الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

دخول الجن جسد الإنسان.. أكذوبة يروِّجها الدجالون

دخول الجن جسد الإنسان.. أكذوبة يروِّجها الدجالون
30 أكتوبر 2015 03:04
حسام محمد (القاهرة) كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن تلبس الجن بالإنس وكثرت ادعاءات البعض بقدرتهم على علاج ظاهرة دخول الجن جسد الإنسان، فكثر الدجالون الذين يزعمون قدرتهم على إخراج هذا الجن، ورغم تعرض الكثير من الناس للموت على أيدي الدجالين خلال جلسات العلاج المزعومة فإن الواقع يؤكد انتشار هذا النوع من المدعين الذين وصلت إعلاناتهم للفضائيات وانتشرت مراكز العلاج، وهو ما يعيد التساؤل من جديد حول إمكانية دخول الجن لجسد الإنسان؟. علاقة العداوة يقول الدكتور خالد الجندي الداعية الإسلامي إن علاقة الشيطان بالإنسان علاقة العداوة والبغض، وقد أوضح القرآن الكريم أن تلك العداوة من جانب الشيطان لا تتعدى الوساوس ومحاولة خداع الإنسان كي يقع في الأخطاء التي تسلبه إيمانه بالله (عز وجل)، وقد شرح القرآن الكريم عداوة إبليس وذريته لآدم ونبيه والله تعالى يقول: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً)، «سورة الإسراء: الآية 64»، فالجن أو الشيطان لا يملكون الدخول في جسد الإنسان كما يدعي الدجالون والنصابون، ولو كان الشيطان يملك «ركوب» الإنس، كما يزعم هؤلاء لمنع كل المسلمين من الذهاب للمسجد ولمنعهم من أداء فروض الله عز وجل، ولكن الحقيقة أنه لا يملك أكثر من الاحتيال والخداع ويستغل تلك الأمور لتضليل الناس عن السبيل الحق. ويضيف: «هناك من يرددون دوماً الآية القرآنية التي قال الله عز وجل فيها: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ...)، «سورة البقرة: الآية 275»، والزعم بأن تفسيرها يؤكد أن الجن يدخل أجساد البشر ويستغل تلك الأجساد لممارسة ما يريده من أفعال غريبة ونحن نرد عليهم بأن المفسرين أكدوا أن تفسير تلك الآية يشير إلى تعرض آكلي الربا لهذا الموقف يوم القيامة وليس في الحياة الدنيا وحتى في الحديث الشريف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم»، المقصود به أن النبي يحذر المسلمين من الاستجابة لوساوس الشيطان، والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أم المؤمنين صفية قالت كان رسول الله معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت إلى بيتي، فقام يمشي معي مودعاً فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي أسرعا، فقال لهما: على رسلكما - أي تمهلاً - إنها صفية زوجتي، قالا: سبحان الله يا رسول الله قال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً أو قال شراً»، أي أن الحديث للدلالة على قدرة الشيطان على الوسوسة للإنسان وليس على قدرته على الدخول في جسده». مكاسب ماديةويتابع الجندي: «الحديث عن وجود حالات يدخل فيها الجن جسد الإنسان، إنما هي أمور غير صحيحة على الإطلاق يستغلها الدجالون والنصابون لتحقيق مكاسب مادية على حساب البسطاء والمخدوعين بتلك الخزعبلات، ولا بد أن نتذكر أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال في الصحيح: «لكل داء دواء»، وهذا يعني اللجوء إلى أهل الاختصاص من الأطباء وفق المنهج العلمي الذي يقدره الإسلام ويضع العلماء في مرتبة الأنبياء، أما ما نراه في عصرنا هذا من زعم الناس لدخول الجن في جسد الإنسان وتلاوة بعض آيات القرآن والاعتداء على المريض لإخراج الجن من جسده، إنما هو دجل ونصب واحتيال على السذج من البشر، فالقرآن الكريم هو علاج للأخلاق وبناء الإنسان وتوجهاته في الحياة، وما يحدث الآن وسيلة لابتزاز الأموال بطرق غير مشروعة، وكونهم يرفعون كلمة القرآن والعلاج بها فهو قول صدق، ولكن تطبيقه خاطئ لأن العلاج بالقرآن علاج للأنفس وليس للجروح والأمراض كالصرع واستخراج الجن وغيرها، ومثل هذه الظاهرة تحدث عندما يتوارى العلم والعقل والثقافة ودخول الناس في دائرة اليأس والإحباط، وهي مسألة متداخلة بين المعالج والمريض الذي ينساق وراء ظواهر الجهل من قدرة هؤلاء المعالجين على جلب الشفاء». خداع الناس الدكتور صبري عبدالرؤوف أستاذ الفقه بجامعة الأزهر يقول: «إن دخول الجن جسد الإنسان أمر مستحيل، وهي أوهام يعمل على ترسيخها في أذهان الناس المشعوذون بهدف السيطرة على عقول الناس وابتزازهم مادياً، وهكذا تجد في كل عصر وفي كل زمان ومكان من يستطيعون خداع الناس والإدخال في نفوسهم أن الجن «يلبس» جسم الإنسان، حيث يلبسون الجن كل المشكلات التي يعاني منها الإنسان فمن طلقها زوجها أو هجرها ومن خسر عمله وهلم جرا يخدعهم الدجال بزعم أن الجن هو السبب، وهكذا أصبح الجن