الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات و«العملاق العالمي»

14 ديسمبر 2015 20:51
نجيب عبد الله الشامسي تشكل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الصين في هذا التوقيت نقطة انطلاق جديدة في مسيرة التنمية الإماراتية واستثمارات الدولة في الخارج وخلق فرص عالية بين الجانبين من التعاون التجاري والاقتصادي في مختلف المجالات، وبرهنة عملية على أن الاقتصاد يستبق السياسة في التحولات الدولية الحالية. وتنتهج الإمارات رؤية عميقة في العلاقات الدولية قائمة على الاستراتيجيات بعيدة المدى بما يحقق مصلحة الدول وهو أحد مقومات الدول الراغبة في تحقيق النمو والاستقرار والقوة، كما أن الصين والإمارات لديهما سمات وعوامل منها الخطط التنموية ومعدلات النمو والتوجه نحو الخدمات والتنمية البشرية والاستثمار. وتتسم دولة الإمارات بقيادة طموحة واستقرار سياسي وأمني كبيرين، ما يمثل أحد الركائز الرئيسة في جذب الشركات ورجال الأعمال والاستثمارات من الخارج، إضافة إلى امتلاك الإمارات للبنية التحتية العالمية، وانعدام الضرائب، وسهولة تأسيس الأعمال، وسرعة تسجيل الشركات، والمنافسة العادلة. وتتمتع الإمارات ببنية تحتية متقدمة، وخدمات لوجستية متطورة، تؤهلها لتلعب دوراً محورياً على «الحزام والطريق»، إضافة إلى ما لدى الإمارات من إمكانات اقتصادية وموارد، ومقومات متنوعة في مختلف المجالات، تمكنها من تقديم مساهمات فعالة لإنجاح مبادرة «الحزام والطريق»، وتعزيز أهدافها التنموية، ودعم التعاون بين دول الشرق الأوسط ودول قارات العالم القديم، آسيا وأوروبا وأفريقيا. وتتضمن آفاق التعاون الاقتصادي توحيد المواقف ذات الاهتمام المشترك إزاء القضايا التي تطرح على منظمة التجارة العالمية، ومثال ذلك المطالبة بإزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على بعض الصادرات الاستراتيجية، وإزالة المعوقات غير الجمركية. وتفتح تلك الاستراتيجية بوابة واسعة للشركات للتوسع في أعمالها بدول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط، بالإضافة إلى سوقي أفريقيا وأوروبا. وعلى الصعيد الاستثماري، تنظر الإمارات إلى الصين كسوق ناشئ مهم، وفي الوقت نفسه، يزداد تفاؤل المستثمرين الصينيين بإمكانيات السوق الإماراتية وآفاقها. وتنسجم توجهات الدولة مع الأهداف الرئيسة لمجلس التعاون الخليجي، بتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دوله، بما في ذلك تنسيق سياساتها وعلاقاتها التجارية تجاه الدول الأخرى، والتكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية، لتقوية مواقفها التفاوضية وقدرتها التنافسية في الأسواق العالمية. وحقق الاقتصاد الصيني خلال السنوات القليلة الماضية معدلات قياسية في النمو تعد الأعلى في العالم، ومما عزز معدلات النمو هذه توافد الشركات العالمية الكبرى التي تبحث عن موضع قدم على أرض الصين، وتدفق الاستثمارات العالمية الضخمة للبحث عن العائد المضمون والمستقبل الواعد. ويدعمها في هذا التوجه وجود مقومات كبيرة وثروات طبيعية هائلة وأيدٍ عاملة رخيصة وقطاعات اقتصادية عريضة تستوعب تلك الاستثمارات العالمية، وترحب بتلك الشركات، لاسيما وأن طموحات الصينيين لا تقف عند حدود معينة، وإنما يعملون جاهدين على غزو العالم اقتصادياً وتجارياً، وهم يملكون سلاح الإرادة والقدرات الاقتصادية والبشرية الضخمة، ويعملون على تحويل وطنهم إلى مصنع العالم. وأصبح الاقتصاد الصيني محور اهتمام القوى الاقتصادية التقليدية، ذلك أن هذا الاقتصاد ومنذ عام 1978، يسجل نمواً بمعدل يتراوح بين 6 إلى 13% سنوياً وأصبح يتبوأ المرتبة الثانية عالمياً. وفي ظل التحديات التي تواجه الطرفين، يدرك كل منهما ضرورة تدعيم العلاقات السياسية والاقتصادية لما يعزز مصالحهما المشتركة ويحقق الاستقرار الاقتصادي، وتدرك الإمارات حقيقة النمو الاقتصادي السريع الذي يشهده الاقتصاد الصيني، وبالمقابل تدرك الصين مدى حاجتها إلى أسواق دول المجلس التي ترى في معدلات النمو في الاقتصاد الصيني فرصة لزيادة الطلب على النفط والغاز الخليجي لزيادة إيراداتها وتعزيز أهميتها الاقتصادية. ويمثل قطاع الاستثمارات المتبادلة فرصة سانحة أمام تعزيز البنية الاقتصادية وبناء قاعدة اقتصادية صلبة لصالح الطرفين، فمن خلال الخبرة الفنية والتقنية المتميزة لدى الشركات الصينية، مقابل رؤوس الأموال للشركات الإماراتية يمكن للأخيرة الاستثمار في مشاريع مهمة بالصين. كما يمكن للشركات الصينية توظيف خبرتها في بناء مشاريع البنية التحتية كمشاريع توليد الطاقة واستخراج المعادن وقطاع النقل ومشاريع السكك الحديدية المنوي تنفيذها بدول مجلس التعاون، فضلاً عن مشاريع الكهرباء والاتصالات الكبرى، والمشاريع الزراعية والصناعية، يمكن أن تحولها إلى اقتصاديات صناعية قادرة على تنويع قاعدتها الإنتاجية. وفي ظل استحقاقات العولمة ومتطلبات تحرير الأسواق، يواجه الجانبان جملة من التحديات التي تتطلب مواجهتها مزيداً من التعاون الاقتصادي والتجاري، كما تمثل فرصاً تتطلب استثمارها من قبل الطرفين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©