الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فعاليـات جليدية بـلا مسابقـة ولا ندوات

فعاليـات جليدية بـلا مسابقـة ولا ندوات
27 ديسمبر 2007 00:05
أصرّ محمد إدريس، مديرالدورة الثالثة عشرة لـ ''أيام قرطاج المسرحية''، على إلغاء المسابقة الرسمية للمهرجان، معللا ذلك بـ ''أن المسرح ليس سباقا للخيول''، وهذا الموقف أثار ردود فعل متباينة بين مؤيد لهذا التوجه ومخالف له، ولكن أكثرية الأصوات، كانت رافضة لإلغاء المسابقة باعتبارها حافزا للتباري والتميز بين مختلف الفرق العربية والأجنبية المشاركة، في حين رأى د· عمرو دوارة وهو ناقد ومخرج مسرحي مصري حضر الدورة، أن إلغاء المسابقة هو قرار صائب، مضيفا أنه يجب الابتعاد عن التنافس والتعصب، وهو يرى أن الجهود يجب أن توجه إلى استقطاب أكبر عدد من الجمهور وتقديم الخطاب المسرحي الجاد في اطار شيق من المتعة السمعية والبصرية، وشاركه الممثل والمخرج التونسي جميل الجودي الرأي، مؤكدا أن حذف المسابقة يجد تفسيرا منطقيا له، اذ لا يمكن ـ حسب رأيه ـ تقييم أعمال مسرحية تنتمي إلى مدارس وتيارات مختلفة ومتباينة في خطابها، وهناك من يرى أن المسابقة تخضع دائما للمجاملات والضغوطات وحتى إلى المساومات أحيانا وأن حذفها أمر إيجابي، ولكن المسرحي التونسي المنصف السويسي أعلن أن المسابقة في حد ذاتها هي مهرجان قائم بذاته· ولم يكتف محمد ادريس مدير ''أيام قرطاج المسرحية'' بإلغاء المسابقة، بل ألغى أيضا الندوة الفكرية التي كانت تقام في كل دورة (تجري كل عامين)، وكذلك حلقات النقاش التي كانت تعقد بعد كل عرض، مما دفع ببعض النقاد إلى وصف الدورة التي تواصلت تسعة ايام بالباهتة و''الجليدية''، وذهب نصر الدين بن مختار، أحد الممثلين التونسيين إلى التأكيد ساخرا بأنه كان عليه أن يرتدي معطفين اثنين لحضور المهرجان لشدة ''برودته''، في حين رأى بعض النقاد أن إقبال الجمهور والازدحام الذي شهدته بعض قاعات العروض هو المقياس الذي يؤكد نجاح المهرجان، وتأكد عدم صحة من يقول بأنه صار في تونس جمهور نمطي يتابع فقط المسرحيات الضاحكة الهزلية· حفل الافتتاح والمسألة الأخرى التي أثارت استغراب بعض المسرحيين التونسيين هو غياب الأجواء الاحتفالية في افتتاح واختتام ايام قرطاج المسرحية، وكذلك قرار مدير المهرجان، بأن يكون الافتتاح بمسرحية سورية ''شوكولا'' (اخراج رغداء الشعراني)، وعبّر الكثير من أهل المهنة في تونس عن رغبتهم في أن يكون الافتتاح بعمل مسرحي تونسي، خاصة أن المسرحية السورية وصفها بعض النقاد بأنها كانت ضعيفة، رغم أنها عرض فرجوي استعراضي تضمن الرقص والغناء والموسيقى· ولم يكن اختيار المسرحات العربية المشاركة في المهرجان دائما موفقا حتى أن المسرحي حمادي المزي قال ان العروض التي شاهدها كانت متواضعة ولم ترتق إلى ما ينتظره الجمهور، ولم يتوفر فيها طرافة أو بحث، وتشاركه الرأي الممثلة التونسية وجيهة الجندوبي التي وصفت العرضين العراقيين ''حظر تجوال'' و''حلم بغداد'' بأنهما ''ضعيفان جدا'' حسب تعبيرها·· كما اختلفت الآراء حول مسرحية ''الجدارية'' لفرقة المسرح الوطني الفلسطيني، فقد ذهب بعض المسرحيين الى القول بأن النص الشعري لمحمود درويش كان أكثر تأثيرا وقوة وعمقا من المسرحية، علما بأن الشاعر الفلسطيني حضر العرض بعد أن أقام أمسية شعرية شهدت اقبالا منقطع النظير اعتبارا لما يتمتع به الشاعر من مكانة لدى النخب