الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا والمقالح

أنا والمقالح
15 ابريل 2009 23:36
تربطني بالشاعر اليمني الكبير عبد العزيز المقالح علاقة طويلة ترجع إلى عام 1967 الذي هو عام الهزيمة البشعة التي خلقت فينا جرحا غائرا لم يبرأ بعد. وكان عبد العزيز قد نشر فى مجلة «الآداب» البيروتية قصيدة بعنوان «رسالة إلى سيف بن ذى يزن» وتصادف أن طلبت مني مجلة «الآداب» أن أتولى نقد قصائد العدد الماضي الذي ضم قصيدة المقالح، فكتبت النقد الذي اقتنعت به في ذلك الوقت، وخلاصته فيما يتعلق بقصيدة المقالح أن الشاعر لا يوجد ما يحول بينه والعودة إلى الماضي، واستدعاء رموز التراث القديم، شريطة أن لا تكون هذه العودة أو هذا الاستدعاد نوعا من النكوص أو الانكفاء على ماضي الذات، بما يضعها في موقف الهارب من واقعها، فعلى الشاعر خصوصا في أزمنة الكوارث القومية أن يواجه الحاضر، وأن ينقده، لا أن يفر منه إلى التاريخ، وأن يبحث في إمكان هذا الواقع عن حل أو علاج للكارثة لا أن يستدعي شخصية تاريخية غابرة يشكو إليها همه، ويطلب منه تقديم الحل لواقعه، ففي مثل هذا الاستدعاء هروب من مواجهة الواقع وتحدي مشكلاته. ونشرت المجلة نقدي، ويبدو أن عبد العزيز المقالح قرأه واعتقد في صوابه، فانطوى في داخله على تقدير لشخصي. ومرّت الأيام إلى أن جاء يوم، كنت في الجمعية الأدبية المصرية التي كان صلاح عبد الصبور من أعلامها، وذلك في احتفال ما لم أعد أذكر سببه، المهم أن صلاح عبد الصبور سعى إلي حيث أقف، وقال لي في مودة: هناك شاعر يمني أقدّره، ويريد التعرف عليك، وقدمني إلى شخص رفيع القامة إلى حد بعيد، تبدو عليه الملامح اليمنية التي أصبحت أعرفها، وقال: هذا عبد العزيز المقالح الذي كان يحدثني عن احترامه لك، ومددنا أيدينا للمصافحة، وتركنا صلاح لكي نزداد معرفة واحدنا بالثاني. وبالفعل لم تزدد المعرفة فحسب، بل تزايدت الصداقة العميقة التي تولّدت على الفور، كما لو كان كل منا يعرف الآخر لسنوات وسنوات، وازدادت المعرفة عمقا بإقامة عبد العزيز المقالح في القاهرة في مسكن قريب من بيتي، وذلك في السنوات التي حصل فيها على درجة الدكتوراه بعد الماجستير، تحت إشراف المرحوم عز الدين إسماعيل في جامعة عين شمس. وما أكثر ما تبادلنا الزيارات واللقاءات والسير في شوارع مدينة المهندسين الهادئة، قبل أن يحدث فيها ما حدث فيها، وظلت مشاعري إزاء عبد العزيز كمشاعره إزائي، تزداد عمقا مع الأيام والسنوات، ولم تتأثر هذه العلاقة بما يعكر صفاءها، حتى عندما ترك عبد العزيز القاهرة، بناء على رغبة زبانية زمن السادات، فعاد إلى وطنه معززا مكرما، يتولى أعلى المناصب، ومنها رئاسة جامعة صنعاء التي جعل منها منارة للاستنارة، وبقى عمق المحبة موصولا لا يتغير إلى اليوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©