الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تنامي العلاقات بين إيران وقطر هاجس أميركا الأول

تنامي العلاقات بين إيران وقطر هاجس أميركا الأول
24 فبراير 2019 00:03

رشا العزاوي (أبوظبي)

تتزايد هواجس الإدارة الأميركية يوماً بعد يوم إزاء سلوك النظام القطري والمضي قدماً في تعزيز علاقاته السياسية والاقتصادية والإعلامية مع النظام الإيراني، رغم موقف الإدارة الأميركية العازم على القضاء على الإرهاب الإيراني واستمراره في زعزعة استقرار المنطقة. وأجمع خبراء أميركيون على اطلاع مباشر بإدارة العلاقات الخارجية الأميركية في تصريحات لـ «الاتحاد»، على أن صناع القرار في البيت الأبيض يدرسون عن كثب سلوك الدوحة في هذا الإطار، على ضوء الإجراءات التي تتخذها قطر، التي تشير بما لا يدع مجالاً للشك في أن الموقف القطري يميل لكفة النظام الإيراني أكثر من وقوف الدوحة مع حليفتها الولايات المتحدة للقضاء على الإرهاب الذي تقوده وتموله إيران في المنطقة والعالم.
وأشاروا في هذا الصدد إلى أن نجاح إيران في إدخال قطر باتفاقيات من شأنها الالتفاف على العقوبات الأميركية، سيدفع إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى عدم التواني في تطبيق العقوبات على الدوحة، خاصة أن هذا الالتفاف يشمل استخدام قطر دولة حليفة ثالثة كبوابة خلفية تمرر من خلالها قطر قنوات مساعدات غير مشروعة للنظام الإيراني، مشيرين في هذا الصدد إلى مخاوف من استخدام قطر الأراضي التركية غطاء لنقل المساعدات غير المشروعة لإيران.
وفي هذا الإطار، يقول مايكل جونز الكاتب السابق في البيت الأبيض، ومحلل السياسة الخارجية لمؤسسة التراث، والكاتب والمعلق في العلاقات الأميركية بالشرق الأوسط في منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن تبرير قطر تقاربها مع النظام الإيراني بالخوف من مواجهة مباشرة معه لا يتناسب مع الدعم الملحوظ الذي تقدمه الدوحة لطهران على مختلف الصعد. وأوضح أنه من المفهوم سعي قطر تجنب صدام مباشر مع إيران، بحكم القرب الجغرافي بين البلدين، واستضافة قطر قاعدة العديد الأميركية على أرضها، ما قد يجعلها هدفاً عسكرياً محتملاً لأي هجوم إيراني، إلا أن ذلك لا يبرر دعمها لطهران مادياً أو اقتصادياً أو إعلامياً، وبشكل بات يسهم في تقويض جهود الولايات المتحدة للحد من دور إيران التخريبي، على الرغم من أنها لم تصرح بشكل واضح ورسمي بوقوفها مع إيران، إلا أن الأميركيين يعلمون جيداً أن قطر لديها علاقة وثيقة إلى حد كبير مع النظام الإيراني تتجاوز (المحاباة لتجنب الصدام المباشر)، ويضيف جونز: على قطر أن تعلم بأن هذه العلاقة لم تعد تخدم مصالحها بعد الآن، ولا يمكنها تبرير تقاربها مع إيران بمقاطعة الإمارات والسعودية ومصر والبحرين لها، فهذه الذريعة لن تقيها العقوبات في حال أوقعتها الازدواجية المعهودة في سياساتها الخارجية والوقوف مع الحليف والعدو في آن واحد تحت طائلة الدول المنتهكة للعقوبات الأميركية على إيران.
وتوقع جونز أن يكون الدعم القطري الإيراني المشترك للميليشيات المسلحة لحماس إحدى القنوات المحتملة بين قطر وإيران للالتفاف على العقوبات الأميركية. ويؤكد الكاتب أنه لم يعد من الممكن أن تكون محايداً بشأن سلوك إيران، لقد حان الوقت لحكومات العالم، ومنها قطر أن تقرر وبشكل واضح ما إذا كانت ستقف إلى جانب الولايات المتحدة في معارضة سلوك النظام الإيراني، أو تختار أن تكون متواطئة في النزعة العسكرية، وانتهاكات حقوق الإنسان والإرهاب الذي ينخرط النظام الإيراني به.
