الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة الضاد

15 ديسمبر 2015 22:18
في ضوء خبرتي التربوية التي تمتد نحو ربع قرن، ومعظمها في مجال تدريس «الضاد» وتطوير مناهجها وتدريب معلميها، أعتقد أن العربية لمعالجة ضعفها الفاضح لدى الطلبة تفتقر إلى «دعم اجتماعي ثقافي وسياسي» أكثر منه إلى خطط تطوير المناهج والمدارس على أهميتها... فالمدارس والمناهج، كما أكد الدكتور أحمد عبد الملك في مقاله المنشور يوم الخميس الموافق 30 من شهر ديسمبر 2015، شهدتْ منذ عام 1970 موجات من التطوير والتحديث عمت البلدان العربية كافة.. ومع بداية القرن الحادي والعشرين اكتسبت تلك الموجات التطويرية زخماً جديداً حتى تحولت إلى ما يشبه «تسونامي التطوير»، لم يدع أي عنصر من عناصر المنظومة التعليمية في الدول العربية إلا وجعله غير الذي كان قبل السبعينيات من القرن المنصرم.. غير أن ضعف «الضاد» مازال يتفاقم لدرجة أن العرب إذا كانوا قد اتفقوا على شيء فهو اتفاقهم على ضعف وتدهور وضع «الضاد»! وقد يُخيل لي كأنما أصبح حرف «الضاد» هذا وهو أقوى أصوات الأبجدية العربية يرمز الآن إلى ضعف العربية بعد أن كان علامةً على تميزها بين اللغات! وأقصد بالدعم الاجتماعي الثقافي والسياسي هنا أن يتصدر الاهتمام بتعلم وإتقان وممارسة اللغة العربية قائمة الأولويات المعيشية والمهنية لكل مواطن عربي وكل بيت وكل جهة حكومية وكل مؤسسة مدنية أو شركة تجارية أو مدرسة أو كلية أو جامعة أهلية أو خاصة.. حتى تنطق شوارع الدول العربية ولافتاتها وإعلاناتها وأفلامها الترفيهية أو التثقيفية وقنواتها الفضائية وبرامجها التلفزيونية ووسائل إعلامها والتواصل الاجتماعي بلغة عربية فصيحة خالية من ركاكة التعبير أو لحن في النطق أو خطأ في الإملاء لكي يكون كل ذلك كما يجب رافداً إثرائياً ومعززاً لما يتلقاه الطالب من دروس العربية في المدرسة، وما يقرأه من نصوص المناهج المقررة أو المطالعات الحرة... وليس دفاعاً عن المدارس أو مناهج اللغة العربية ومعلميها، لا يسعني إلا أن أؤكد في هذا السياق أنه بسبب غياب هذا «الدعم الاجتماعي الثقافي والسياسي» المنشود على أرض الواقع منذ فترة غير قصيرة، أصبحت المجتمعات العربية بوجه عام: من البيت إلى الشارع، ومن قمة الهرم إلى القاعدة العريضة تمثل بيئات أقل ما توصف بأنها «طاردة وغير مشجعة ولا مساندة» للضاد بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي فهي مسؤولة إلى حد كبير عن تكريس ضعفها المستمر.. وأما المدارس والمناهج، فمهما تطورت وتبنت أحدث وأرقى أساليب وتقنيات التعليم والتعلم، فلن تغني ولن تسمن من جوع ما دام المناخ العام السائد لا يدعم تعلمها ويشجع على ممارستها وإتقان مهاراتها كأولوية. أبو صالح أنيس لقمان الندوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©