الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

بدر الدين الإدريسي يكتب: «كورونا» يُغير المفاهيم

بدر الدين الإدريسي يكتب: «كورونا» يُغير المفاهيم
19 مارس 2020 00:00

لا يأس تبديه الإنسانية في حربها المعلنة على فيروس كورونا المستجد، ولا استهانة بخطر الجائحة التي عمت العالم فما هانت، ولا تهويل أيضاً لمفعول الدمار الذي يصيب العالم فيتحول إلى جنون يفضي إلى الموت، فالإنسانية أمام واحدٍ من الاختبارات القوية التي تستوجب في وقت أول، إبداء كل الشجاعة والنجاعة في ردة الفعل للتقليل من حجم الخسائر.
نجح الوباء في شل الحركة الرياضية بالكامل، نجح في إغلاق ملاعب التباري، وفي الوقف الفوري لصناعة الفرجة في كل مسارح العرض بالعالم، وأيضاً في فرض الحجر الصحي على صناع الفرجة وعلى سواهم من البشر، اتقاء لشر فيروس لا يبقي ولا يذر.
ومع هذا النجاح الذي يسجله فيروس كورونا، في خنق شريان الإبداع الكروي في العالم كله، فإن الشكوك ستثار حول المبادئ التكتيكية التي تعمل بها الرياضة العالمية وبخاصة كرة القدم، بخاصة عندما يتعلق الأمر بمقاومة هذا النسف المفاجئ للمنظومة، هذا الهجوم القوي على التركيبات الرياضية فيفضح هشاشة دفاعاتها، فكرة القدم التي تباهت ذات زمن بالإيرادات الفلكية التي تحققها بفضل عولمة إبداعها، وظنت أنها سمت بها فوق كل مسببات الأزمة، تجد نفسها اليوم بسبب ضعف الدفاع المناعي، عاجزة تماماً عن وقف نزف الخسائر المالية الناجمة عن الإغلاق الكلي لمسارح العرض.
وأظنكم رصدتم ما بدأت بعض الدراسات الاستقصائية والتوقعية تنشره من أرقام مرعبة عن الخسائر المالية التي ستتكبدها الدوريات الكبرى، والأندية الأكثر إنفاقاً والأكثر حصولاً على العائدات، وكل الشركات المستثمرة في الرياضة والقنوات التلفزية الناقلة للأحداث الرياضية، بخاصة منها المتورطة في حصرية البث، بفعل هذا التوقف الاضطراري، وأيضاً جسامة الندوب التي سيتركها فيروس كورونا على حياة الملايين، ممن يشتغلون بالرياضة عامة، حتى وإن كان الوباء لم يجد منفذاً لأجسامهم.
طبعاً، الوقت هو وقت تعبئة كل القوى من أجل التصدي للوباء، وليس وقت إحصاء الخسائر، على جسامتها وهولها، ولكن سيكون فيروس كورونا الذي سيخلد اسمه في قائمة الجائحات الفيروسية القاتلة التي مرت على الإنسانية، موجباً في مرحلة إعادة ترميم المشهد الكروي لتحسين الدفاعات المناعية، بهدف مواجهة كل التهديدات والمخاطر الخارجية.
ستكون كرة القدم غداً، عندما تزول عنا هذه الغمة ويخلو عالمنا من هذا الوباء اللعين، بحاجة إلى تغيير فلسفتها، ستكون بحاجة إلى جهاز مناعي أو إلى نظام دفاعي جديد، على غرار الأنظمة الدفاعية التي عرفها تاريخ كرة القدم والتي كان «الكاتناشيو» الإيطالي أبرزها.
ستكون كرة القدم، اليوم تحديداً، أمام مفهوم تكتيكي جديد، يقول إن الدفاع هو أحسن وسيلة للهجوم، وليس العكس.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©