نهضت من أعماق البحر ومن تحت الرمل، من صلابة الصخر وشراسة الجبال؛ أتت من تاريخ قديم، التاريخ المتوج بحكايات الأبطال، بحكايات المغامرين والمقاتلين الأشاوس؛ نهضت من ضجر السفن وثورة الريح وهيجان البحار؛ من تاريخ مملوء بقصص تردد صداها في سكون الزمن وإيقاع الطبول وأنين الناي؛ من إشراقة الشمس على سفح الجبل وسطح المحيط ووجه الصحراء؛ من غناء النهّام وصدى صوته المتوالي في صدر الزمان؛ من حادي الركب على كثبان الرمل الممتدة حد أقصى السراب، من بوحه بسر بسالة الرجال، وفتنة العشق في القلوب. نهضت هذه المعشوقة الساكنة القلوب والمحروسة بدم أهلها ومحاطة بأرواحهم، هذه الفاتنة التي يهون لها كل شيء، نهضت هذه الدرة دولة الإمارات العربية المتحدة منذ ستة وأربعين عاماً لتعيد مجد الأجداد من جديد وتكتب كلاماً لم يكتب من قبل، لتعدو تسابق الأيام وتنجز عشرات السنين في عام، تسبح في الزمان وتنجز المائة سنة في ستة وأربعين عاماً. هكذا هي وهكذا أراد لها مؤسسها الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه؛ زايد القائد المؤسس بروح المحبة ونقاء القلب وصدق الحلم والأمل، عزيمة الرجال، رجاحة العقل والحكمة المتوجة بالأفعال وحروف الكلام؛ قاد زايد المسيرة ومضى في درب الحالمين يغرس بذورها في القلوب فتنمو في البلاد المحبة ويشع السلام والتسامح، هكذا وضع أساسات الدولة التي سارت في درب التمدن والتحديث بسلاسة أذهلت العالم؛ شباب وشابات ينسجون الأحلام بمحبة الوطن وتوظيف كل الطاقات لرفعته، فتتبدى أحلامهم واقعاً أصبح مضرب عز وافتخار؛ مسيرة كرست قيمة الإنسان أولاً ووفّرت لها كل السبل كي ينعم الإنسان بآدميته. مسيرة من المحبة والنور، قادها الشيخ زايد بمعونة شعب الإمارات الأبي، وها هي المسيرة تستمر وتحتفل بعامها السادس والأربعين متحدية كل الصعاب، واضعة خطوة جديدة نحو وطن أكثر عزة وفخراً؛ وطن تحدوه ثيمات الحب والتسامح والسلام التي تأسس وقام عليها؛ وطن يصر على التحديث والتطوير، يصر على الذهاب عميقا في وضع بصمة على صفحة الحاضر، وعلى الوجود في المستقبل ببريق آسر.