في كل موسم يتجدد الحديث، وتتم إعادة فتح الملف عن سقف رواتب اللاعبين المواطنين، وعن الهدر المالي المبالغ فيه، ورواتب اللاعبين المواطنين التي بلغت أرقاماً فلكية، وكأن اللاعبين هم الذين قاموا برفع أرقام مرتباتهم، وليس بعض الأندية ومسؤوليها الذين كانوا يزايدون على هذه الأرقام بطريقة جنونية، في سبيل الفوز بالألقاب المحلية، واليوم بعد خراب مالطا وبعد طول سبات استيقظت هذه الأندية لتكتشف حجم المشكلة، وباتت تطالب اتحاد الكرة بإيجاد حلول جذرية لها. اتحاد الكرة بدوره لم يصدق خبر، وظن المسؤولون فيه لوهلة أنهم سيلعبون دور المنقذ من خلال جدول رواتب لا يمكن الأخذ به لا منطقياً ولا واقعياً، فهو يضع حداً أعلى للموهبة، ويساوي بين لاعبي كل فئة، وكلنا نعلم أنه في كرة القدم لا يمكن قياس الموهبة حسابياً، كما لا يمكن المساواة بين اللاعبين، فهم يختلفون كما تختلف قدراتهم وتأثيرهم على نتائج فرقهم، وأن نضع حداً أعلى يقدر بمليونين ونصف المليون للكل لا يمكن أن يكون منصفاً. ليس هذا وحسب، ولكن أيضاً الأرقام التي تم تخصيصها للدرجات الأدنى من اللاعبين تعتبر مبالغاً فيها، وهناك لاعبون لا يستحقون الكثير من الأرقام الموجودة في الجدول، وأكاد أجزم أن اللاعبين الذين يجب استثنائهم من السقف لا يتجاوزون لاعبين أو ثلاثة، بينما ينبغي أن تتراوح مرتبات بقية اللاعبين بين 600 ألف درهم إلى مليون درهم في الموسم. وحسب المستويات التي نراها، لا ينبغي أن يكون معدل إنفاق فريق كرة القدم في الإمارات أكثر من 15 إلى 20 مليون درهم في الموسم الواحد؛ ولذلك يجب أن يكون السقف مخصصاً لمعدل الإنفاق وليس لحجم الموهبة، وعلى سبيل المثال لو كنت رئيساً لأحد أنديتنا لا يمكن أن أدفع للاعبين مثل عمر عبدالرحمن في العين أو علي مبخوت في الجزيرة أقل من 5 ملايين درهم في الموسم، أما بقية اللاعبين فلن أدفع لأفضلهم أكثر من مليون درهم في الموسم. دعوا السقف مفتوحاً ومتحركاً ومرناً، لا توصدوا الأبواب على الموهبة، دعوها تطل برأسها وتستنشق الهواء، وامنحوا اللاعبين فرصة تطوير إمكاناتهم حتى ترتفع قيمة عقودهم، لا تبالغوا في الصرف، وأيضاً لا تغلقوا السقف، فلا إفراط ولا تفريط، فالموهبة طائر يحلق في الفضاء، يغرد في الأجواء، إذا حبسناه في غرفة مغلقة يتوقف عن الغناء، ويتهاوى ويذبل ويموت.