الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نتنياهو.. وخطر تقنين الاستيطان

18 فبراير 2017 23:24
عزيزي السيد الرئيس: هذه هي اللحظات التي تبني أو تهدم أي رئاسة. أولاً لقد تم اختبارك من قبل روسيا (وهي منافس للولايات المتحدة)، وفشلت تماماً في تقدير التأثير المدمر على ديمقراطيتنا نتيجة تسامحكم مع قرصنة روسيا على الانتخابات الأميركية. ويوم الأربعاء الماضي تم اختبارك من قبل إسرائيل (وهي صديقة للولايات المتحدة)، ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، فهل بإمكانك تقدير التأثير المدمر نتيجة ما تفعله حالياً في الضفة الغربية؟ إنني أسأل لأنك ربما تكون آخر شخص يمكنه الوقوف بين إسرائيل وكارثة ذاتية متعمدة بالنسبة للدولة اليهودية والشعب اليهودي. ودعني أفسر ذلك بالأسلوب الذي تفهمه: لعبة الجولف. هل سبق لك أن تابعت قصة تتعلق بباراك أوباما، ونادي «وودمونت كانتري كلوب»؟ نادي «وودمونت» هو أكثر نادٍ يهودي في ولاية ماريلاند، خارج واشنطن العاصمة، حيث لعب أوباما كضيف عدة مرات خلال فترة رئاسته. وقرب نهاية ولايته، أشيع أن أوباما سيسعى للحصول على عضوية هذا النادي، وبعد ذلك دخل في صدام مع نتنياهو بسبب رفضه (أي رفض أوباما) استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يدين توسع إسرائيل بلا هوادة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وبعد ذلك بوقت قصير، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن عضواً بنادي «وودمونت»، وهو «فيث جولدشتاين» قد أرسل رسالة إلى رئيس النادي يعلن أن أوباما «ليس محل ترحيب في نادي وودمونت» بسبب تصويت الأمم المتحدة. لقد كان مروعاً أن نعتقد أن اليهود، الذين كانوا هم أنفسهم لسنوات طويلة مستبعدين من الانضمام إلى نوادٍ معينة في البلاد، سينظرون في استثناء أول رئيس أسود لدينا، لا سيما بعد تصرفه على أساس ما تؤمن به نصف إسرائيل - أن استمرار التوسع في المستوطنات اليهودية في المناطق التي يقطنها الفلسطينيون من الضفة الغربية سيجعل في نهاية الأمر الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال حل الدولتين مستحيلاً، وبذلك يهدد الطابع الإسرائيلي كدولة يهودية وديمقراطية، ولحسن الحظ فإن آراء الأعضاء المحترمين في نادي «وودمونت» هي التي سادت، وكما أوردت صحيفة «واشنطن بوست»، فإن رئيس النادي «باري فورمان» دعا أسرة أوباما للانضمام، معلناً أن «أنه بات من الأكثر أهمية أن يكون وودمونت مكاناً يتمتع فيه أشخاص من مختلف الآراء والمعتقدات بالعضوية». لماذا أقص عليك هذه القصة؟ لأن إسرائيل تقترب كل يوم من محو أي إمكانية للتوصل لـ(حل الدولتين).. وفي الأسبوع الماضي فقط دفعت حكومة نتنياهو من خلال الكنيسيت بقانون جديد مشين يعلن أن المستوطنين اليهود العشوائيين الذي أقاموا بيوتاً متنقلة (كرفانات) بصورة غير قانونية على أراض فلسطينية خاصة في الضفة الغربية سيتم إضفاء الصفة القانونية على مستوطناتهم، على الرغم من أن ملاك الأراضي الفلسطينيين سيتم تعويضهم. ونأمل أن تلغي المحكمة العليا الإسرائيلية هذا القانون، ولكن في الوقت نفسه، قيل إن الرئيس الإسرائيلي «رؤوفين ريفيلين» حذر خلال اجتماع خاص أن إسرائيل لا يمكنها مجرد «تطبيق وإنفاذ قوانينها على الأراضي التي هي ليست تحت سيادتها، وإذا فعلت ذلك فإن هذا سيكون نشازاً قانونياً، وسيجعل إسرائيل ينظر إليها باعتبارها دولة فصل عنصري، وهذا غير صحيح». ولهذا السبب فإن التاريخ الإسرائيلي يضع نصب عينيه عليك، سيدي الرئيس. ما دام حل الدولتين كان مطروحاً للنقاش، فإن النقاش بين اليهود بشأن إسرائيل سيكون نقاش «اليمين مقابل اليسار»، و«مزيد من الأمن مقابل قدر أقل من الأمن».. ولكن الأمر الذي قد يتفق عليه معظمنا هو أن إسرائيل يجب أن تنفصل بشكل آمن عن معظم الفلسطينيين في الضفة الغربية البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة، وقد يستمر هذا الجدل في كل كنيس وكل مؤسسة يهودية وكل نادٍ يهودي. ولكن إذا انتهت قيادة نتنياهو الضعيفة وتجاوز المستوطنين في حزبه بمحو (حل الدولتين)، فإن النقاش داخل المجتمع اليهودي سينتقل من نقاش «اليسار مقابل اليمين» إلى «الحق مقابل الباطل». هذا النقاش لن يكون بشأن ما الحدود الأفضل للدفاع عن دولة إسرائيل، بحسب ما ذكر «موشي هالبرتال»، الفيلسوف بالجامعة العبرية، «ولكن بما إذا كانت الدولة تستحق الدفاع من الناحية الأخلاقية». إنني لا أتوقع أن تترك إسرائيل الضفة الغربية دون وجود شريك فلسطيني للسلام الآمن، والذي لا تملكه إسرائيل الآن، ولكن إضفاء الشرعية على استيلاء المستوطنين على الأراضي الكائنة في عمق المناطق الفلسطينية ليس إجراءً أمنياً - إنه في الواقع سيخلق مشاكل أمنية. إنه تصرف يدل على فساد أخلاقي، وسيجعل من الأصعب إيجاد شريك فلسطيني، وسيقوض أيضاً الأسس الأخلاقية للدولة. إن الأمر يتعلق بالحق في مقابل الباطل، وإذا كانت هذه هي الطريقة التي ستمضي بها المناقشة، فإن ما حدث في نادي وودمونت للجولف سيحدث في كل مكان. وهناك شخص واحد يمكنه منع هذه الكارثة – وهذا الشخص هو أنت. إن نتنياهو وشركاه استخدموا الحزب «الجمهوري» لتفادي أوباما، ولكن إذا أوضحت أنت، مع حزبك، أنه لا ينبغي أن تكون هناك مستوطنات على الإطلاق وراء المناطق المحددة بالفعل لحل الدولتين، يمكنك أن تحدث فارقاً كبيراً. *كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©