الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تطوير ذات أو شعوذة

31 يناير 2011 19:42
ضاقت بها سبل الحياة، تقلبت في أوجاعها كاتمة سرها، حاولت مرات إصلاح ما تكسر بينها وبين زوجها، لكن المسافة بينهما اتسعت كثيرا. وحين يئست من الحل، واستحال عليها رأب الصدع بنفسها، حملت خلافاتها الأسرية إلى مكتب من مكاتب الاستشارات الأسرية التي أصبحت ملاذا لكل امرأة ورجل استعصى عليهما حل مشاكلهما مهما كانت بسيطة ومقدور عليها بالحوار والنقاش ورفع كل الغموض واللبس الذي يعتري مرات الحياة الزوجية، قصدت المركز متثاقلة الخطى آملة في الخلاص، وعلى خجل سألت عن الاستشارية هناك، قرروا لها موعدا لاحقا على أن تأتي معها بصورة لزوجها. بعد أيام رجعت تطلب نهاية لصراعاتها النفسية والاجتماعية، جلست أمام “ الاستشارية” وهو اللقب الذي بات تطلق كثيرا على المتواجدين في مثل هذه الأماكن، والخوف بعينيها سألت الحل، طلبت الاستشارية صورة زوج المشتكية، أمعنت النظر فيها كثيرا، قلبتها بين يديها، أومأت برأسها، اكفهرت ملامحها وتغيرت قسمات وجهها وصارت عبوسا، والسيدة تتابع تفاصيل وجهها وتنتظر قولها. بعد فحص الصورة وتقليبها مرات ومرات، قالت: “ زوجك به مس، وسيطلقك، وهذا أمر محتوم”. جرّت جسدها إلى بيتها بخطى بطيئة، كتمت سرها، لكن ظل كلام الاستشارية يطرق في رأسها، بل وينخر فيه، لم تستطع التخلص ونسيان ما قالته. ومرت الأيام، وتدخلت أطراف أخرى لإصلاح ذات البين، سعى زوجها نحو لم الشمل، لكن ما سمعته من “ الخبيرة في تطوير الذات” وما قالته لها عن شريكها من خلال ما فحصته من خلال الصورة، وما أوحت به تفاصيل وقسمات وجهه بأن به مس، و أجزمت أنها ستنفصل عنه لا محالة، جعلها تصده وتقف في وجه كل محاولاته ومساعي الأهل في جمع شتات الأسرة. ظلت هكذا تختلق المشاكل تلو الأخرى، إلى أن انفرط العقد، غاص البيت في وحل المشاكل وتسببت بنفسها في انفصالها، وكان ذلك بعد إنجابها بأسابيع قليلة. لا يكاد يخلو بيت من المشاكل والخلافات الزوجية مهما تقاربت الطباع، لكن يظل الصبر والتسامح والتفهم والمرونة قبل كل شيء هي سيدة المواقف وأجلِّها، لكن هناك من يسرع بالبوح بمشاكله ومواقفه من الطرف الآخر لكل الناس، أو يقصد في أحسن الأحوال أحد مراكز الاستشارات الأسرية التي بات لا يخلو منها مكان، ومنها هذا المركز الذي صنف الزوج على أن به مساً، وهذا بالطبع بعيد كل البعد عن أي تحليل علمي منطقي، بل اعتمد على مزاجيات منطق ثقافة المستشارة، وهو يميل للشعوذة أكثر من ميله للتحليل العلمي، هذه حالة سيدة واحدة، وربما تكون هناك حالات كثيرة مشابهة عصفت بها تشخيصات خبيرة هذا المركز أو ذاك. لكبيرة التونسي | lakbira.to nsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©