ومن جانبه أكد، الدكتور سعيد قاسمي نجاد، كبير مستشاري الشأن الإيراني في مركز الدفاع عن الديمقراطيات، أن مسؤولين في البنك المركزي الإيراني يتطلعون إلى استخدام الدوحة كمركز مالي لتجارة طهران الخارجية، موضحاً أن مسؤولاً إيرانياً رفيع المستوى في البنك المركزي الإيراني أعلن في أبريل العام الماضي أن طهران بدأت بتوسيع علاقاتها بسوق العملات الأجنبية في قطر، وفي أواخر الشهر نفسه، فتحت بعض البنوك الإيرانية مثل بنكي «باريسيان» و«ميلي» حساباتها لدى «بنك قطر الوطني»، وأكد المسؤول ذاته، بحسب قاسمي نجاد، أن إيران لديها أمل كبير في أن تصبح قطر المركز الرئيس لتمويلها بالعملة الأجنبية، لاحقاً وفي 13 مايو الماضي، وصل وفد أعمال إيراني من 70 عضواً إلى الدوحة لحضور اجتماع لمدة يومين حول العلاقات الاقتصادية بين إيران وقطر، وهو أول تجمع من نوعه منذ 13 عاماً، هذه التحركات هي مؤشر واضح على الاتجاه الذي تراهن قطر على تعزيز علاقاتها المستقبلية معه.
وأضاف أن طهران ترى قطر بوصفها دولة ضعيفة ولكن ثرية، وتستغل هذه الفرصة لبسط نفوذها في قطر مستهدفة كلاً من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات عبر البوابة القطرية. وقال قاسمي نجاد «يسلط تقرير حديث حول كيف كانت قطر تدعم فريق إيران الوطني لكرة القدم الضوء على العلاقات المالية المتنامية بين البلدين ووجود شبكات ربط مالي بينهما»، موضحاً أن موقف قطر تجاه الولايات المتحدة هو في الواقع أمر غريب، ففي الوقت الذي تعتمد قطر في حماية أمنها الخارجي على الولايات المتحدة، فهي تقوض سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، وهذا الموقف يجعل من قطر شريكاً غير موثوق به، الولايات المتحدة تشعر بالقلق من التقارب المتنامي بين إيران وقطر، خصوصاً أن النظام المصرفي القطري لا يزال يسمح بتمويل دول مدرجة تحت طائلة العقوبات الأميركية، لدى قطر سجل خطير بالفعل كمركز تمويل للإرهاب، ويجب على الولايات المتحدة تحذير قطر من أن الإشارات المتنامية في ميل الكفة القطرية نحو النظام الإيراني، ستدرج قطر في النهاية كدولة مناهضة لمصالح الولايات المتحدة.
وأكد أن على المسؤولين في البيت الأبيض إعداد خطة مفصلة حول كيفية الرد على تصرفات الحكومة القطرية فيما يتعلق بمثل هذه المطالب، خصوصاً بعد تنامي التعاون المالي الإيراني القطري للالتفاف على العقوبات الأميركية، مشدداً على ضرورة أن تعالج الولايات المتحدة هذه المشكلة عاجلاً أم آجلاً.
ويخشى مراقبون أن تكون قطر قد أسهمت بشكل أو بآخر في دعم ميليشيا الحرس الثوري مادياً مؤخراً، بعد بيانات إيرانية رسمية أكدت أن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني رفع رواتب منتسبي الحرس الثوري من دون أن يوضح كيف تحصل على الميزانية الداعمة لزيادات الرواتب بواقع الضعف، في وقت أعلنت فيه بلاده حالة التقشف بعد تقرير نشره البنك المركزي الإيراني يفيد بأن موازنة إيران في الأشهر التسعة الماضية تعاني عجزاً بقيمة 10.750 مليار دولار، إذ توقع رئيس مركز مكافحة التنظيمات المتطرفة كايل شيدلر ومقره واشنطن، أن من الوارد جداً أن تكون قطر وراء هذه المساعدة، وأضاف أنه من المتوقع أن تعمل قطر على مساعدة إيران بشكل أو بآخر مع استمرار العقوبات الأميركية في الضغط على النظام الإيراني. وتوقع شيدلر بأن تستخدم قطر حليفتها تركيا للالتفاف على العقوبات الأميركية.
