أحبها.. أحب أهلها وتاريخها، أعشق اسمها ونهريها، هي أرض تفخر السماء بأن تطل عليها كل يوم، وهي بلد تضيء شمسها من نور عظمائها، هي ليست حضارة وحدائق ونجمة عشتار، هي أرض تمحور عليها هذا الكوكب يوماً من الأيام. فهل بات من المنطقي ألا تنظم كل هذه العظمة كأس الخليج، وهل حين تصل البطولة إلى محطة هذا البلد يقوم الاتحاد الخليجي، بطلب ترحيلها إلى دولة أخرى، وصول كأس الخليج إلى «بلاد الرافدين» هو تشريف للبطولة وليس العكس، العراق عظيمة بتاريخها وإرثها.. وبما قدمته للوطن العربي.. مهيبة بمدنها وشعبها، شامخة بحضارتها وما قدمته من علوم وفنون لهذا العالم الفسيح. العراق هذا البلد الذي عانى طوال العقود الماضية من كل شيء يخطر على بالك، العراق الذي يتوق أهله لاستقبال العالم، ويفتح أبوابه لأشقائه وأصدقائه في كل القارات والدول، يستحق منا أن نرسم البسمة على شفاه أهله. العراق الذي بات يعيش حالة من الاستقرار السياسي والأمني، وحالة من الانتعاش الاقتصادي، يستحق أن نقف معه ونكون له الظهر والسند، كي يعود إلى الحياة الطبيعية من جديد. استضافة العراق كأس الخليج، ليست «منة» أو صدقة، بل هي حق من حقوقه علينا جميعاً أن نسعى جدياً له، كي يؤدي دوره العادي تجاه شباب المنطقة. العراق الذي يحمل في تاريخه جامعات ومدارس نظامية منذ الأزل، ويحمل في أرشيفه ملاعب وقيادات رياضية، ويحمل في جذوره أساس انطلاق الرياضة وكرة القدم للمنطقة، ألا يستحق أن نحقق لأهله الطيبين هذه الأمنية باستضافة مونديال الخليج. الأعذار القديمة ولت.. والمسببات التي كنا نتحدث عنها في السابق لا أعتقد أنها موجودة اليوم، وحالة التوتر التي عانى منها هذا البلد أصبحت من الماضي، وأن تكون البصرة هي المدينة المستضيفة لهذا العرس الخليجي هو أهم قراره يجب أن يتم اتخاذه في الساعات المقبلة. هي عراق عشتار.. عراق بابل وتمثال أسدها.. عراق أرض الفراتين وأنشودة المطر التي خطها بدر شاكر السياب.. عراق طائر العقاب، عراق جامعة آل البيت، هي عراق مهدي الجواهري، وهي عراق المعتصم وهارون الرشيد. إذا كنا نحب العراق علينا أن نقدم لها كأس الخليج، وإذا كنا نعشق تاريخها، علينا أن نعطيها الحق في ذلك، وإذا كنا نريد أن نعيدها إلى حياة الدول الطبيعية، علينا أن نبدأ من كأس الخليج، فهل سنبخل عليها. كلمة أخيرة عيناك غابتا نخيل ساعة السحر.. أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر.