تمثل موافقة المجلس الوطني الاتحادي خلال جلسته أمس الأول على مشروع قانون تنظيم ورعاية المساجد خطوة متقدمة للإمارات تضاف إلى جملة مبادراتها وإجراءاتها لصون دور العبادة، وإبراز رسالتها السامية والحضارية، ونشر قيم دين الحق التي جاء بها الإسلام وجوهر رسالته القائمة على الوسطية والاعتدال. القانون يمضي في مساراته التشريعية تمهيداً لصدوره، ستسري أحكامه على المساجد والمصليات العامة ومصليات الأعياد في الدولة، وسيساهم «في جعل مساجد الدولة واجهات حضارية تبنى وفق ضوابط وشروط محددة، لتكون منارات للعلم والقرآن، وألا يدرّس فيها غير المؤهلين المأذون لهم، ولا يروج فيها لفكر منحرف ولا يسمح لأحد باستغلالها للتحزب والتفرق». كما «يحظر مشروع القانون على الموظفين العاملين في المساجد الانتماء إلى أي جماعة غير مشروعة، أو ممارسة أي نشاط سياسي أو تنظيمي ممنوع، والقيام بمهام الوعظ أو الإفتاء أو إلقاء الدروس أو تحفيظ القرآن الكريم خارج المساجد أو الجهات المصرح بها من قبل السلطة المختصة، والمشاركة بأي أنشطة إعلامية من دون إذن مسبق من السلطة المختصة، وجمع التبرعات أو المساعدات المالية أو العينية لشخصه أو للغير». مبادرات الإمارات في هذا المجال، وبالذات ما يتعلق منها بتنظيم الخطابة في المساجد، ساعدت على الارتقاء بالخطاب الديني وحمايته من شطحات خطابات التعصب والتطرف والكراهية التي تعصف بمنابر مجتمعات تعاني من انفلات ذلك الخطاب بصورة كارثية، قادت إلى نتائج دفعت ثمنها باهظاً. وهو ما تطرق إليه معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح في تصريحاته لوكالة الأنباء الألمانية «د ب ا»، عندما تحدث عن نتائج تعامل «الدول الأوروبية» بحسن نية عندما سمحت لمتطرفين بإدارة مساجدهم ومراكزهم التعليمية، واستغلت الجماعات المتطرفة، وبالذات «الإخوان الإرهابية»، منابر المساجد لنشر خطابات الكراهية والتطرف، واتخذت من بيوت الله ودور العبادة أماكن لتجنيد المغرر بهم، وإرسالهم إلى بؤر القتال في أفغانستان والعراق وسوريا، وغيرها، ناهيك عن تنفيذ عمليات إرهابية ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء في مناطق عدة من أوروبا التي فتحت لهم أبوابها، وأغدقت عليهم من الرعاية الشاملة الكثير، ومنحتهم جنسياتها، ومع هذا قلبوا لها ظهر المجن. وكل التحية والتقدير للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف وهي تنهض بمسؤولية عظيمة، لجعل مساجدنا منارات لنشر سماحة ديننا الحنيف وقيم الاعتدال والوسطية.