وأضاف أنه لدى الأتراك بالفعل علاقة نشطة للغاية بين قطر وإيران، وبما يساعد الإيرانيين على خرق العقوبات، ففي الوقت الذي شاركت قطر في مؤتمر وراسو الأخير في بولندا الذي دعت إليه الولايات المتحدة لبحث سبل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والتصدي لإرهاب النظام الإيراني كانت تركيا في روسيا في مؤتمر سوتشي تقف مع النظام الإيراني، وتعلن من هناك تصديها لبيان وارسو، ولا يخفى على أحد التحالف التركي القطري الكبير على مختلف الصعد الذي وصل إلى استضافة قطر قاعدة عسكرية تركية.
وأوضح أن ذلك يجعل قطر تمتلك على أرضها قواعد عسكرية لدولتين تدعم أحدهما، النظام الإيراني وهي تركيا، وأخرى تستعد لإطلاق تحالف عالمي لمواجهته وهي الولايات المتحدة، وقد يتطور هذا الموقف إلى دعم بشكل غير مباشر على أقل تقدير.
وأكد شيدلر أن وزارة الخزانة الأميركية كانت قد أثبتت خرق تركيا بالفعل للعقوبات على إيران من خلال فرض عقوبات على الأتراك المتورطين في انتهاكات، أن استخدام قطر الأراضي التركية غطاء لنقل المساعدات غير المشروعة لإيران وارد جداً، مشيراً إلى أن تلك المساعدات قد لا تأتي على شكل أموال بل بضائع، خصوصاً أن تركيا وإيران كانتا قد أعلنتا عن توقيعهما اتفاقية رفع معدل تبادل البضائع إلى 450 شاحنة نقل يومياً بين البلدين في 13 من فبراير الجاري، وتأتي هذه الأنباء بعد فترة وجيزة من إعلان المسؤولين في إيران عن إتمامهم آلية لنقل البضائع بين قطر وتركيا وإيران برياً وبحرياً.
من جانبه، أكد ناصر شريف، رئيس تجمع كاليفورنيا لدعم الديمقراطية في إيران، أن سلبية الإعلام القطري في التعامل مع دعوة الولايات المتحدة دول العالم للتصدي للممارسات الإيرانية، دور ساهم إلى حد كبير في إرسال إشارات توحي بأن قطر تحاول تقويض الجهود الأميركية للحد من نفوذ النظام الإيراني، خصوصاً أن الإعلام القطري مملوك للنظام الحاكم في البلاد ولطالما كان جزءاً من وسائل تنفيذ الدوحة أجنداتها في المنطقة.
وأضاف «دعم الإعلام القطري لنظام قمعَ الشعب الإيراني يتنافى تماماً مع الصورة التي تعامل بها الإعلام ذاته مع الثورات في المنطقة على الرغم من أن قضية الشعب الإيراني في الدفاع عن حقوقه قضية عادلة أمام نظام مصنف بأنه واحد من أفظع منتهكي حقوق الإنسان في العالم، لقد قتل هذا النظام، وسجن عدداً كبيرة من الإيرانيين، ويواصل تطبيق قوانينه المجحفة والقمعية بحق النساء والأطفال والشعوب الفارسية وغير الفارسية داخل إيران من دون استثناء».
بدوره، توقع دانيال بايبس، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات ومقره واشنطن، أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من التقارب بين قطر وإيران، مؤكداً أن العلاقات الإيرانية القطرية حالياً تعيش دبلوماسية كاملة على الرغم من دعمهما أطرافاً متطرفة متحاربة على الأرض السورية، إلا أن الدولتين تجمعهما ملفات عدة، خصوصاً في مجال الطاقة وتمويل ميليشيات حماس، وتحافظان على علاقة وثيقة بدأت منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، وتطورت لتتبنى قطر آراء النظام الإيراني حتى أصبح «حمد بن خليفة» أمير قطر السابق على نحو غير مباشر صوت إيران داخل مجلس التعاون الخليجي، ويجادل من أجل توثيق العلاقات الخليجية مع إيران. ويتوقع بايبس أن يتعزز هذا التقارب، خصوصاً أن دولاً عدة في المنطقة التزمت بتطبيق العقوبات الأميركية على إيران، فيما لا تبدي قطر أي دلالات توحي بتأييدها تلك العقوبات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©