هو السبب في الحب والبغض والزواج والطلاق وجلب الخير ودفع الشر ليربح الدجالون من وراء كل هذا أموالاً طائلة، ولكن المؤكد شرعاً أن الجن أو الشيطان لا سلطان له على الإنسان إلا الغواية والإنسان الذي يؤدي شعائر دينه ويؤدي واجباته الدينية، كما ينبغي ويؤمن بالله ورسوله ويدرك أن إرادة الإنسان محررة من كل هذه الخرافات التي يروج لها البعض لا يسيطر عليه أي شيء ومن فضل الله تعالى ورحمته بعباده المؤمنين أنه بشرهم أنهم متى أخلصوا له العبادة والطاعة وأدوا ما كلفهم به بإحسان وخشوع، فإن الشيطان لا يستطيع أن يؤثر فيهم أو أن يمسهم بسوء وقد اعترف إبليس بذلك في آيات منها قوله تعالي: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ)». ويضيف: للأسف يستند بعض الناس في ادعاءاتهم بالمس إلى الآية الكريمة في سورة البقرة: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)، «الآية 102»، ولا يتوقفون أمام الآية اللاحقة لها (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ)، ومعلوم أن أول الآية (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ)، فهي تتحدث عن زمان مضى في عهد نبي سبق، أما في عهد محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فالآية من سورة «فصلت» فيها العلاج كله وهي قوله تعالي: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)، فاليقين أننا إذا قلنا نعوذ بالله من الشيطان فإن شر الشيطان يذهب كله، ومن هذا المنطلق لا بد أن يعي المسلم الواثق في أمر الله عز وجل وقضائه وقدره أن الشياطين تنتشر في كل مكان وتحاول الإيقاع بكل إنسان والاستعاذة منها واجبة ونافعة وقد أمر الله بها نبيه (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ)، «سورة المؤمنون: الآيتان 97 - 98». وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه»، أي أن تحذير النبي كان من وساوسه، وقد اعتبر الإمام الشافعي من يزعم أنه رأى الجن فاسق لا يجوز الاستماع أو القبول لشهادته في أي أمر لأنه يناقض قول الله تعالى: (... إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ...)، «سورة الأعراف: الآية 27». السر والعلنويضيف: لو بحثنا بين الناس فلن تجد مسلماً يراعي تعاليم الدين في السر والعلن يصاب بمثل ما يزعم هؤلاء الدجالون بالمس من الجان والقول بأن قراءة القرآن على الممسوس تجعله يتغير لونه ويتحول صوته مردود عليه بأن الثابت أن القرآن الكريم يطرد الشياطين لما له من وقع أليم في قلوبهم، وفي هذا يتساوى شياطين الإنس والجن على حد سواء، ولذلك نجد من العصاة من بني آدم من يتضايق، بل ويتلوّن ويرتعش من شدة الضيق الذي يجده في صدرة عند سماع آيات القران، وذلك لأن الشيطان قد استحوذ عليه والعياذ بالله، ولكن للأسف يتخيل البعض أن هذا الإنسان ممسوس ويتوجهون به لدجال يقرأ عليه ثم يقوم بجرحه بزعم إخراج الجن من جسده، ولكن الحقيقة أن هذا الدجال هو من شياطين الإنس وهو يستغل شياطين الجن للحصول على أموال ضحاياه وقد بين الله جل في علاه أيضاً أن جنود الشيطان قد تكون من الجن والإنس على السواء فقال تعالي: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَي بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً). لا سلطان للجان على بني آدم.. إلا الإغواء بالوساوس أسامة القوصي السيطرة على عقول الناس وابتزازهم مادياً هي الهدف صبري عبدالرؤوف أمور غير صحيحة يستخدمها النصابون لتحقيق أغراضهم خالد الجندي كادر التفسير العلمي يقول الدكتور أسامة القوصي المفكر والداعية الإسلامي المعروف: قد لا يعرف الكثيرون أنني درست في بداية حياتي الطب النفسي وتخصصت فيه وعندما بدأت في القراءة في الفقه وغيره من العلوم الشرعية استوقفني كثيرا موضوع دخول الجن جسد الإنسان وكثيراً ما كانوا يأتون بشخص تحدث له تغيرات في جسده وصوته ويزعمون أن بداخله جناً ، ولكن ومن خلال دراستي الطب النفسي وقراءتي كتب الشريعة أجزم أن دخول الجن في جسد الإنسان مستحيل وأستطيع أن أوضح حقيقة الكثير من الظواهر التي تصاحب جسد الإنسان المريض نفسياً عندما يتخيل المحيطون به أنه «ملبوس» من قبل الجن والحقيقة أن الأطباء اكتشفوا أن هناك نوعين من الهلاوس الأول هو السمعية وهي الهلاوس التي تجعل المريض يسمع ما لا يسمعه المحيطون به أما الهلاوس اللمسية فتجعل المريض يشعر أن شخصاً ما يلامسه وأنه وحده من يشعر بذلك، وهي الهلاوس التي تزول بالعلاج الطبي سواء بالعقاقير أو العلاج النفسي، وقال: أقصى ما يستطيع أن يفعله الشيطان للإنسان هو الوسوسة وغير ذلك إنما هو مجرد خرافات متوارثة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©