أي فرح وبهجة وغبطة تشملك وأنت تشارك بحضورك الشعري في مهرجان بهذا الاحتفاء والاتساع وعدد المدعوين الذي احتوى 300 شاعر وأديب وناقد ومثقف في كل مجالات الحياة وجمالياتها، ومن كل العالم العربي والغربي، إنه مهرجان المربد في دورته الثانية والثلاثين في مدينة البصرة، إحدى مدن العراق العريق في الحضارة والمجد، العراق الذي انحفر عميقاً في ذاكرة صباي وشاعريتي التي بزغت بين حضن بغداد وجمالها، حين كنت أدرس في جامعتها. ذكريات بزغت كنور أعتمته غيوم الترحل وطوتها دون محو تراكمات الزمن. إن حضوري للمشاركة في مهرجان المربد الشعري ضمن وفد الإمارات التي كانت ضيف الشرف في هذه الدورة، انتشلني من كآبة طوقتني مدى زمن لم أدرك خفاءه ووضوحه، وأعاد لي فرحي بتجربتي الشعرية، وأيقظ شاعرية روحي التي أوهنتها الخيبات. في المهرجان التقيت بأصدقاء طوت سنين العمر أسماءهم، لكن ملامحهم استيقظت من غبار الذاكرة، فشب الفرح ونهضت الذاكرة من غبار السنين لتعيد تفاصيل المناسبات التي التقيت بهم فيها، وتعيد المحبة إلى وهجها. وفي هذا المهرجان أيضاً نهضت صداقات جديدة وأصدقاء جدد. وشعراء وشاعرية اتسمت بروح الإبداع وفن القصيدة في تدفقها الموزون والحر والنثر من دون قيد أو شرط أو مقياس أو انتقاء. هكذا كان حضور الشعر والشاعرية وتجلي الشعراء بمنابعهم وأوطانهم شرقاً وغرباً في مهرجان المربد الذي فرش بساط الاحتفاء والصداقة والمحبة كحرير نابض من رغبة التوق الخفي لمستقبل يسوده السلام، في واقع صار الدمار والحروب لغته ونقش حنائه على خطى السنين والأيام، ثم إن أروع وأجمل وأرقى ما سنه المهرجان في دعوته للشعراء والمثقفين والنقاد والأدباء والباحثين والمترجمين من الدول العربية والآسيوية والغربية، لم تخضع لمهاترات السياسة والعدوانية وتجار الحروب. فالشاعرية ليست عملة تخضع للتداول والشروط والأفكار العدمية، والشاعر في قصيدته يكون منبراً للحرية وتعبيراً عن توقه الدائم المعلن والخفي لأن يسود السلام والخير والمحبة والتناصر والتعاضد سكان هذه الأرض دون تفرقة جنسية وعنصرية وطائفية وأيدلوجية. هذا ما شعرت به وأدركته في هذا الاحتفاء الباهر لمهرجان المربد في دورته الثانية والثلاثين في البصرة، فتحية تقدير وإكبار وإعجاب ومحبة مني للقائمين على إنجازه!