التونسية وجمهور الطلبة والشباب عموما· ومن أهم الملاحظات التي خرج بها المتابعون للعروض ان المسرح الاوروبي متفوق على المسرح العربي، فالعرض البلجيكي ''قبلة الموت'' حصل حوله إجماع بأنه عمل ممتاز مقارنة بالأعمال المسرحية العربية· ظاهرة المخرجات ومن بين العروض التي لقيت اهتماما من الجمهور ''عرس الدم'' من فلسطين، وهي تعالج قضية اجتماعية عن الحب والخيانة والزواج، كما استقطبت مسرحية ''نساء لوركا'' للمخرجة العراقية عواطف نعيم اهتمام الجمهور والنقاد لارتباط موضوعها بما يجري في العراق من مآسي وآلام· ومن الملفت في مهرجان ''ايام قرطاج المسرحية'' كثرة عدد المخرجات النساء، فقد تم عرض المسرحية الجزائرية ''لغة الامهات'' من اخراج سنيا، وتروي المسرحية مأساة أم عربية تم اعتقال ابنها المقاوم، وتقدمها في مواجهة جدلية أمام أم أخرى من جانب صف الاعداء يتم اختطاف ابنها من طرف المقاومة· كما تابع الجمهور مسرحية ''إمرأة'' من تأليف الكاتب والروائي التونسي عز الدين المدني واخراج زهيرة بن عمار، وموضوع المسرحية هو وضع المرأة العربية في الزمن الراهن، ومنزلتها في المجتمع، والعرض أهداه المؤلف والمخرجة الى المرأة العربية في عزمها الراسخ على التقدم وعلى فتح الآفاق بلا نهاية حتى تكون في مستوى انسانيتها· وتم أثناء المهرجان عرض 46 مسرحية من بينها 25 من تونس والبقية من مصر وسوريا والجزائر ولبنان والعراق وليبيا ودول عربية وافريقية واوروبية، وقد تساءل الكثيرون عن سبب عدم مشاركة اية فرقة من دول الخليج في أيام قرطاج المسرحية· ولا شك ان عديد المسرحيات التونسية اثارت الاهتمام لدى الجمهور التونسي ولدى ضيوف المهرجان مثل مسرحية ''عرس فالصو'' للمخرجة والكاتبة المسرحية نادية بن احمد، وتعالج المسرحية العلاقة بين المراة والرجل في غياب المشاعر الصادقة ونمو مظاهر النفاق· وطرحت المسرحية موضوع مكانة العواطف والحب وصدق المشاعر في زمن طغى عليه مفهوم كسب المال· خمسون الجعايبي اما المسرحية الحدث فهي ''خمسون'' (اشارة الى مرور 50 عاما على استقلال تونس)، وهي من تأليف جليلة بكار واخراج فاضل الجعايبي، وقد أثارت هذه المسرحية ـ قبل حتى عرضها ـ اهتمام الوسط الفني والإعلامي اثر الملاحظات التي وجهتها لجنة التوجيه المسرحي إلى الجعايبي بضرورة حذف بعض الفقرات والكلمات لإجازة عرضها على الجمهور، وهو ما رفضه المخرج واعتبره رقابة على النص· وقد بعث المخرج ـ وقتها ـ برسالة إلى وزير الثقافة مطالبا بإجازة عرض المسرحية وبقيت المسألة بين أخذ ورد الى أن تمت منذ اشهر اجازة عرضها، والجدل الذي جرى حولها اكسبها دعاية كبيرة، مما جعل الاقبال عليها كبيرا حتى ان تذاكر الدخول الى العرض الوحيد لها اثناء المهرجان قد نفدت قبل يومين من تاريخ العرض، وقد اثارت المسرحية ضجة لدى النقاد والجمهور واختلفت حولها الآراء لتناولها مسألة التطرف الديني، كما تضمنت نقدا لاذعا لليساريين في تونس، وقد أبهرت الممثلة فاطمة بن سعيدان بادائها كل من شاهد العرض، علما بأن المسرحية تم عرضها لأول مرة في مسرح ''الاوديون'' بباريس وهو ما مثل حدثا في حد ذاته، وأثبتت ''خمسون''' ان المسرح التونسي تطور في مستوى التقنيات العصرية والبحث الجمالي والاداء التمثيلي، أما فحوى المسرحيات ولغتها ورسالتها فهي مسألة محل نقاش واختلاف·
المصدر: تونس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©