الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعياد وأولاد وتفاح

أعياد وأولاد وتفاح
12 نوفمبر 2011 13:15
في أحد الأعياد، وقبل أربعة عقود على الأقل، رفض أخي نبيل الخروج من الفراش، لأن الوالدة لم تبتع له بنطلوناً على العيد. كنا نقطن في بيت مكون من غرفة واحدة، ولما جاء الأقرباء لممارسة طقوس العيد، وجدوا أخي في الفراش. سأل أحدهم عن وضع الولد واليوم عيد، وهو عيد للأطفال وفرحة لهم. قالت أمي، وهي تنوي التغطية على الموضوع: إنه مريض. لكن القريب ثقيل الظل سأل: - شو بوجعه؟؟ فسبقت أمي بالقول: - بنطلونه بوجعه. وكانت هذه العبارة هي البداية الأولى لتكريسي كاتباً ساخراً في المستقبل، أسخر من الفقر قبل أن يحولني إلى كائن فقير الروح والضمير. ??? لا أعرف السبب، لكن الأطفال كانوا وما برحوا يعتقدون أن طبيخ الجارة أو إحدى القريبات أو أم أحد الأصحاب أفضل وأروع وأزكى من طبيخ الأم. أنا شخصيا أعاني حاليا من هذا الوضع مع كائناتي، لأني أنا الطباخ الدائم في البيت، حيث أمارس عملية الطبخ خلال كتابة المقال «حالياً أنا أضع معلاق خروف بالفرن.!!». كنت طفلاً «ليست طفولة بالمعنى الحقيقي، لكنها مجرد مصغر» ذات قرن، كنت أعتقد أن مجدرة العدس الذي تطبخه الجارة أفضل من مجدرة أمي، مع أنه من ذات العدس، لا بل إن أمي كانت معروفة كطباخة ماهرة في مجال العدس بأنواعه، بحكم الممارسة الدائمة والدؤوبة، أستدرك، أن المجدرة طبخة مكونة من العدس المسلوق مع الأرز، وهي طبخة الفقراء، وأكبر إضافة نقدمها معها هي البصل المقلي. كانت الوالدة تعتمد حيلة ذكية، قالتها لنا بعدما تجاوزنا مرحلة طبيخ الجارة، إذ كانت «تكفت» طنجرتها المطبوخة في صينية، وتقول لنا إن الجارة أرسلت لنا المجدرة لأننا نحبها، وكنا نأكلها بكل تمتع على اعتبار أنها من عند الجارة.. المشكلة أننا كنا نصدق ذلك بشكل شبه يومي وعلى مختلف الطبخات، حتى أننا كنا نعتقد أن الجارة هي طباختنا المعتمدة، وهي أكرم إنسان وجد على سطح المسكونة. كم من طبخات أكلناها بعد أن انخدعنا بالصينية والطنجرة!! لا تعدّوها.. أعرف.. فهي كثيرة، لا بل إن بعضها نأكله ونحن نمارس خداعا على أنفسنا قبل أن نمارسه على الآخرين. ??? قصصنا مع التفاح بدأت منذ فجر التاريخ البشري مع أمنا المرحومة حواء وتفاحتها المعروفة، لكن الفرنجة نجحوا في الاستفادة من التفاح أكثر منا، إذ استطاع نيوتن أن يكتشف قوانين الجاذبية من تفاحة سقطت عن شجرة وهشمت أنفه. كما استطاع المرحوم صاحب شركة آبل الكبرى، أن يجعل التفاحة المقضومة رمزاً لشركة مبتكرة في مجال الكمبيوتر تربح المليارات، بينما نحن الأعاريب ـ وكما قرأت على النت- فقد جمعنا التفاحتين: تفاحة نيوتن والتفاحة المقضومة وصنعنا منهما، معسل «التفاحتين». ??? جاء الطبيب المحتال إلى قرية مدعيا أنه يستطيع تقويم أي حدبة في الظهر، وأن أي اعوجاج مهما كانت درجته يستطيع تقويمه مقابل مبلغ معين. جاء أحدب القرية وعرض نفسه ودفع المبلغ المطلوب. الطبيب المحتال وضع الأحدب بين خشبتين وربطهما معها، وظل يقفز فوقه حتى انكسر ظهر الأحدب وزالت حدبته، لكنه ـ طبعاً- مات. غضب الناس من الطبيب المحتال، لكنه قال لهم بكل هدوء: - أنا فقط أعالج تحدّب الظهر، لكنني غير مسؤول عن الموت والحياة. احذروا من المصلحين المحتالين في جميع المجالات، لأنهم لا يفعلون، إلا كما يفعل هذا الطبيب المحتال. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©