الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وسط صحراء «المرموم».. مناقشات جادة لفعل الحياة السينمائية

وسط صحراء «المرموم».. مناقشات جادة لفعل الحياة السينمائية
6 مارس 2020 00:05

نوف الموسى (دبي)

اختيار عرض الأفلام السينمائية ومناقشة أثر الفعل البصري وجمالية المفاهيم المرئية بأبعادها الثقافية والاجتماعية والفلسفية، بالقرب من محمية طبيعية وسط صحراء «مرموم»، يُعتبر خطوة نوعية في كيفية التفاعل مع الفضاءات العامة في مجتمعنا المحلي، وصفها الأديب محمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم بـ«الخروج عن الأطر التقليدية، في المساحات التي يتحرك فيها المبدعون والجمهور معاً». وهو ما يجعلنا نعتبر بأن حضور شاشة ضخمة وسط أفق مفتوح، إنما هو عمل تركيبي وعرض فني، قادر على خلق عوالم جديدة ومغايرة، كالذي يفعله ما يطلق عليه (Public art)، لذلك جاءت أسئلة السينمائيين في اليوم الأول من فعاليات «المرموم: فيلم في الصحراء»، بتنظيم هيئة دبي للثقافة والفنون، حول فعل الحياة السينمائية، وارتباطها بالحراك الثقافي في كيفية استيعاب المنصات الداعمة لشركات الإنتاج الناشئة من جهة، وإدراك قوة المبدعين الفعليين في المجال، عبر منهجية قائمة على المتابعة والتجربة التعليمية المستمرة.
اتسمت حركة الجمهور، بحالة من التماهي مع عروض الأفلام التي شهدتها الفعالية، مساء أول من أمس، من بينها الفيلم الوثائقي «آلات حادة» للمخرجة نجوم الغانم، الحاصل على جائزة أفضل فيلم في مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، وفيلم «الدنيا حفلة» الذي نال من خلاله المخرج رائد السمري، جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان «ساندانس» الأميركي، إلى جانب عرض فيلم «إلى بيتنا مع التحية» للمخرجة عائشة الزعابي، الذي حصد هو الآخر جائزة أفضل فيلم قصير من دولة الإمارات في مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل، واللافت في المكون الجمالي للعرض السينمائي هو تقاطعات الشاشة الكبرى للعرض، من خلال 3 تكوينات لأماكن جلوس الجمهور التي جاءت مرتبطة بحياة البادية وعفويتها، ما يطرح سؤلاً مغايراً عن ما يُمكن أن يحدثه «صندوق الأفلام» المغلق، وهو سينما متنقلة في دبي، تتسع لـ28 متفرجاً، ويركز على الأفلام الصامتة. إذاً ما يحدث أن المشاهد يتحرك من الفضاء المفتوح ويتشارك الآخرين مع المكون البيئي بوعي تامٍ، وصولاً إلى داخل عمق صندوق الأفلام المُظلم بأثر الحس اللاواعي لدى المشاهد.
استمرت الجلسات النقاشية في «المرموم» بين أحاديث جانبية يتبادلها السينمائيون والمهتمون بالقطاع بشكل غير مباشر، وبين أطروحات عامة موجهة للجمهور الحاضر بشكل حيّ، أبرزها أشكال الدعم السينمائي وتداعياتها على الحراك الثقافي المحلي والعربي والعالمي، أشار خلاله جمال الشريف، رئيس مجلس إدارة لجنة دبي للإنتاج التلفزيوني والسينمائي، أن الدور المحوري اليوم يتركز حول آلية دعم الشركات الناشئة، التي يلعب المجتمع والقطاع الخاص، تحديداً، دوراً مهماً في تحفيزها وتوسيع مقدرتها الإنتاجية، ومن جهتها عملت لجنة دبي للإنتاج التلفزيوني والسينمائي، على مساعدة تلك الشركات من خلال عمليات التسهيل الخدمي والتحفيز. ولفت الشريف إلى أنه في عام 2019 جذبت مدينة دبي أكثر من 1480 طلب تصوير، بميزانية تصل إلى 150 مليون درهم، وهو ما اعتبره الشريف محركاً حيوياً للاستثمارات، ويدعونا بالمقابل للتساؤل حول كم عدد الإنتاج المحلي، في مجال الأفلام المستقلة، الذي يعد قليلاً جداً بالمقارنة مع مستوى الإنتاج العالمي القادم للإمارة، وبالتالي فإننا بحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية الاستفادة القصوى من جاهزية البنى التحتية والاستوديوهات المعدة بالكامل في مدينة دبي للاستوديوهات، على مستوى إنتاج الأفلام الإماراتية.
من جهته، اعتبر الفنان حبيب غلوم، أن المشكلة الفعلية تتمثل في آليات الدعم الإنتاجية في مجال السينما، كونها عشوائية وغير ممنهجة، ولا تقوم على إشراف ورقابة للمخرجين الشباب بالأخص، موضحاً أنه آن الأوان أن يتم إعطاء الدعم لمن يستحقه فعلياً، وأن النوايا الطيبة لا تخلق إبداعاً، مبيناً أنه يجب أن نتوقف عن مسألة التجريب، وننتقل إلى مرحلة حقيقية يتم فيها وضع الشباب على المحك في مجال صناعة الأفلام، للوصول بهم إلى نتائج ومخرجات إبداعية، متوجهاً بهذه المطالب إلى المؤسسات الثقافية، في أن تعي أهمية التجربة السينمائية من خلال البحث عن الجادين، ما يقودنا -كما أضاف غلوم- إلى موضوع دراسة السينما والتمثيل، فبحسب ما كشفه في الجلسة النقاشية، بأنه لا يوجد اليوم من الإماراتيين من يدرس التمثيل على سبيل المثال في الخارج، وأن الكل تقريباً توقف، مفرزاً إشكالية الاستعجال والاستسهال بدخول الكثيرين لمجال السينما، دون إدراك ضرورة الحرث الأكاديمي وتأثيره على مستوى الإنتاج الإبداعي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©