الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حبوس.. عن الجسد سجناً أو متاهة

حبوس.. عن الجسد سجناً أو متاهة
17 فبراير 2019 02:53

عصام أبو القاسم (الشارقة)

تميز العرض المسرحي «حبوس» الذي قدمته فرقة الوطن من السعودية في الليلة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، على مسرح قصر الثقافة، مساء أمس الأول، بمظهر فلسفي طاغ، تراجع معه البعد المرئي للعرض لتتسيَّد المحاورة الفلسفية بين الممثلين الاثنين فوق الخشبة حول مفاهيم فكرية تتصل بمتضادات مثل «الحبس والانطلاق»، و«السجن والحرية»، و«الحجز والتسريح».. إلخ.
على هذه المتقابلات انبنى نص العرض الذي كتبه صالح زمانان، طارحاً جملة من المحاورات الذهنية التي تتوالى فيها الأسئلة والملاحظات والافتراضات، على نحو يبدو أنه فرض على المخرج الشاب نوح الجمعان تحديات جمة، لا سيما في محاولته تجسيد مقولات النص أو معادلتها بالحلول الأدائية والبصرية التي تجليها في صور وحالات تعبيرية فوق الخشبة، يكون في وسع المتفرج في الصالة التواصل والتفاعل معها.

حبوس الداخل
ينطلق العمل من سؤال حول إمكانية أن نفترض أن الجسد الإنساني، بوصفه صورة للروح، يمكن أن يتحول إلى سجن، وأن دواخل هذا الجسد باتت «جوانيّات ومتاهات داخلية لشخص ما.. فتلك غرفة الذاكرة، وتلك غرفة الهموم، وذلك ممر الأحقاد.. وتلكم ساحة الأحلام»؟
واستناداً إلى مقترح الكاتب، يبدأ المخرج تجسيد العمل فوق الخشبة بمشهد صامت، حيث تظهر ثلاثة أجساد متداخلة وهي صورة مجسمة لفكرة المسرحية؛ فالأجسام الثلاثة مسجونة في بعضها بعضاً، ولكن الجسد الثالث ينفصل عن الجسدين الآخريْن، بعد معركة قصيرة، ينهزم فيها الجسد الثالث ونبقى مع الجسديْن المتبقيين في محاورتهما الفلسفية.
على مدى نحو 40 دقيقة، يمضي الحوار بينهما وقد تحولا إلى «سجين» و«سجان»، ولكن الحوار بينهما يُظهر السجين كصاحب حق وهو يواجه السجان كعبء عليه التخلص منه.
أما السجان فيتمحور حديثه في توضيح فكرة أن السجين لا يمثل ذاته إنما الشخص المسجون بداخله، ويقول له: «كل شيء تظنه وتعتقده لست أنت مصدره إنما أجبرت عليه. وأغلب ما تؤمن أنك تراه ليس كما يبدو لك!» ويحاول هذا السجين أن يتثبت مما يقوله سجانه فيسأله أن يبين ويوضح أكثر!
وهكذا.. تتابع مجريات العرض، ومع كل انتقالة في زمن العرض يحاول المخرج أن يغير من صورة المشهد، فيرتحل بممثليه من «مقهى» إلى «بيت» إلى «مكان عشوائي»، وتتمظهر هذه الأمكنة وفق دلالاتها المعمارية العامة، أو كمنصات عامة للنقاش والجدل لا كفضاءات للمسرحة والإفضاء بنوع من الخصوصية التعبيرية والعاطفية.

افتراقات شكلية
يظهر السجين أكثر بدانة على عكس السجان، ولكنهما يرتديان اللباس ذاته تقريباً، وفي مشهد المقهى يظهر النادل، ولكن لا لشيء، سوى ليظهر بتدخله في حديثهما الفرق في منظورهما إلى الأمور من حولهما، ففيما يتحمس السجين للنادل يبدو السجان متبرماً منه، مثلما تبرم لاحقاً من بائعة المناديل التي أعجب بها السجين.
بشكل عام، يذكر العرض بالمحاورات التي عرفها المسرح العربي في وقت سابق، حول إمكانية إخراج هذه النصوص المسرحية التي يغلب عليها هذا الحس الذهني فوق الخشبة، ومن هنا تكلم توفيق الحكيم عن أن هذا اللون من النصوص يُكتب ليقرأ لا ليعرض.
ومع أن كاتب المسرحية قدم جملة من «الإرشادات» في هوامش نصه إلا أن ذلك لم يكن كافياً وحده، على ما بدا من العرض.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©