الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطوة بدل

29 أكتوبر 2011 22:07
تحدثنا في العددين الماضيين عن التغيير الذاتي، وقلنا إنه يبدأ من داخل الإنسان نفسه، ثم عرجنا إلى موضوع تغيير البيئة وأهمية ذلك وأثره في الذهن والنفس والجسد، وقد حاولنا اختصاره قدر الإمكان بما يحقق الفائدة. واليوم نأخذ جانباً آخر للتغيير بصورة تدعونا للتفكير والتأمل وإعادة موازين أمور حياتنا تحت مسمى «خطوة بدل». في السلك العسكري، ينتظم الأفراد في مشيتهم وحركة أيديهم، فتراهم صفاً واحداً بحركات موحدة، ولكن بعد فترة من السير بهذه الطريقة قد يحدث عدم انسجام في حركات الأفراد، فنجد من يمد يده للأمام، وفي الوقت نفسه، هناك من ينزل يده للأسفل، وقد يحدث كذلك خلط بين حركة الأيدي مع الأرجل مما يسبب عدم انتظام حركة الأفراد، وهنا يقوم قائد الكتيبة أو الفرقة بتعديل وتغيير الحالة وإعادة حركات الأفراد للوضع الصحيح فيقول لهم بصوت عالٍ «خطوة بدل» فتسمع دوي ضربات الأقدام على أرض الميدان وقد أخذت تنفيذ أمر «خطوة بدل» وقد يستلزم الأمر تكرارها عدة مرات لضمان انسجام حركات الأفراد جميعها مع بعضهم البعض. إننا بحاجة لوقفة لتغيير كثير من مسارات حياتنا، بحاجة لعمل «خطوة بدل» لترتيب مجريات عديدة، فقد انسقنا وراء أشياء كثيرة وجرى بعضنا معها جري السيل في الأودية، فتعثرت خطانا، ومنا حاد عن الطريق بدرجة معينة. نحن بحاجة للوقفة مع النفس والعودة للأمور الحقيقية التي كانت تسعدنا وتحقق لنا الإحساس بأننا أحياء محبوبين، بوجودنا يسعد ناس، وبكلامنا تفرح أنفس، وبعطائنا تحيا قلوب وتشرق وجوه وتزال سحب الكآبة والحزن عنها. علينا بأخذ «خطوة بدل» تجاه آبائنا وأمهاتنا لكي نقضي معهم أجمل الأوقات نسلي بها قلوبهم التي أصابها شيء من الهم والحزن والكدر ببعد فلذات الأكباد عنها. علينا أن نجلس معهم لنحيي عقولهم وأجسادهم ونعيد النبض لقلوبهم فتجري الدماء في الأوردة كما يجري الماء في سيقان النبات. إننا بحاجة لـ «خطوة بدل» تجاه إخوتنا وأخواتنا لتجديد الحب والود وإزالة أي شحناء أو بغضاء، نحتاج لنعيد أحاسيس الزمن الماضي الجميل، نحتاج لنتفرس في وجوههم ونتأمل في عيونهم ونشعر بنبضات قلوبهم التي يجري صداها في أوردتنا سنين طوال، فهم نبض الحياة بعد الآباء والأمهات. علينا أن نقف ونعطي للجذور وقتها الكافي لترتاح وتستعيد نشاطها لامتصاص عبق الماضي الجميل ممن حملت أجسادنا لهم ذكرى وعقولنا لهم فكرا وأحاسيسنا لهم مشاعر امتزجت بدماء أجسادنا فتشكلت الهوية وتحقق الانتماء واستقرت الأنفس وارتاحت الأبدان. عزيزي القارئ.. إنها وقفة مع الذات لا أكثر ولا أقل، وقفة تغير فيها اتجاه تفكيرك ومشاعرك وسلوكك من الجري وراء الدنيا الفانية إلى التوجه ناحية من تربطك بهم صلة دم وقرابة، من تشكلت شخصيتك بينهم، من يمثلون لك ماضيك وحاضرك ومستقبلك. قم بعمل «خطوة بدل» اليوم وأخبرني ماذا وجدت. وللحديث صلة. dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©