هل أدعوكم لتشاركوني بعض ما أعاني، فعلتها قبلاً فلِمَ لا أفعلها الآن، في عملنا الأمر ليس صدفة ولا يقبل الخطأ ولو حدث وأخطأنا فالتكرار مستحيل، ولو تكرر الخطأ قد يكلفك ذلك قلمك وأوراقك ومكتبك الذي اعتدت عليه. في عملنا الوقت له ثمن وهو أيضاً عبء كبير، كالحالة التي أعاني منها الآن، عليّ أن أكتب زاوية، لكن الجزيرة سيلعب مع ريال مدريد في وقت صعب للغاية، نعم بإمكاني أن أنتظر وأن أتعرف على النتيجة، ولكن لن أمتلك قطعاً رفاهية التدقيق والانتقاء، عليّ ساعتها أن أكتب «والسلام» وأن أسابق التصحيح والإخراج والتصوير والمطبعة، عليّ ربما أن أكتب شيئاً يشبه ما رأيتموه من دون بصمة، لأن الأخيرة تحتاج إلى قليل من التفكير، وقد يصبح التفكير عبئاً على الجميع، فالجريدة لها موعد لا يحتمل التأجيل وكل شيء يمضي بحسابات دقيقة. إذن يظل السؤال المعتاد، لماذا نكتب؟ هل لأننا نريد، أم أنه واجب تفرضه المهنة، أم لتقرؤوا، وماذا إذا لم تقرؤوا. نحاول ونحن نكتب أن نستحضركم، ولو علمتم فاستحضاركم مهمتنا اليومية، في المقال وفي التحقيق وفي الحوار. أنتم أصل هذه المهنة ورأس مالها، أنتم كل ما فيها، تماماً كما هو حال جمهور الكرة، لا شيء دونهم يصبح له معنى. في انتظار النتيجة، لا سيما نتيجة كتلك، الجزيرة مع ريال مدريد، تصبح كل الأفكار الأخرى غير صالحة للاستهلاك العقلاني، ما الحدث الذي بإمكانه أن يطفو ليصبح في الواجهة؟ ما الخبر الذي يحتل الصدارة غير نتيجة المباراة، لكن النتيجة ستراها، حتى لو حدث ذلك، أنت بحاجة لمن تتمثل به، بحاجة إلى رأي يوافق رأيك ليصبح قرينة لديك في جلسات السمر مع الأصدقاء، أو حتى رأي مخالف لتتأهب للرد عليه، في انتظار نتيجة كتلك، ليس بإمكانك سوى أن تبدو كما أبدو الآن، أتغزل في «التوهان» وأنشئ من «اللافكرة» فكرة أتحايل بها عليك، وكلما مضت كلمة أدركت أنني ماض إلى ختام زاوية ربما هي الأثقل بين كل الزوايا. عموماً، يبدو هذا الخيار في الحياة مطروحاً على الدوام، كلنا في انتظار أي نتيجة نبدو معطلين، ربما حتى ليس في إمكاننا اتخاذ القرار، في انتظار نتيجة الامتحان أو القيادة أو شهادة الأبناء، أياً كان الانتظار ليس بإمكانك سوى أن تفعل نفس الشيء، أن تملأ فراغ التفكير بأشياء ثانوية، في انتظار أن يأتيك النبأ اليقين. أحلى ما في كأس العالم للأندية، أنه علمنا ألا حدود للحلم وأن بدايات الحلم ليست قطعاً كمنتهاه، حين يتحقق يصبح مقدمة لحلم جديد أكبر، تماماً كما حدث مع الجزيرة الذي حلمنا بعبوره أوكلاند ثم تجرأنا وطالبناه برأس أوراوا، وأمام الريال أصبحنا كلنا في تلك الحالة، نود أن نغمض أعيننا ولا نفتحها إلا حين نعرف النتيجة، وأياً كانت فالفخر باق. كلمة أخيرة: وحده الانتظار كحال الجالس في فضاء، يمنحك فرصة النظر لكل الزوايا