الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

"الإمارات للآداب" ينطلق بحُلم فضائي عربي والريادة إماراتية

"الإمارات للآداب" ينطلق بحُلم فضائي عربي والريادة إماراتية
2 مارس 2019 01:21

نوف الموسى (دبي)

تجدد الانطلاقة الرسمية لمهرجان طيران الإمارات للآداب 2019، أمس «الجمعة»، أهمية المسؤولية المجتمعية في جعل الأفراد جزءاً حيوياً من تشكيل البناء الفكري والمعرفي للمجتمع، خاصةً أن الحدث يقام برعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبالشراكة مع (طيران الإمارات)، وهيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة)، وبمشاركة 175 كاتباً من جميع أنحاء العالم، يمثلون أكثر من 30 دولة. فهذا الحدث، لم يكن إلا فكرة لإيزابيل أبو الهول، الرئيس التنفيذي، عضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، ثم تحول إلى كيان مؤسسي يُنشئ مسارات من الحوارات النوعية لكبار الكتّاب والمؤلفين الشباب من حول العالم.
وتكفي القارئ زيارة يومية على مدى 9 أيام متتالية للحدث السنوي المستمر، باحترافية، في توسيع آلية تنفيذ البرنامج المجتمعي لتعليم الأطفال، وإدراك الدور الجوهري للعائلة في إحداث التغيير نحو الهدف الأسمى من المهرجان، بجعله منصة قابلة للإنتاج الإبداعي من خلال التقاء الثقافات العالمية والعربية، والتجوال الحقيقي في فندق انتركنتننتال دبي فيستفال سيتي (موقع الحدث) لا ينتهي عند حدود المشاركة الجماهيرية للجلسات التي تحتفي بالمعرفة بأكثر من 200 جلسة باللغتين العربية والإنجليزية، وبالتصورات العملية للورشات العملية التي توازيها برامج متكاملة من بينها «برنامج النشر».
السباق نحو الفضاء في يومه الأول، احتفى جمهور مهرجان طيران الإمارات للآداب، بمجموعة من الفعاليات المتنوعة، تضمنت جلسات رئيسة، من بينها: «نساء خلدهن التاريخ»، وجلسة «قصص التشويق النفسية وحبنا للألغاز الغامضة»، أما «فعالية الطفل»، فمن أبرز ما قدمت: «لماذا يحتاج العالم إلى النحل؟»، وناقشت الورش: «لماذا نحتاج إلى ضحايا في القصص؟» و«كيف تسوقون لكتبكم عبر منصات التواصل الاجتماعي؟».
والمثير للانتباه في اليوم الأول، هو التمازج العلمي والأدبي في البرنامج العربي الذي تصدرته جلسة «السباق نحو الفضاء»، بحضور رائدي الفضاء الإماراتيين، وهما: هزاع المنصوري وسلطان النيادي، شاركهما سالم المري، مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية، مدير برنامج الإمارات لرواد الفضاء. وفي إدارتها للجلسة، أوضحت إيزابيل أبو الهول، أنها الريادة العربية في الوصول إلى الفضاء والتي رسمت ملامحها قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، متسائلة حول مدى تأثير البعد الأكاديمي في التنشئة المعرفية عبر حياة رائدي الفضاء اللذين تم اختيارهما من بين ما يقارب الـ 4000 متقدم. وصف سلطان النيادي الأثر الأكاديمي من حيث الأهمية بأنه «لا يقل إثراءً عن تكويننا الأول كبشر»، فأُناس الإمارات وارتباطهم الأزلي بالطبيعة، الرمال، النظر إلى النجوم، وعشق رحلات الصمت التام في الصحراء، من هذا كله، من هناك انطلقت شرارة اللمسة الأولى لمعنى العوالم والمجرات، من تلك العفوية الفطرية التي عاشها هو شخصياً، وبطبيعة الحال، لا يمكن تجاهل التكوين المعرفي والمسار العلمي اللذين يخلقان تراكماً، يجعلنا قادرين على التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة، من مثل المكوك الفضائي، والعيش في عالم مليء بالتناقضات الفيزيائية، غير الأرض تماماً، إنها بالنسبة له، تحول جذري في رؤية الكون والعالم.
بينما ذهب هزاع المنصوري إلى اللغة في قدرتها الجمالية، على تغيير منطقية التفكير وكيفية نظره للأمور، فمثلاً اكتشاف اللغة الروسية، كانت إحدى المفاتيح الأصعب للانغماس في تجربة التدريب التي تم إعدادها في مركز متخصص في روسيا، ليؤكد سالم المري، أن المسألة فعلياً ترتبط في مدى قدرتنا على وضع أنظمة تكنولوجية تتناسب مع رؤيتنا الزمنية للانطلاق نحو أول بعثة عربية فضائية تنطلق نحو عوالم الوجود.
وفيما استمر جمهور جلسة «السباق نحو الفضاء» من الطلاب، في السؤال عن إمكانية الإعداد الأولي لمن يرغب الانضمام إلى عالم الفضاء، في مدارسهم، وكيف تتحول بعض صفوف الرياضيات والعلوم إلى مساحات فاقدة للجاذبية، لم تتوقف، حركة شراء الكتب في الممرات الرئيسة من قاعات «الرأس»، وأبرزها كتاب «طريق الحرير الجديد.. حاضر ومستقبل العالم» للمؤرخ البريطاني بيتر فرانكوبان الذي يتموضع في وسط المكتبة المفتوحة على أفق المكان، المطل على الخور البديع، المتجسد بظلال بعيدة ترمي نفسها كأمواج على مبنى مكتبة محمد بن راشد، الأقرب لموقع الحدث.
اللافت أيضاً أن الفعاليات الخارجية على مستوى أنشطة الطفل، تشكل بانوراما حيّة للتداخل بين المكان، بوصفه مفعلاً لمشهد التعلم وبين الإنسان باعتباره الأقدر على التفرد والإدراك، فالأخير عكس السمة الأهم في جلسة نقاشية شارك فيها كل من الكتاب: محمد المرزوقي، عبدالله النعيمي وجعفر سلمان. بعنوان: «هل يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي القضاء على الروايات»؟
سؤال يستحق أن نعرض تفاصيل ما قيل حوله غداً.

