لا أعتقد أن هناك شعباً في العالم يشارك الإماراتيين في مسألة تصليح الأشياء المعطلة كافة، والأدوات المتوقفة، والعاطلة فنياً، أو بها عيوب التصنيع، بعبارة، مثل تلك العبارة الهندسية التي يعالجون بها الأعطال، «يا أخي.. بَنّده وشغلّه» أو بعبارة مستخدمي الأجهزة الذكية، «ريستارت»، فكل الأمور يمكن إصلاحها، وإعادة تدويرها بفضل تلك العبارة القاطعة، الباترة، مكيف عجز من حرارة صيفنا المبكر جداً، ويحتاج ربما لتبديل، يظهر لك واحد، ويهندس على أهلك، بعبارة «بَنّده، وبعدين شغلّه»، سيارة تكح في الشوارع، وتتعتع، ويمكن أن عمرها الافتراضي جاوز مرحلة الخطر، لا تريد ميكانيكياً، ولا «جراجاً» يستر عليها، كل ما تحتاج إليه تلك العبارة الساحرة: «شو فيك؟ يا أخي بنّدها، وشغلّها، وبتشوف كيف»، حتى الإنسان عندنا قابل لـ «ريستارت»، تكون تتوجع من رأسك الذي رابطه من دون وجع، وألف واحد ينعت لك دواء، يظهر واحد من هؤلاء الألف، ويقول لك: «أسمع نصيحتي.. أرقد الحين، وبعد ما تنشّ، بيروح الوجع»، تروح تراجع وزارة أو دائرة من التي تشتغل بالـ «سيستم»، وتلقى الـ «سيستم» عطلان، والموظف لا تعرف هل هو فرحان لأن الـ «سيستم داون»؟ أم قلق على مصالح الناس كما يبدو لبعض المراجعين، وبعد انتظار لفنيي الأجهزة الحاسبة، والكاتبة، واختلافهم على سبب العلة، وكيفية التصليح، دونما أي فائدة ترجى، تسمع واحداً من زاوية بعيدة، لا يخصه في الكمبيوتر، ولا له معاملة في الدائرة، ما تعرف على من هو محسوب، وشكله عنده مشاكل لا تعد ولا تحصى مع البشكارات، وإلغاء إقامات، وتسفير شغالات، تسمعه وهو يصيح: «بَندّوا السيستم خمس دقائق، وشغلّوه»، ثلاجة أكبر من خزانة الملابس، وظلت تقاوم السنين، وشهدت بلوغ صلوح، وطرّ شاربه، ورسوب رشود في الإعدادية مرتين، وزواج فطوم، وبصراحة ما «ورى عليها»، صارت مثل عمتهم في البيت، وقالت بس! لكن أهل البيت ما يسدّهم، يقوم الأب المتعاجز، ويصرخ في رشود الماكث في الإعدادية سنين طويلة: «قم يا الهيز بَنّد، وشغلّ الثلاجة»، واحد من المبتلين بثلاثة هواتف، وأرقام بطاقة، تشتبك عنده الأمور، ويتم واحد من هواتفه يلامع، ويبارق، وتتراءى له أرقام مكسرة، وحروف متقاطعة، ويهم أن ينوي به بطول يده، لكن واحداً واقف جنبه، صوته مثل حمام الراعبي، يصرخ به: «تعوذ من ابليس.. بَنّده، وشغلّه»، صديقتان تتحادثان بالتلفون، وبعد أخبار المسلسلات المدبلجة، وشو طبختي، وشو نفختي، طبعاً كله على البشكارات، وهي ما تحركت من مكان ريوقها، تسألها عن مسألة فنية خاصة، فتجيب الأخرى: «وايه يا الغالية بَندّيه، وشغلّيه».. ونكمل غداً.