ولا سيما في أوقات الشدة وربما يعتقد البعض أنه متناقض لكن الامتنان المستمر يجعلك دائما تقدر ما تملك وتستمتع به ما يخفف وقع اللحظات الصعبة»، لافتة إلى «ضرورة الموازنة بين الاحتياجات والراحة والسعادة وبين دورنا في الحياة، وكوننا جزءا من مجتمع نتفاعل معه».

ثقافة السعادة
ويقول علي اليماحي مدرب ومستشار تطوير الكوادر البشرية، ماجستير موارد بشرية «مدرب مهارات الحياة» إنه من واجبنا ترسيخ «ثقافة السعادة والإيجابية » لتصبح بمثابة أسلوب حياة وعمل بين الموظفين والتواصل معهم وإطلاق المبادرات التي تعزز مشاركتهم في مناقشة واقتراح وتطبيق أفضل الممارسات التي تحقق لهم الرضا واقتراح الأفكار التي تحقق السعادة في العمل والحياة.
ومن التحديات التي تواجه اليماحي اعتقاد البعض أن نشر السعادة يتحقق من خلال جلسة أو جلستين، أو تنفيذ مبادرات معينة، ولكن الواقع أننا نقوم بتغيير النظرة للجميع فالسعادة أسلوب حياة كالنظر إلى الجوانب الإيجابية في كل تحد وفي كل موقف في الحياة، فهي طريقة التفكير التي توصلنا إلى النظر للأمور من زاوية مشرقة.
ويقدم اليماحي مفاتيح السعادة الحقيقية التي تتمثل في الرضا بما نملكه، وترك التفكير في المفقود، مع السعي المستمر إلى تحسين ما نحن عليه من خلال الجوانب الحياتية الثمانية وهي الجوانب: الروحي والأسري والاجتماعي، والجسدي والشعوري والمالي والمهني والصحي.
ومن واقع عملها ترى الدكتورة الإماراتية هنا حمد المزروعي، المتخصصة في الوعي المجتمعي، أن الاستمتاع باللحظة التي نعيشها، والتفكير بأنها ربما لن تعود مجدداً، وأن لكل لحظة ما يميزها من أكثر الأشياء التي تجلب السعادة.
وتدعو المزروعي إلى «تبسيط معنى السعادة من خلال تحويل أمور وأعمال تشعرنا بالسعادة إلى عادات يومية، منها الكف عن المقارنة بين الحياة التي نعيشها وحياة الآخرين، لأنك عندها ستصبح مهووسا بنقاط ضعفك، بدلًا نقاط قوتك، فأنت تضع تركيزك على الأمر الخاطئ، ويتسبب خضوعك لهذه الحالة إلى إضعاف شخصيتك ومنعك من الاستمتاع بحياتك وحرمانك من العديد من الفرص الممكنة».

20 مارس
احتفل العالم للمرة الأولى بيوم السعادة في 20 مارس من العام 2011، حين طرح جايمي إيلين، مستشار خاص في هيئة الأمم المتحدة، فكرة اختيار يوم للاحتفال بالسعادة أمام كبار مسؤولي المنظمة الدولية، فوافق عليها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، ووضعها في الأجندة الرسمية، لتصبح احتفالية سنوية تقام في 193 دولة، ودولتين غير أعضاء في الأمم المتحدة.

بين مفهومين
تقول المدير التنفيذي في جامعة الإمارات، والباحثة في مجال السعادة نوف الجنيبي إنه من الخطأ الخلط بين مفهومي السعادة وجودة الحياة، موضحة «فحين نتكلم عن السعادة فهي لحظات ومواقف، أما «جودة الحياة» فهو مفهوم أكبر وأشمل». وتتابع «بناء على نموذج PERMA الذي قدمه عالم النفس الإيجابي مارتن سيلغمان فإن مكونات جودة الحياة. وهي المشاعر التي نمر بها، وعلاقاتنا الإيجابية، والغاية أو الهدف، والاندماج بما نقوم به والإنجاز».
ومن التحديات التي لاحظتها الجنيبي في هذا المجال اعتماد البعض على الآخرين في إيجاد حلول للتحديات التي تطرأ على حياتهم من دون مواجهتها. وربط سعادتهم بالمقتنيات المادية والمقارنات بما يمتلكه الآخرون ما يولد مشاعر السخط وعدم الرضا لديهم.

رغبة ومسؤولية
تقول أسماء النعيمي (دكتوراه في السعادة الوظيفية): إن «السعادة في بيئة العمل ليست مجرد مبادرات عشوائية، بل هي رغبة ومسؤولية، تبدأ من الإدارة العليا، وتنعكس على كل شيء في المؤسسة»، موضحةً أنه «بعد دراسة مؤسسات «سعيدة» حول العالم، اتضح أن أهم مُمَكنات ثقافتها المؤسسية يكمن في الاستثمار في أربعة عوامل أساسية، هي: بيئة العمل، والأنظمة والسياسات، والمجتمع الداخلي أي العاملين في المؤسسة والمجتمع الخارجي الذي تساهم المؤسسة في تطويره والتفاعل معه، وتطوير الثقافة المؤسسية».

وصفات سعادة
1- تحديد العلاقات التي تحتاج إلى التعزيز والرعاية كالعلاقة الأسرية.
2- إقصاء العلاقات التي تؤدي إلى هدر الطاقة وضعف الصحة.
3- تحديد الأولويات والأهداف في الحياة.
4- تعلُّم شيء جديد بين فترة وأخرى مثل لغة أو رياضة.
5- الحضور الذهني والذي يمكن ممارسته بطرق شتى أبسطها الصلاة.
6- وضع مفكرة للامتنان ترصد يومياً النعم في حياتنا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©