الأطفال ينتظرون توقيع الكاتبة روبن ستيفنز (تصوير: أفضل شام)

الأطفال.. يكتشفون «جرائم لا ترتكبها النساء»
يُخبرها الأطفال كيف يقرأون كتبها بصوت خافت، فتضحك الكاتبة روبن ستيفنز، بتفاعل يشبه تلك الشخصيات المولعة بحل الألغاز، والبحث في حيلة جديدة للتغلب على الأشرار في أحداث مليئة بشخصيات موهبتها التحري والتحقيق. يقف الأطفال في طابور طويل على مقربة من المدخل الرئيسي للمهرجان للحصول على توقيع روبن ستيفنز على روايتها «جرائم لا ترتكبها النساء».. هذه الحالة الجمالية بين الطفل والكاتب، بالرغم من الكثافة التأثيرية والشعورية، تعيد انتباه المتابع للمشهد لما يمكن أن يصنعه الخيال في العالم، وأن كل شيء يبدأ عند هذه اللحظة المولعة بالاهتمام من قبل الأطفال، بل ويقف الأهالي في طابور موازٍ للأطفال، ليحتفلوا بالتقاط صورة فوتوغرافية تجمع الطفل والكاتب والكتاب، فعلياً هنا اللقطة المفصلية، عندما تكتمل الحلقة المتخيلة للسرد القصصي، والانتقال بالمتخيل للواقع. عندما يقف الأطفال. فإنهم فعلياً لا ينتظرون دورهم في التوقيع، إنهم يخلقون قصصهم. وصولهم إلى الكاتب، لينالوا التوقيع، هي إعادة كتابة للرواية، بشكل مختلف. تسطيع أن تسمعهم وهم يتحدثون عن الشخصيات، بتفاعل، كما يطلبون البوظة في فصل الشتاء. يصرون عليها، لأنهم يدركون مدى قدرتهم على الصمود أمام البرد. كل شيء يرسمونه وفق دهشتهم، لأنهم ينطلقون من المجهول، من اللامعلوم.. يخوضون تجربة القراءة، كأنها المرة الأولى مع كل كتاب جديد.. فعلياً لا نعلم عن أطفال، توقفوا مرة عن اكتشاف شيء، قد اكتشفوه من قبل، في كل مرة تجدهم بنفس الجموح، بنفس الرغبة لفعل كل شيء في نفس اللحظة !.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©